تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل تخدم المناورات الأمريكية الإسرائيلية صنع السلام؟

يشهد البحر الأبيض المتوسط في الأيام أو الأسابيع القادمة، مناورات عسكرية مشتركة أميركية إسرائيلية ضخمة. وستتركز هذه المناورات حسب ما تناقلت الأنباء على أساليب مواجهة أي هجمات صاروخية متزامنة ومتعددة المصادر على إسرائيل. وذكرت صحف إسرائيلية أن 15 قطعة بحرية أمريكية وقاذفة صواريخ وصلت إلى إسرائيل للمشاركة في المناورات الجوية التي ستشارك فيها طائرات أمريكية متمركزة في تركيا، وأنه هبطت في المطارات العسكرية الإسرائيلية طائرات «غالكسي» الضخمة التابعة لسلاح الجو الأميركي، حاملة منظومات دفاع جوي من طرازات مختلفة.

وذكر مصدر أمني إسرائيلي، أن وكالة الدفاع الأميركية ضد الصواريخ ستشغل منظومات في أوروبا أيضاً لمراقبة المناورة في إسرائيل، وستشارك في المناورة طائرات تجسس أميركية ستقلع من تركيا واليونان.
وفيما ذكرت صحيفة واشنطن بوست سابقاً، إن إسرائيل قامت ببناء واحد من أكثر نظم الدفاع الصاروخي تقدما في العالم، قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن الولايات المتحدة قد تترك عدة أنظمة صاروخية من طراز "باتريوت3" في إسرائيل بعد الانتهاء من المناورات.
ويرى محللون إسرائيليون ان "هذا النظام وصل الى مستوى النضج ويمكن ان يبدأ في تغيير طبيعة القرارات الإستراتيجية في المنطقة". ويحصل هذا المشروع على تمويل أميركي ويستخدم رادارات أميركية متطورة ووسائل تكنولوجية أخرى.
ويأتي كل ذلك في الوقت الذي تدعو فيه إسرائيل بشدة لاتخاذ إجراء دولي ضد البرنامج النووي الإيراني.
وفي البحث عن أهداف المناورة، نجد أن هدفها الأول هو الجانب العسكري والتكتيكي، أي، أي زيادة التنسيق بين ضباط الرادار والرقابة والسيطرة على منظومات الصواريخ المختلفة. ويستفيد الأميركيون من هذه المناورة بتشديد قدرتهم على التمييز بين منظومات الرقابة على الصواريخ التي تدخل طبقة الدفاع البعيدة والتي تشكل خطراً.
وفيما اعتبرت مصادر عسكرية إسرائيلية، ان هدف هذه المناورة "الثاني" هو ردعي عبر توجيه رسالة واضحة لإيران، فإن رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكنازي ترك الباب مفتوحا أمام خيارات عسكرية أخرى لمواجهة إيران في المنطقة، ولكن عن طريق توجيه ضربات عسكرية «موجعة للأذرع الإقليمية لإيران»، في إشارة إلى حزب الله وحركة حماس.
كما يلقي النمو المضطرد لنظم الدفاع الصاروخية الإسرائيلية الضوء على النهج العسكري لإسرائيل و"إحساسها بالخطر". وقال مسؤولون آخرون إن منظومة «القبة الحديدة» التي يبدأ العمل فيها العام المقبل يمكن أن تقدم بعض العزاء. وهذا ما يمكن أن يوضح الهدف الثالث لهذه المناورات وهو رفع المعنويات لدى الكيان الإسرائيلي، قيادة وجيشاً وشعباً، بعد التجربة الفاشلة في حربي تموز وغزة أمام المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وانكشاف الداخل الإسرائيلي أمام صواريخ المقاومة وأسلحتها المختلفة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل أن زيادة الترسانة العسكرية الإسرائيلية هي ما تؤمن حماية إسرائيل؟ وإذا كان جواب الإسرائيليين هو بالإيجاب، فلماذا لم تؤمن حمايتهم مع مرور الزمن رغم تفوقهم العسكري الكبير؟
إن تجارب التاريخ تؤكد أن القوة العسكرية مهما تعاظمت لم تؤمن الحماية يوماً للجهة التي امتلكتها، بل غالباً ما كانت هي نقطة الضعف التي قادت إلى تضعضع تلك الجهة، لأنها تحرّض الخصوم على التكتل لمواجهتها وتدميرها.
وإذا كنا لا نستغرب سياسة إسرائيل التي قامت على القتل والعدوان والحروب والقوة العسكرية، فإن ما يلفت هو مشاركة الولايات المتحدة، في هذه الفترة بالذات، بهذه المناورات التي تعطي فكرة سيئة عن الدور والأهداف والنّيات الأمريكية في المنطقة، وتشكك بما أعلنته وتعلنه الإدارة الأمريكية من جهود تقول إنها تبذلها لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. فأقلّه أن هذه المناورات ستساعد إسرائيل في تبني مواقف أكثر تسلطاً وعناداً ورفضاً للقرارات الدولية وللانسحاب من الأراضي العربية.
مهما يكن، فاحتلال إسرائيل للأراضي العربية وطرد السكان العرب من بيوتهم وأراضيهم وتشريدهم، وقيامها في بيئة ترفض وجودها وسياساتها التوسعية الاستعمارية المتغطرسة، ورفضها الانصياع لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، لن يمكّنها من البقاء في هذه المنطقة مهما بلغت من والتجبر والقوة. وما حرب تموز عام 2006 إلا خير دليل على تغير الموازين.
لن توفر القوةُ الأمنَ لإسرائيل، والسبيل الوحيد لإبعاد الخطر عن إسرائيل هو انصياعها لقرارات الأمم المتحدة والعمل على تحقيق السلام الشامل والعادل عبر الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وبذلك لن تكون "إيران" ولاغيرها تشكل خطراً على إسرائيل
                                                                                                                               بديع عفيف

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.