تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بين ثقافتي النقد والإنجاز

ثمة إشكالية مهمة يجب الوقوف عندها كثيراً عند الحديث عن عملية البناء والتنمية ودور الأفراد والمؤسسات في ذلك، وهي تتعلق أساساً ببنية ثقافية وأعني بذلك بنية الأفراد وبنية المؤسسات،

 
فمن السهل جداً على أي شخص أو مؤسسة ما تبيان سلبيات أو إيجابيات هذا الشخص أو ذاك أو هذه المؤسسة أو تلك، وعلى قدر أهمية ذلك من منظور نقدي إلا أن المسألة تكمن في سؤال مهم وهو إلى أي مدى يمكن للناقد أن يمارس سلوكاً عملياً، لو كان في موضع المنقود وبمعنى أدق هل سيمارس سلوكاً مغايراً ينسجم فيه مع ما يطرحه من أفكار نقدية؟ وإلى أي مدى يمكن أن يشكل حالة انسجام وتوافق بين قوله وفعله، وهل يكفي لشخص ما أن يكون بارعاً في النقد والتشخيص لكي يصنف في قائمة المتميزين أم أن المهم هو البراعة في الإنجاز وليس في النقد ورب قائل يقول وهو أمر منطقي كيف يمكن لنا أن نطور أداءنا، إن لم نمتلك خاصية النقد والتشخيص؟ وهنا تبرز أهمية النقد الايجابي لا التوصيف السلبي القائم غالباً على انطباعات عامة أكثر منه تشخيصاً دقيقاً للحالة المراد تقويمها عبر فعل ايجابي ومسؤول، وبمعنى آخر هل يكفي أن يحدد الطبيب المرض دون أن يباشر العلاج؟ إن نظرة إلى أداء مؤسساتنا على مختلف مستوياتها ومهامها وطبيعة عملها سواء كان خدمياً اقتصادياً أم سياسياً وأقصد بالسياسي أداءنا الداخلي، تجعلنا نخرج بخلاصة مفادها أن هناك حالة عدم رضا عن مستوى الأداء عند بعض مؤسساتنا المهمة سواء على صعيد الأداء المؤسسي أم على صعيد التعبئة والدور الثقافي والاجتماعي، وما يشكله ذلك من أساس لتشكيل مركبات الواقع بما يتلاءم وينسجم ويتفاعل مع مفردات التطوير والتنمية التي تشكل الهاجس الاساسي للمواطن والدولة، علماً أن مشروعية استمرار هذه المؤسسات تتوقف على مدى قدرتها في انجاز المشروع الاقتصادي والسياسي والثقافي الذي تتبناه الدولة.‏‏
 
في الكلمة المهمة التي ألقاها السيد الرئيس بشار الأسد في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر القطري العاشر وفي حديث سيادته عن معوقات عملية الإصلاح، أشار إلى أن أهم تلك المعوقات هو ضعف البنية الإدارية وعدم كفاية الكوادر المؤهلة وكثافة المشكلات التي تواجهها وتشابكها نتيجة تراكمها المزمن، يضاف إليها التأثير السلبي للظروف الدولية والأحداث التي مرت بها منطقتنا، والواضح أن السيد الرئيس تحدث عن الفترة التي سبقت انعقاد المؤتمر ثم بين السيد الرئيس في نظرته للمستقبل بناء على معطيات توفرت للمرحلة القادمة : إن ما يدعونا للتفاؤل في المرحلة المقبلة هو أن جزءاً هاماً وأساسياً من التشريعات الضرورية قد تم إنجازه وهذا يشكل قاعدة واسعة في حال تم تحسين الإجراءات وتجاوز المعوقات الذاتية وذلك بالتوازي مع اختيار الأشخاص الذين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والإيمان القوي بالمشروع الوطني التنموي الذي نقوم به.‏‏
 
والواضح أن السيد الرئيس بعد تشخيصه للحالة في إطار الواقع والأفق المستقبلي، ربط ربطاً قوياً بين عملية التنمية، أي المشروع الوطني للتطوير، وبين القدرة على دفع قيادات على مختلف المستويات سمتها الأساسية أن تكون ذات كفاءة عالية ونزاهة، والأهم من ذلك أن تكون مؤمنة إيماناً قوياً بالمشروع الوطني التنموي، والسؤال المهم هو: أمام هذا التوصيف والتشخيص الدقيقين ومع مرور أكثر من أربع سنوات على ذلك - الخطاب البرنامج - والذي يشكل بكل المعاني السياسية والحزبية والقانونية والأخلاقية راشدة لنا جميعاً، أليس من الواجب علينا أن نسأل مؤسساتنا على مختلف المستويات والمهام إلى أي مدى كانت متفاعلة ومتمثلة في سلوكها وأدائها مع هذه الجزئية المهمة من ذلك الخطاب وهل من مبرر موضوعي لعدم الانخراط فيه ذهنياً وعملياً جزئياً أو كلياً مع تأكيدنا وقناعتنا أن ثمة مؤسسات وأفراداً تعاملوا بكفاءة وحس عال بالمسؤولية مع موجبات الخطاب ومندرجاته فحققوا إنجازات مهمة انعكست ايجابياً على المسار التنموي في بلدنا، فشكلوا حضوراً جماهيرياً وسياسياً وإعلامياً يتناسب مع ما أنجزوه، وهنا تبرز أهمية الدفع بتلك القوى ليتعزز نهج ثقافة العمل، الانجاز وعلى قاعدة أن الوطنية تعمل وتنجز ولا تتكلم فقط؟‏‏

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.