تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

محور الشرف

من تابع المؤتمر الصحفي الذي عقده السيدان الرئيسان بشار الأسد وأوغو شافيز، وما تضمنه من معانٍ ودلالات ومواقف ازداد لديه الأمل والتفاؤل بالمستقبل وترسخت لديه القناعة خاصة ما يتعلق منها بأهمية التنسيق والتشاور بين دول محور الشرق الذي سماه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش كذباً وبهتاناً (محور الشر).

 
ولا يخفى على أحد ما لذلك التنسيق والتشاور بين أطرافه من أهمية استثنائية في المرحلة الراهنة، ولاسيّما أن العلاقات الدولية تشهد مرحلة تحول في إطار تشكيل نظام دولي جديد؛ يختلف كل الاختلاف عما أطلقه عليه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش تسمية (النظام الدولي الجديد) وهو ما صوّبه السيد الرئيس بشار الأسد بتسميته: الفوضى الدولية انطلاقاً من حقيقة أن النظام يقوم على أسس شرعية ومقبولة من المجتمع الدولي تعبر عن مصالحه وتساهم في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وهو عكس ما كان قائماً في السابق حين كانت الحروب والصراعات والنزاعات هي العنوان العريض للحقبة البوشية سيئة الذكر.‏
 
والواضح أن النظام الدولي الجديد الذي تلوح إرهاصاته الأولى في الأفق سيختلف تماماً عما سبقه من أنظمة؛ حيث كان السائد هو وجود قطبين أو أكثر، كما كان بعد الحرب العالمية الأولى والثانية؛ وبعد انهيار نظام القطب الواحد الذي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية ترسيخه بالقوة وعبر ما سمي بالفوضى الخلاقة والحروب الاستباقية، ولعلّ السمة الأساسية للنظام الدولي المأمول على أنه يقوم على التكتلات الإقليمية أو الدولية، بمعنى أنه يقوم على الفضاء الرمزي أكثر مما يقوم على الفضاء المادّي، إنها تكتلات عابرة للقارات والدول على قاعدة أن العالم أصبح قرية صغيرة، وأن الجميع انخرط واندمج في شبكة اقتصادية وإعلامية عالمية واحدة كلياً أو جزئياً سواء رغب في ذلك أم لم يرغب.‏
 
وحتى لا يعتقد أحدٌ أن الحديث عن محور إقليمي وعالمي بعيداً عن تسميته خيراً أو شراً يدخل في إطار الخيال السياسي لابدّ من الوقوف عند النتائج السياسية التي حققها التضامن والتنسيق بين دول المواجهة وقوى ممانعة المشروع الأمريكي وكان أولها سقوط رموز ذلك المشروع سواء في أمريكا أم غيرها من الدول وحلول قوى أخرى تتبنى على الأقل خطاباً ومقاربة جديدة للعلاقات الدولية تُحل لغة الحوار بدل لغة القوة والمصالح المتبادلة بدل ما يسمى المصالح العليا للولايات المتحدة الأمريكية إضافة لمحاولة تصويب الانحرافات الحادة للسياسات السابقة.‏
 
وقد استطاعت دول المواجهة والممانعة للمشروع الأمريكي الكولونيالي تحقيق إنجازات مهمة، ففي أمريكا اللاتينية وقفت فنزويلا عبر قيادة الرئيس شافيز وخلفه جماهير الشعب الفنزويلي وشعوب أمريكا اللاتينية في وجه الهيمنة الأمريكية تجاه شعوب القارة الأمريكية في محاولة لإخضاعها ومصادرة إرادتها السياسية وإعادتها إلى مرحلة الخمسينات والستينات حين كانت دول أمريكا اللاتينية تنام على انقلاب وتستيقظ على آخر ونجح الرئيس شافيز في إبعاد الشبح الأمريكي عن وجوه أبناء تلك القارة.‏
 
وفي منطقتنا استطاعت قوى الممانعة والمواجهة لذلك المشروع كبح جماحه وإفشاله وتفكيك خططه ما جعله يعيد حساباته ويراجع سياساته ويتعامل مع القوى الفاعلة في المنطقة بلغة الحوار القائم على التكافؤ في المصالح واحترام إرادة الدول وسيادتها وقرارها الوطني المستقل وحقها في استعادة حقوقها المشروعة وهذا نجاح كبير في لغة الحسابات السياسية لأنه يؤسس لثقافة سياسية جديدة لم تألفها الدبلوماسية الأمريكية من قبل في تعاطيها مع دول المنطقة.‏
 
إن تلك النجاحات ما كانت لتتحقق ما لم تتوفر في تلك الدول قيادات شجاعة وجريئة ومناضلة ومؤمنة بقضاياها وقارئة لحركة التاريخ بحركتها لا بجمودها مستندة لقاعدة شعبية واسعة ورأي عام عالمي يقف إلى جانب الحق والعدل إضافة لاستثمارها لإمكاناتها ووزنها السياسي والاقتصادي وموقعها الجيوسياسي على الخريطة الدولية كل ذلك وهذا هو الأهم أنها بقيت متضامنة فيما بينها على الرغم من كل المحاولات اليائسة لاختراق صفّها وفك الروابط بينها سواء بالإغراء أم التهديد ما جعلها عنصراً أساسياً وفاعلاً في المشهد الدولي.‏
 
ولكي تزداد فاعلية محور الشرف هذا لابد من تعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وزيادة التنسيق بين دوله وهو ما أكد عليه السيد الرئيس بشار الأسد وكذلك الرئيس شافيز إضافة لتوسيع دائرته الإقليمية والعالمية ليضمّ دولاً وقوى أخرى حيث يتحول من محور إلى تكتل عالمي قاسمه المشترك الحفاظ على سيادة الدول ومصالحها المشروعة واحترام حق الدول والشعوب بالاختلاف وعولمة قيم الخير والعدالة والمساواة والحرية التي سعت كل الديانات والفلسفات منذ بدء الخليقة لتحقيقها.‏
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.