تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المناورات الأميركية الاسرائيلية المشتركة وأهدافها

 
قبل أكثر من أسبوع بدأت المناورات العسكرية الأميركية الاسرائيلية المشتركة والواسعة جداً، والتي سميت بـ "جونيفر كوبرا"، وهي المناورات الأولى من نوعها من حيث:-
·        العدد الكبير من القوات المشاركة فيها، ونوعية هذه القوات، إذ أنها نخبة معينة متخصصة بشؤون الدفاع الجوي الصاروخي، وفي الدفاع المدني.
 
·        التركيز على موضوع وهدف أساسي واحد ألا وهو التصدي للصواريخ الموجهة إلى إسرائيل، وكيفية تعامل الجبهة الداخلية مع صواريخ وصلت إلى إسرائيل وأصابت العديد من الأهداف سواء المدنية أو العسكرية.
 
·        طول فترتها الزمنية إذ أنها تستمر لثلاثة أسابيع على الأقل.
 
·        عدم إقتصارها على منطقة محددة بل شملت مساحات شاسعة من اسرائيل وخاصة المناطق الساحلية.
 
·        الإعلان عن القيام بهذه المناورات مسبقاً إذ أن العادة المتبعة هو الإعلان عن أي مناورات بعد إجرائها وإنهائها.
 
هذه المناورات العسكرية لم تأت كرد فعل على إلغاء تركيا لمناوراتها العسكرية السنوية المشتركة مع اسرائيل وقوات "الناتو" (الحلف الأطلسي)، بل كان معداً لها منذ عدة شهور، وخاصة بعد أن توفرت المعلومات عن تعاظم القوة الصاروخية الايرانية، وامتلاك إيران لصواريخ يصل مداها إلى العمق الاسرائيلي، وكذلك لمعرفة اسرائيل واميركا أن لدى سورية قوة صاروخية لا يستهان بها، وإذا ما إندلعت مواجهة عسكرية، فإن سلاح الصواريخ هو الذي سيحسم المعركة، وليس سلاح الجو كما كان في السابق مع أهمية وجود سلاح جو قوي.
 
أما أهم أهداف هذه المناورات فتنحصر في الآتي:-
1.    التدريب المشترك على مواجهة الصواريخ التي قد تطلق على اسرائيل في مواجهة عسكرية قادمة، وخاصة من إيران أو سورية وكذلك حزب الله، وكيفية التصدي لها من خلال أجهزة دفاع جوي متطورة مثل "السهم2"، وباتريوت.
 
2.    تعاون بين شبكتي الدفاع الجوي الصاروخي الاسرائيلية والأميركية إلى درجة الربط بينهما ليشكلا نظاماً واحداً موحداً في رصده وتصديه لأي صاروخ منطلق نحو اسرائيل، أي تحسين التعاون وتوحيد المنظومتين ليعملا معاً في آن واحد.
 
3.    توفير أجهزة رادار أميركية متطورة لاسرائيل ونصبها في أماكن عدة من اسرائيل، وخاصة الرادار المتطور جداً والذي تم الحديث عنه منذ فترة طويلة والمرتبط مع الأقمار الصناعية، وبالتالي تعزيز شبكة الدفاع الجوي الصاروخي الاسرائيلي.
 
4.    التدريب على كيفية معالجة الحالات الناتجة عن وقوع صاروخ معادٍ في أية منطقة من المناطق من خلال تعاون القوات مع الجبهة الداخلية في اسرائيل.
 
