تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

شمالي صعدة ...هامش التاريخ

 

 
 
أيام.. أسابيع.. بل أشهر وربما سنوات. إنها الحرب في اليمن. مسلسل عربي آخر من حلقات لا تنتهي. مشاهد القتل والدم والدمار حقيقية وليست تمثيلاً. العرب يتفرجون ويستمتعون ولا أحد يحرك ساكناً. الجامعة العربية غير معنية بالأمر. القادة العرب لايبالون، وربما لم يسمع بعضهم بما يجري في اليمن... داحس والغبراء وناقة وبعير. يا إلهي لم نكمل فرحتنا بعد بوحدة اليمن حتى بدأت الأمور تسوء.
الحرب في اليمن بين اليمنيين أنفسهم. لايهم من هو على حق، فالإثنان في النار إذا كانا مسلِمَين. نحن  لسنا مع أي من الطرفين، نحن مع اليمن الآمن المزدهر المستقر، ولكن أين هو؟!
يتباهى طرفا النزاع اليمني بعدد القتلى الذي يتسبب به كل طرف للآخر، كأنهم في مزاد. تُقتل الأطفال والنساء ويشرد الشعب وتدمّر المباني ويخرّب الاقتصاد وتزرع الكراهية ويتغلغل الحقد والخوف من الغد الآتي. أجل، أقوياءٌ نحن العرب على بعضنا، ولكن ليس على أعدائنا. ترى، كم عام سيحتاج اليمنيون لينسوا الآلام التي تسببها هذه الحرب الشرسة البغيضة.
أراقب القنوات الفضائية وهي تبث آخر أخبار القتل والدمار في اليمن.. عناوين الصحف مليئة بأعداد القتلى والجرحى والمهجّرين. ألوان الموت كثيرة ومتعددة وهي تطال وجوه أناس مساكين لاناقة لهم ولا جمل. لاقصص عن الذين يموتون ولا حكايات ولا وصايا لهم. أصبحوا أرقاماً في بيانات النصر والهزيمة. نحن على أبواب الشتاء. ترى أليس هناك من مجال للصلح والمفاوضات والتسويات!! آه من مضاضة ظلم ذوي القربى، إذا كان الكره والحقد والجهل عميقاً لهذه الدرجة بين الأخوة الأعداء، فكيف لهذه الأمة أن تقوم وتنهض؟! سؤال لا أريد أن أفكر فيه لأنه يكاد يخنقني. ولكن أما من أحد تعب من القتال؟ أما من أحد يفكر بالتراجع ولو للحظة وإعطاء المجال للعقل ليقوم بدوره ولو مرّة واحدة؟ مسكين هو جنوب الأمة العربية من اليمن إلى الصومال والسودان.
لا يوجد عذر مهما كان يمنع إيقاف هذه الحرب الشريرة القذرة. لايبرر أي سببٍ، مهما عظم وكان وجيهاً، قتل الأخ لأخيه. يجب أن توقف هذه الحرب المدمّرة بأي وسيلة كانت، وعلى العرب العمل معاً لتحقيق ذلك. هذه اللامبالاة سوف تنعكس بالسوء على الجميع عندما تحين لحظة الحقيقة.
ترى هل هذه الطريقة المثلى لنكون في واجهة الأخبار ومواضع الاهتمام؟! لا نريد لليمن أن يعود للوراء أكثر مما هو الآن. بعد حين سوف يتم خلق مشكلة أخرى في بلد عربي آخر لتنشغل الأمة بها، ويتحول اليمن إلى مشهد ممل، ثم يصير مكرراً وممجوجاً، فيحتل الاهتمام الثاني بعد مسلسل باب الحارة والزير سالم، ثم تأخذ المسلسلات الجديدة التي يؤلفها بعض القادة في العراق جُلّ الاهتمام. بعد تسعين حلقة سوف يتم تشكيل الحكومة في لبنان.. سوف تقام الأفراح وتدق المزامير سبع ليال.. من سيفكّر بعد ذلك بما يجري في اليمن الحزين؟!! لن تجدي رايات الدم والموت.. سيمضي هذا الوطن ليستقر في أسفل التاريخ وعلى هامشه، ولن يُسجَّل المنتصر الخاسر في عداد الفاتحين. فمعارك العبث لاتهم الآخرين
                                                                                                                              .بديع عفيف
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.