تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الشـــراكــة الاوربيه و مصـلحة سورية

فتح الرئيس بشار الأسد باب النقاش واسعاً حول اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حين أكد أن دمشق لن توقع على هذه الاتفاقية في حال لم تكن في مصلحة سورية.

كلام الرئيس الأسد أمام مجموعة من الإعلاميين السوريين الذين رافقوه في زيارته الأخيرة إلى العاصمة الكرواتية زغرب، جاء في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن أسباب تأجيل دمشق موعد توقيع الاتفاقية سواء كان هذا التأجيل سببه سياسياً أم اقتصادياً أم في الشكل أم الرموز.
الرئيس الأسد كان أكثر من واضح حين أكد أن سورية كانت ولا تزال تدعم الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لكن ليس على حساب مصالحها، وما كان صالحاً عام 2004 حين تم التفاوض مع الأوروبيين لم يعد كذلك اليوم، لذلك فإن التوقيع يحتاج إلى نقاش قانوني وفني واسع ونقاش على المستوى الوطني.
الرئيس الأسد كشف أمام الإعلاميين أنه طلب من كل وزراء الحكومة ومن الفعاليات الاقتصادية دراسة تأثيرات هذه الاتفاقية في مختلف قطاعات الاقتصاد السوري، وأين تستفيد سورية وأين تخسر، وما المدد الزمنية والمراحل التي سيضطر الاقتصاد السوري إلى تجاوزها قبل أن تحقق الاتفاقية فوائد لسورية، ومن ثم تخدم مصالحها؟
ويقول الرئيس الأسد: إن الاقتصاد السوري قطع أشواطا جيدة في النمو والتطوير لكن ليست كافية بحيث يصبح منافساً للاقتصاد الأوروبي، وانطلاقاً من ذلك يجب دراسة اتفاقية الشراكة جيداً لمعرفة أين وكيف يمكن للاقتصاد السوري أن يستفيد.
بات واضحاً أن سورية ليست بصدد تقديم أي مجاملات سياسية على حساب مصالحها الوطنية، وهذا الأمر ليس بجديد على الرئيس الأسد، الذي في غمرة الضغوطات السياسية كان يرفض تقديم أي تنازل ولو كان رمزياً، وكان باستمرار يُعلي مصلحة الوطن على أي مصالح أخرى رافضاً مبدأ التسويات أو الصفقات التي كانت تخدم سورية مرحلياً لكنها عملياً تضر بمصالحها العليا وبمستقبل أجيالها.
يشرح الرئيس الأسد الموقف من توقيع اتفاقية الشراكة بأن السنوات الماضية أثبتت بأن السوريين قادرون على إصلاح نظامهم الاقتصادي والانفتاح على العالم دون مساعدة أو شراكة أو حتى دعم الأوروبيين، وأن دمشق لا ترى ضرورة الاستعجال في التوقيع بل تفضل مناقشتها ودراستها قبل أن تتخذ أي خطوة في هذا الاتجاه لإيمانها بأن الشراكة يجب أن تعود بالفائدة على السوريين والأوروبيين بشكل متكافئ، وأن تكون بين طرفين صديقين يدعم أحدهما الآخر ولا يتدخل أي منهما في قرارات الآخر وسيادته، فهذا هو مفهوم الشراكة كما تراه دمشق، وهذا ما سيتم مناقشته في الأيام المقبلة بين مختلف القطاعات السورية.
لم يخف الرئيس الأسد انزعاج دمشق من طريقة وشكل إعلام السوريين بموافقة الأوروبيين على توقيع اتفاقية الشراكة بعد أن جمدوها خمس سنوات، كما لم يخف انزعاج سورية من مواقف بعض العواصم الأوروبية ولاسيما تلك التي تتفنن في إعطاء دروس في حقوق الإنسان ثم ترفض التصويت على تقرير غولدستون أو تمتنع عنه، وكذلك موقفها من حصار قطاع غزة أو إبان العدوان عليه، فالرئيس الأسد لا يريد شراكة زائفة مع الأوروبيين بل يريدها شراكة حقيقية في السياسة كما في الاقتصاد، وهو يوضح أمام الإعلاميين أن سورية ليست بصدد البحث عن شراكة من أجل رمزيتها بل سورية تريد شراكة فعلية شبيهة بالشراكة مع تركيا، والتي ترتكز أساساً على الثقة بين البلدين والشعبين قبل أي شيء آخر، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على صدقية دمشق تجاه الشركاء الذين تبحث عنهم في أوروبا أو في مختلف أرجاء العالم.
إذاً، الرئيس الأسد فتح باب النقاش، وعلى كل السوريين الآن في مختلف القطاعات أن يدرسوا جيداً كيف ومتى وأين يمكن لسورية أن تستفيد من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بحيث تتحقق مصلحة سورية، كما سيترتب عليهم الإجابة عن هذا السؤال الواضح: هل سورية في ظل الظروف التي تعيشها اليوم بحاجة إلى توقيع هذه الشراكة أم لا؟
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.