تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

شتائم بمناسبة العيد

لم يكن متوقعاً ابدا ان تعايد جريدة (البعث) المراسلين الصحفيين السوريين عشية العيد بسلة غنية من الشتائم تبدأ من الاتهام بالفبركة والتقول الكذوب ولا تنتهي عند حدود التجريد من الكرامة الإنسانية والانتماء الوطني!!

قبل أن يشد المراسلون الرحال لقضاء إجازة العيد، طلع عليهم كاتب “روائي” عضو في اتحاد كتاب العرب ورئيس تحرير لإحدى دورياته، بمقالة تحت عنوان (كي لا أزيد الطين بلة) نشرته (البعث) كال فيها أرطالاً من الألفاظ القبيحة بحق من أسماهم “بعض الكتبة والصحفيين السوريين”، منطلقاً من “غيظ كثير” ربما من مراسل كتب ما لا يروقه، فاستخدم كلمة “بعض” في بداية المقالة، وكانت منصة لتوجيه رشاش حقده وضغينته الى جميع المراسلين الصحفيين السوريين الذي يعملون في بعض الصحف العربية في لبنان ومصر والخليج. ثم زاد الطين الذي غاص فيه بلة، عندما قال البعض من دون تحديد صفات هؤلاء الذين يقصدهم، هل هم جميع المراسلين في كل المجالات؟
 عدم تحديد الكاتب وتخفيه وراء كلمة “بعض” لم يمنع طراطيش كلماته المعيبة من الوصول الى كل المراسلين، لأنه في متن المقالة نعتهم بـ”هؤلاء الخلق” وحدد أنه “يعني المراسلين الصحفيين”، قائلاً عنهم أي الكل وليس البعض أنهم “لا يجيدون الكتابة إلا عن الأذيّات التي تصيب الأشخاص والمعاني”، واضاف إضافة تطفح بالكراهية: “إنهم خلق يمشون في درب زيتي ينزلق بهم منذ الخطوة الأولى” والتي هي بحسب عرفه “أن الصحف التي يراسلونها لا تنشر لهم شيئاً مكتوباً إلا إذا كان طافحاً بالنقمة، والسوداوية، والأسى العميم” والخطوة الأولى في ذلك الدرب يقود هؤلاء المراسلين “إلى اللعنة الأبدية، فيغدو الواحد منهم كائناً لا علاقة له بالإنسانية، ولا بالوطنية أيضاً، لأنه لا يكتب إلا الخبريات الشائنة التي يشكل اجتماعها، وتكرار ظهورها، وكثرتها.. تسويداً لصفحة البلاد والعباد معاً، وبذلك تكتب اللعنة الأبدية عليهم حتى إن لم يسأل الواحد منهم لماذا يفعل هذا؟!”.
لم يقتصر الكاتب في توبيخه على المراسلين وتجريدهم من الإنسانية والوطنية كخلق أقرب إلى الوحوش، بل شمل في طريقه الصحف التي يراسلونها ووضعها في الخندق المعادي، ربما لاعتقاد الكاتب أن أجهزة الدولة السورية والجهات الوصائية المسؤولة عن عمل المراسلين غافلة، أو ربما جاهلة بما يعرفه هو، بصفته مكشوفًا عنه الحجاب ومن الأولياء الصالحين القادرين على استمطار لعنات من عيار “الأبدية” تاركاً صكوك غفرانه تتعفن في اتحاد الكتاب، فشاء أن ينبه إلى وجود هؤلاء الخلق أو الأصح المخلوقات المتوحشة التي تسرح وتمرح دون حساب أو عقاب.
