تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مخاطر إخفاق جهود السلام

 

 
بعد أن كثرت الأحاديث أخيراً عن خطة سلام أميركية، توقع الكثيرون طرحها في الأسابيع المقبلة من على منبر الأمم المتحدة خلال اجتماعات الجمعية العامة، راحت إدارة الرئيس أوباما تعمل على خفض وتيرة التفاؤل إزاء هذه التوقعات. فالضغوط العلنية التي مارستها واشنطن على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ تشكيلها في شهر نيسان الفائت لتجميد بناء المستوطنات لم تؤت ثمارها، ولو جزئيا، الأمر الذي طرح تساؤلات عديدة حول قدرة الرئيس أوباما على الوفاء بما وعد به من جهة إيجاد حل شامل لقضية الصراع العربي الإسرائيلي وما تردد عن مهلة السنتين لتحقيق ذلك. فإذا كانت واشنطن عاجزة عن الزام إسرائيل بوقف الاستيطان في الأراضي العربية المحتلة، فهل تستطيع أن تضمن قبولها الانسحاب حتى حدود عام 1967 أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية العتيدة أو الالتزام بحل قضايا الوضع النهائي وعلى رأسها القدس واللاجئون والمياه؟
أسئلة أصبحت مشروعة في ظل الضعف الواضح الذي تبديه الإدارة الأميركية أمام تعنت حكومة نتنياهو ورفضها لكل الطروحات التي يمكن أن تؤدي إلى استئناف العملية السلمية على أسس تؤدي فعلا إلى حل الصراع، لا العودة إلى تمارين تفاوضية ماراثونية لا تسفر عن شيء.
واضح أن الأميركيين، رغم كل التحركات الدبلوماسية المكثفة التي أطلقوها في المنطقة مؤخرا، مازالوا غير قادرين ــ أو ربما غير راغبين ــ على وضع تصور واضح لمقاربة حل الصراع رغم عقود من رعايتهم للمفاوضات وطرحهم للمبادرات- من وليم روجرز عام 1970 وحتى جورج ميتشل 2009. حتى محاولة قذف الكرة في الملعب العربي من خلال طلب مكافأة إسرائيل على وقف اعتداءاتها على الأرض العربية بنشاطها الاستيطاني فشلت، فهناك موقف عربي يبدو حتى الآن موحدا ــ نأمل أن يستمر كذلك ــ لجهة رفض أي خطوات تطبيعية تجاه إسرائيل، على أساس أن خطوات كهذه تعقب المفاوضات النهائية ولا تسبقها.
هذا الأمر يرتب على الأميركيين، إذا كانوا جادين فعلا في قولهم إن حل الصراع العربي الإسرائيلي يقع ضمن المصلحة القومية الأميركية ويحتل أولوية على أجندتهم، أن يذهبوا باتجاه فرض متطلبات السلام على إسرائيل بدلا من اضاعة الوقت في ملاطفة نتنياهو أو الضغط على العرب لمكافأته حتى يتوقف عن سرقة أراضيهم.
هذا هو الامتحان الرئيس الذي يجب أن يتجاوزه أوباما، لأن إخفاقه في ذلك سيسلب أي انطلاقة للمفاوضات من الزخم الذي سعت إليه إدارته منذ يومها الأول. كما أن ذلك سيرتب أيضاً عدم الثقة بكل تحركات المبعوثين الأميركيين إلى المنطقة، فضلا عن التشكيك في قدرة واشنطن على كبح جماح إسرائيل عن القيام بعدوان جديد، في ظل التهديدات التي يطلقها بين الفينة والأخرى أصحاب الرؤوس الحامية في حكومة نتنياهو. إن إخفاق الجهود الأميركية في حل الصراع هذه المرة قد لا يعني بالضرورة أن تعود الأمور سيرتها الأولى، أي سيطرة حال اللا حرب واللا سلم، فالمنطقة ما عادت تحتمل مثل هذا الجمود في ظل تعدد اللاعبين وتداخل مصالحهم بشكل غير مسبوق.
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.