أما الرسائل التي أرادت كل من اسرائيل واميركا توجيهها للعالم بشكل عام، ولدول المنطقة بشكل خاص، فيمكن أن تكون على النحو الآتي:-
الرسالة الأولى موجهة لكل من يراهن على توتر العلاقات الاميركية الاسرائيلية، وخاصة في عهد إدارة الرئيس اوباما، وتقول أن التحالف الاستراتيجي قوي ومتين، وليس باستطاعة اوباما أو أي رئيس اميركي المس به، وان أي اعتداء على اسرائيل لن تسمح به اميركا بتاتاً. فالرسالة الثانية تقول أن اميركا لن تتردد في الدفاع عن اسرائيل فوراً وبمشاركة قواتها في حالة تعرضها لأي هجوم صاروخي، وان على من يفكر بذلك أن يحسب لرد الفعل العسكري الاميركي أيضاً، إذ أن وجود اسرائيل لن يكون في خطر، ولن تسمح اميركا بأن يكون في خطر مهما كلف ذلك، وأي اعتداء على اسرائيل هو بمثابة إعتداء على الجيش الاميركي في المنطقة.
أما الرسالة الثالثة فمفادها أن أميركا تزود اسرائيل بأحدث وسائل الدفاع الصاروخية الجوية، وأن التعاون وصل إلى حد توحيد شبكتي الدفاع الصاروخية، وتم التدرب على ذلك، وعلى التصدي لمختلف أنواع الصواريخ، وأن على قوى المنطقة الإدراك بأن اسرائيل قوية وقادرة على الدفاع عن نفسها.
وتقول الرسالة الرابعة أن التحالف العسكري الاسرائيلي الاميركي يضعف مطالب أي إدارة اميركية من اسرائيل، وها هو مطالب الرئيس اوباما بوقف البناء في المستوطنات فقد فاعليته، وأن هذا التحالف استطاع في الآونة الأخيرة الحصول على تأييد عدد كبير من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب من الحزب الديمقراطي للموقف الاسرائيلي، وبالتالي الضغط على اوباما لعدم "مضايقة" أو "إحراج" اسرائيل أو حتى التفكير بـ "التخلي" عنها سياسياً... حتى وصل الأمر إلى تفكير عدد كبير من أعضاء الحزب الديمقراطي بعدم السماح لاوباما أن يرشح نفسه لولاية ثانية إذا بقي مسايراً للعالم الاسلامي ويقترب منه على حساب اسرائيل.
 
أما المعاني المستخلصة من إجراء مثل هذه المناورات فهي عديدة ومن أهمها:-
·        تعيش إسرائيل حالة قلق كبير لتعاظم القوة الصاروخية للعديد من الدول الاقليمية، وبالتالي فإن قوة ردعها التي كانت معتمدة على سلاح الجو القوي قد ولّت، وخاصة بعد حرب تموز عام 2006 إذ أن حزب الله صادر هذه القوة والهيبة، وبدأت اسرائيل تحسب ألف حساب قبل شن اعتداء عسكري على أية دولة.
 
·        المناورات هي لرفع المعنويات داخل اسرائيل، وللتأكيد للشعب الاسرائيلي أن اسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها في وجه الأخطار "الصاروخية" المحدقة بها الآن، وبالتالي التخفيف من الهجرة المعاكسة أو منع وقوعها وخاصة إذا ما إندلعت مواجهة عسكرية مستقبلاً، لأن الأمر الذي يعني القيادة الاسرائيلية هو عدم انهيار الجبهة الداخلية، من خلال قيام الاسرائيليين بترك اسرائيل وخاصة أن حوالي مليون ونصف منهم – وعلى الأقل – يحملون جنسيات أخرى بالاضافة إلى جواز السفر الاسرائيلي. وان قوة الدفاع الصاروخية قادرة على إفشال أي هجوم، وأن الجيش الاميركي – وفي حرب قادمة – سيكون مشاركاً في الدفاع عن اسرائيل، ولن تكون لوحدها في الميدان.
 
·        الإعلان عن القيام بهذه المناورات لإبلاغ الدول "المعنية" أن من يعتدي على اسرائيل يعتدي على أميركا، وبالتالي الهدف منه هو رفع المعنويات الاسرائيلية، وكذلك الطلب، وبصورة غير مباشرة، بعدم خوض غمار هكذا حرب لأنها ستكون مدمرة، ولن تحقق أهدافها إذ أن اسرائيل حقاً وحقيقة وفعلاً هي "ولاية أميركية"، ولا يمكن جني أي شيء عبر الحرب أو المواجهة العسكرية.
 
إن توجه إسرائيل في الآونة الأخيرة نحو الإعلان، وبشكل مقصود ومبالغ به، عن إجراء قواتها لمناورات عسكرية وبصورة مستمرة، ومنها الاعلان عن هذه المناورات الضخمة مع القوات الاميركية، لدليل واضح على أنها تعيش في قلق كبير، إذ أن شرعية وجودها أصبحت موضع علامة استفهام كبيرة، فهي تحاول رفع معنويات مواطنيها وتشجيعهم على الصمود، وطمأنتهم وخاصة أن ما يسمى قوة الردع الاسرائيلية قد ولّت إلى ما لا نهاية.. وأنها تلتجيء الآن إلى لغة المفاخرة واستعراض العضلات والقوة لعلها تعطيها قليلاً من الطمأنينة، ولعلها أيضاً تحذر العرب من مواجهة عسكرية هي في الواقع تخشى من تداعياتها..
                                                              جاك خزمو
                                                       رئيس تحرير مجلة البيادر
                                                              القدس الشريف
                                                              31/10/2009


 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.