لو شئنا الرد على كل كلمة وردت في تلك المقال لن يسعفنا قاموسنا الصحفي بكلمات مثل التي استخدمها، ليس لفقر قاموسنا، بل لأن النَفَس الذي نكتب به ليس كنفس ذلك الكاتب، فهو إذ وصف المراسلين بأنهم يكتبون بنفس “حامضية لعنية”، لن نقول له إن مقالك مكتوب بنفس متعفنة أعطبها الغل، وإنما سنتوقف عند مفارقة من المضحك صدورها عن شخص متمرس في الكتابة والعمل الصحفي (فقد كان من المتنفذين لسنوات طويلة في جريدة الاسبوع الأدبي)، وهي اعتباره أن “ما من عاقل عرف العتبات الأولى للكرامة الإنسانية، والانتماء الوطني، والثقافة الوطنية... يقبل أن يكون مصنفاً على أنه “مخبر” صحفي!!” و”إن رفض مثل هذا التصنيف أمر بدهي، فطرة خالصة، حس سليم، توجّه آدمي”.
ما يدعو للسخرية التباس معنى كلمة “مخبر” لدى الكاتب، بين المخبر الصحفي ناقل الأخبار للناس وبين المخبر الأمني جامع المعلومات للأجهزة المختصة، مع أنه في الحالتين لا تحمل كلمة “مخبر” اي معنى سلبي كي لا يقبلها الصحفي او أي “آدمي” كتوصيف لمهمته المهنية، فالمخبر الصحفي صفة اصطُلح عليها منذ فجر الصحافة، وكذلك كلمة “مُكاتب”. أما “مراسل” فقد دخلت حديثا إذ أنها تعني عامل الخدمة في المكتب. بينما صفة “مخبر أمني” اكتسبت معانيها السلبية في فترات شهدت ممارسات خاطئة من بعض ذوي النفوس الضعيفة الذين استغلوا سلطاتهم المحدودة في جمع المعلومات لترهيب الناس وكتابة وشايات كاذبة بهدف الأذية.
الواضح في المقال الذي نشرته “البعث” أن الكاتب خلط بين عمل ذلك الصنف من المخبرين وبين عمل المراسلين الصحفيين. ولو كنا نعرف الخلفية المهنية والنفسية للكاتب لاجتهدنا في تقصي أسباب هذا الخلط، سيما وأن هناك حوادث قد تكون مساعدة منها أن مسؤولاً رفيعاً في اتحاد الكتاب العرب خلال مشاركته في ندوة عن الإعلام العربي اثناء قصف غزة لم يقصر كالمعتاد في انتقاد الإعلام العربي، وحين رد عليه أحد المشاركين بأن الإعلام العربي تطور ولولا المراسلون العرب ما عرفنا شيئاً عن حقيقة ما جرى في غزة، وإن الذي تراجع هو دور المؤسسات الثقافية العربية في مواجهة الكيان الصهيوني، مشيراً الى اصدار دار نشر بريطانية كتابا تضمن عشر قصص عن عشر مدن متوسطية بينها قصة عن تل ابيب لكاتب إسرائيلي وبين العرب المشاركين أعضاء في اتحاد الكتاب، وبينما ضجت الصحف بهذا العمل التطبيعي، لم يحرك اتحاد الكتاب ساكناً. فكان جواب المسؤول الرفيع جداً: “إن أحدا لم يشِ لي بهذا!!”
 ربما هذا يضيء على الخلط بين دور الواشي ودور المثقف الكاتب عضو الاتحاد وأسباب التباس معنى كلمة “المخبر” وايضاً اسباب أخذ الكاتب على المراسلين سعيهم لطلب الرزق، فاتهمهم بالارتزاق، وهنا نسأله إذا كان هو يكتب في صحيفة البعث أو غيرها من الصحف مجاناً، أو أن لعابه لا يسيل على الجوائز الأدبية والدعوات الخارجية، وله في هذا المجال صولات وجولات؟
مع اسفنا لكل ما قيل في حق المراسلين الذين تحترق أعصابهم للحصول على المعلومة، وغالباً تحترق أصابعهم، إذا مسوا الخطوط الملتهبة ولو عن غير قصد، لن نعتب على هذا الكاتب ولا على غيره ممن يظنون حيط المراسلين واطئًا، فيقفزون عليه بسبب وبلا سبب، لأن العتب كل العتب على الجريدة التي استُخدمتْ منصة أكثر من مرة لقصف المراسلين الصحفيين الذين لا ذنب لهم سوى عشقهم لمهنة المتاعب.
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.