تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

في زيارتيه الخارجية الأسد يؤكد أهمية دور سورية

 

في زيارتيه لكل من تركيا والسعودية
الرئيس الأسد يؤكد أهمية دور سورية على الساحة الاقليمية
وانه قائد كبير يملك رؤية استراتيجية مستقبلية ثاقبة
جاك خزمو
 
لبى الرئيس بشار الأسد في الفترة الأخيرة دعوتين مهمتين: الأولى للمشاركة في حفل إفطار جماعي أقامه حزب العدالة الاجتماعية الحاكم في تركيا، والثانية لحضور حفل افتتاح جامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز في السعودية.
في تلبيته للدعوة الأولى استطاع الرئيس الأسد أن يعزز العلاقات التركية السورية من خلال الاتفاق مع القادة السياسيين في تركيا، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان على اقامة مجلس مشترك للتعاون الاستراتيجي، وهذا ما يعكس قوة العلاقة القائمة بين تركيا وسورية في السنوات الأخيرة، وفي عهد الرئيس الأسد. وكذلك تم الاتفاق على الغاء التأشيرات واستخدام جوازات السفر في التنقل بين تركيا وسورية، مما يسهل حركة تنقل مواطني البلدين، ويؤكد أن هذه العلاقة بين الدولتين الجارتين وصلت إلى قمتها، وإلى أحسن أحوالها..
أما في تلبيته للدعوة الثانية، فقد أكد الرئيس الأسد أنه زعيم عربي كبير صادق وجاد في إعادة اللحمة العربية، وتوحيد المواقف العربية، والتنسيق والتعاون قدر الامكان بين كافة أقطارنا العربية، وأكد أيضاً أنه أكبر من كل الخلافات وصاحب صدر رحب وواسع، ورغم كل الفتور المصطنع في العلاقات العربية العربية، وخاصة بين سورية والسعودية، فإنه لبى الدعوة للمشاركة في افتتاح أكبر الجامعات السعودية التي تحمل اسم الملك عبد الله بن عبد العزيز، لأنه يؤيد ويدعم التقدم العلمي في عالمنا العربي، وهو يناصر كل جهد يبذل من أجل رفع عزة وكرامة وعلم وثقافة المواطن العربي أينما كان وحيثما تواجد.
في تلبيته لهذه الدعوة السعودية أخرس الأصوات التي كانت تسعى إلى التطبيل والتزمير للفتور في العلاقات، لأنها لا تخدم وطننا العربي، بل هي "أجيرة" أو عبدة لخصوم وطننا العربي، وكذلك فاجأ الكثير من المراقبين الذين اعترفوا بأن الرئيس الأسد ليس زعيماً عربياً فحسب، بل هو من القادة الكبار في العالم الذي يحسب الجميع له كل حساب، ويحترمونه لحكمته واتزانه وهدوئه في معالجة ومتابعة أي أمر أو قضية..
خلال هذه المشاركة في افتتاح جامعة الملك عبد الله جرى لقاء بين العاهل السعودي والرئيس الاسد استمر لساعتين كاملتين جرى خلاله بحث العديد من القضايا التي تهم العالم العربي، وفي مقدمتها إعادة اللحمة للمواقف العربية لمواجهة الأخطار القادمة والمحدقة، بعد أن فترت وهدأت الهمة لتحقيق ذلك بمبادرة من العاهل السعودي في قمة الكويت الاقتصادية التي عقدت قبل أكثر من ثمانية شهور، وها هو الرئيس الأسد يعاود ومن جديد تفعيل "الهمة" العربية مجدداً لأن الوقت ليس لصالح الأمة العربية إذا بقيت مشرذمة المواقف، وغاب عنها أدنى مستوى من التنسيق..
المباحثات الثنائية تركزت على رفض أية ضغوطات فيما يتعلق بالتطبيع مع اسرائيل مقابل تجميد الاستيطان، لان قبول التطبيع قبل انهاء الاحتلال الاسرائيلي لأراضينا العربية يعتبر التفافاً إن لم يكن قضاء للمبادرة العربية التي أقرت في قمة بيروت عام 2002 وأعيد اقرارها في قمة الرياض عام 2007. وأكد الزعيمان على تمسكهما بهذه المبادرة، ولن يسمحا بقيام أي تطبيع مع الكيان الاسرائيلي إلا بعد إنهاء الاحتلال كاملاً...
وتم أيضاً خلال هذه المحادثات المهمة جداً بحث موضوع لبنان، وضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وموضوع العراق وما يعانيه من الارهاب، واتفقا على مواصلة التشاور والتباحث والاتصال فيما بينهما..
لقد جاءت زيارة الأسد للسعودية بعد أن ترددت أنباء عن رغبة العاهل السعودي في زيارة دمشق، لكن موعد هذه الزيارة لم يحدد، وتوقع كثيرون أن تكون قد تمت قبل شهور، ولكن الرئيس الأسد يدرك الضغوطات الممارسة على السعودية من قبل العديد من الاطراف لمنع أي تقارب سوري سعودي، ويدرك أن لهذا التقارب آثاره الايجابية على مختلف القضايا العربية، ولذلك فإن الرئيس الأسد استثمر الدعوة للمشاركة في حفل افتتاح الجامعة وللقاء العاهل السعودي الملك عبد الله، وليؤكد له أن سورية فوق كل الجراح، وان سورية أكبر من أن تنشغل في قضايا ثانوية تبعدها عن هدفها الأساسي ألا وهو توحيد الصف العربي لمواجهة الأخطار المحدقة بكل قطر من أقطارنا العربية.
لقد كان لهذه الزيارة أبلغ الأثر في نفوس القيادة السعودية، وخاصة الجزء منها المتمسك بالعروبة الرافض لكل محاولات ابعاد السعودية عن اخوانها وأصدقائها العرب، وكذلك أدهشت الكثيرين الذين لم يتوقعوا أن يقدم الرئيس على مثل هذه الخطوة الشجاعة والجريئة ذات الأهمية السياسية الكبيرة.
لقد ساهمت الزيارة في ازالة الكثير من العقبات ولكن ما زالت العلاقات بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لاعادتها إلى حالتها الطبيعية التي كانت قبل سنوات عديدة.
لقد أظهر الرئيس الأسد لا بل أكد أنه قائد محنك لا يفكر بتوافه القضايا، بل بجوهر الامور، ويمتلك رؤية ثاقبة بعيدة المدى، لأنه يفكر في المستقبل، ويقرأ الوضع قراءة استراتيجية سليمة ثاقبة وبكل ذكاء، وهذا القائد العربي الفذ قاد سورية في أحلك الظروف وأصعب المعطيات الدولية، واستطاعت سورية عبر قيادته الرزينة تجاوز كل الضغوطات والحصارات والاتهامات المفبركة الموجهة إليها، لتؤكد أنها جزء مهم من هذه المنطقة، ولا يمكن لأحد أن يتجاوز دورها وموقعها وفاعليتها، وأن من يوجه السهام إليها سترتد عليه عاجلاً أم آجلاً لانها قوية بقيادتها وشعبها وبتمسكها بثوابتها الوطنية ومطالبها العادلة والمشروعة وفي مقدمتها ازالة الاحتلال عن جميع الأراضي العربية المحتلة منذ حزيران 1967 وليس فقط عن الجولان السوري المحتل.
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.