تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لماذا تخريب العلاقات السورية العراقية؟

أصبح واضحاً أن الأزمة التي شهدتها العلاقات السورية العراقية خلال الأسبوعين الأخيرين هي ترجمة عملية لقرار عراقي داخلي إقليمي ودولي بعدم جواز حصول تقارب بين الركنين الأهم في المشرق العربي.

فالتطور الكبير الذي طرأ على العلاقات بين دمشق وبغداد في الأشهر القليلة الماضية وجرى تتويجه بتوقيع اتفاق للتعاون الإستراتيجي بين البلدين شمل المجالات كافة من الأمن إلى السياسة إلى الاقتصاد، أزعج الكثيرين داخل العراق وخارجه، لذلك كان لابد من عمل على مستوى التفجيرات التي شهدتها بغداد في التاسع عشر من الشهر الماضي ليس فقط لتجميد التقارب بين سورية والعراق بل العودة بالعلاقات إلى حال العداء والتنافر.
الغريب في الأمر أنه رغم وضوح الصورة بهذا الشكل، قرر بعض المسؤولين العراقيين ممن يدينون بولائهم لهذه الجهة أو تلك أن يركبوا الموجة ويتطرفوا في ردود أفعالهم إلى درجة غير مفهومة. إذ لم نسمع من هؤلاء الغيارى الذين انتفضوا غضبا لدم ضحايا تفجيرات ما أصبح يعرف «بالأربعاء الدامي» كلمة إدانة واحدة لمقتل نحو مليون عراقي ذهبوا ضحية الاحتلال الأميركي والفوضى التي عمت أرجاء البلد بعد سقوط بغداد. لم نسمع من هؤلاء كلمة تنم عن الأسى أو السخط على الانتهاكات والخروقات التي حصلت في سجون الاحتلال الأميركي، علماً أن جزءاً من الإعلام الأميركي رفضها وفضحها وعبر عن اشمئزازه من ارتكابها. قبل ذلك، لم ينبس هؤلاء ببنت شفة عندما اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت أن موت نصف مليون طفل عراقي بسبب الحصار، الذي امتد من عام 1991 وحتى غزو العراق عام 2003، هو ثمن مقبول ومبرر لإضعاف نظام الرئيس السابق صدام حسين.
أصبح معروفا لكل مهتم بالشأن العراقي، أن المصالح السياسية والاقتصادية لمن حملتهم الدبابات الأميركية إلى السلطة في بغداد هي أغلى وأهم من كل الدم العراقي الذي أريق على امتداد السنوات الست الماضية وأكثر. إن ردود الأفعال المفتعلة التي ظهرت في وسائل الإعلام لبعض المسؤولين العراقيين تحمل في طياتها هواجس داخلية ومصلحية لم تعد خافية على أحد. فبينما، تريد الحكومة العراقية تبرير عجزها عن ضبط الأمن حتى في «المنطقة الخضراء» أمام الشارع العراقي الذي يتهمها بالفساد والضعف والطائفية والولاء للخارج، راحت تبحث عمن يحمل هذه المسؤولية من خارج الحدود.
حال الاستقواء والغيرة على «السيادة» التي ظهرت فجأة في بغداد مرتبطة أيضاً بقرب حلول موعد الانتخابات العامة المقرر إجراؤها مطلع العام القادم. فالجهود التي تقودها دمشق لدمج كل مكونات الشعب العراقي في العملية السياسية وتشجيع المصالحة الوطنية، أثارت حفيظة المتضررين من هذه العملية وخاصة بعد ظهور بوادر على احتمال حصول اختراق في هذا المجال. فالإقصائيون في مفاصل السلطة العراقية يخشون نجاح هذه العملية لأنها ستؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص مكاسبهم السياسية والاقتصادية التي يتنعمون بها الآن فقط بفعل الإقصاء والاستبعاد لشرائح واسعة من مكونات الشعب العراقي. لهذه الأسباب قرر بعض طلاب السلطة في بغداد ضرب العلاقة مع سورية، متفقين في ذلك مع مصالح أطراف إقليمية ودولية يسوءها أن ترى الهلال الخصيب في حال من الوحدة والانسجام.
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.