تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

القرار 1887فرصة لإثبات المصداقية

اعتمد مجلس الأمن الدولي، يوم 24/9/2009 بالإجماع قراراً وزّعته الولايات المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية في العالم ونزع التسلح وذلك في اجتماع استثنائي لزعماء الدول الأعضاء ترأسه الرئيس الأميركي باراك أوباما
وأكد القرار، الذي يحمل الرقم 1887، على حق مجلس الأمن في تناول حالات الدول التي تخرق الالتزام بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وتحديد ما إذا كانت تمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. كما دعا الدول غير الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي إلى الانضمام إليها في أسرع وقت ممكن، مطالباً تلك الدول بالالتزام بنصوصها.
وإذا كان القرار قد تم اتخاذه ليطبق، فإنه يعتبر بادرة أولى باتجاه نظام عالمي جديد يخلو من خطر الأسلحة النووية، ويسوده التعاون والتفاهم بين دوله، ولاسيما بين الدول الخمس الكبرى الدائمة والفاعلة في مجلس الأمن، وهو ما قد ينعكس إيجاباً على عمل المنظمة الدولية العجوز؛ الأمم المتحدة.
وإذا كان للقرار أن يطبق فإنه يجب أولاً إلزام الدول غير الموقعة على معاهدة منع الانتشار النووي المسارعة بالانضمام إليها بأسرع وقت. ويأتي في مقدمة هذه الدول إسرائيل التي تعتبر القوة الذرية الوحيدة في الشرق الأوسط، والتي لم توقع حتى الآن على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ولا توافق سوى بشكل محدود على حملات تفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وحسناً فعلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قبل أيام، بأن أعربت عن قلقها حيال ترسانة إسرائيل الذرية، ودعوتها الدولة العبرية الى التخلي عن السلاح النووي، وإن جاءت هذه الدعوة متأخرة جداً. وهي المرة الأولى منذ 1991 التي يتم فيها اعتماد قرار من هذا النوع ضد إسرائيل.
وإذا كان للقرار الدولي أن يطبق أيضاً، فإنه لابد من إيجاد آلية للمراقبة والتفتيش، تكون "حيادية بامتياز" تبدأ عملها من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن حتى تكون قدوة لغيرها من الدول. ويجب أن تضمن هذه الآلية أن لا يكون هناك ازدواجاً في المعايير وانتقاء في التطبيق، حتى لا يتحول القرار1887، إلى ذراعٍ طويلة أو سوطٍ للضغط على بعض الدول مثل إيران وكوريا الشمالية وربما سورية أو غيرها. أما محاباة إسرائيل واعتبارها فوق القانون، فإنه لن يحل المشكلة، بل سيعقدها، وسيؤدي إلى المزيد من انتشار الأسلحة النووية في العالم ولاسيما في الشرق الأوسط، أكثرُ منطقةٍ متفجرة على وجه الأرض.
وفي هذا السياق فإن عدم تطرق الرئيس باراك أوباما أو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أو رئيس الوزراء البريطاني براون الى الترسانة النووية الإسرائيلية، الوحيدة في الشرق الأوسط، هو علامة سلبية، وربما دليل على الكيل بمكيالين في هذا الأمر، وهو قد يسبب "نقذة" عند الدول الإقليمية ولا يطمئنها إلى مستقبل المنطقة ولا يؤشر إلى حسن النيات.
ورغم اعتبار أنّ القرار 1887 يشير إلى تحول مهم في الموقف الرسمي الأميركي من منع الانتشار النووي، فإننا نرى أن القرار يخلو من بنود ملزمة تتطلب من الدول النووية اتخاذ خطوات ملموسة لنزع ترسانتها النووية الخاصة.
إن حصر "الشر النووي" بإيران أو كوريا الشمالية والتعامي عن غيرهما، لن يحل المشكلة، بل سيعقدها. لأن هذه الدول ستعتبر التوجه إليها دون سواها هو استهداف لسيادتها واستقلالها وهو ما سيدفعها للتمسك أكثر بما تملكه من أرصدة نووية.
الفرصة سانحة الآن لتلعب الولايات المتحدة دوراً إيجابياً بالتحول من نظام الأحادية القطبية إلى النظام المتعدد الأقطاب، وأن تكون في مقدمة بناة النظام الجديد، لا حجر عثرة في طريقه. وقد أثبتت التجارب والسنوات الماضية أن الولايات المتحدة ليست قادرة وحدها على إدارة شؤون العالم ولا على حكمه، ولابد من أن تتعاون مع بقية أعضاء المجموعة الدولية لجعل العالم أكثر أمناً واستقراراً.
ويسود العالم حالياً، ولاسيما بعد رحيل إدارة بوش السابقة، ووصول إدارة الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض، ارتياح كبير، وقناعة بإمكانية العمل المشترك لبناء مستقبل أكثر إشراقاً وعالم أكثر سلاماً.
وإذا خلصت النيات فإنه يمكن العمل، ويجب العمل، معاً للتخلص من أطنان المتفجرات النووية وغير النووية التي تحيط بكوكبنا، ولمواجهة التغير المناخي ومشاكل الانحباس الحراري والفقر والمجاعة والأمراض والأوبئة وغيرها من التحديات التي لم تعد محلية أو وطنية أو إقليمية بل أصبحت دولية وعالمية وتهدد الوجود البشري كله دون استثناء
                                                                                                                                         .بديع عفيف
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.