تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لاتتفاءلوا كثيرا بالسلام ..اسرائيل لاتريده

v

إضافة تعليق طباعة المقال أرسل الى صديق
 
يجب عدم الإتكال على تغيّر مواقف الآخرين.. لن يكون هناك تفاؤل حقيقي بتحقيق السلام إلا إذا أصبح العرب أقوياء موحدين وجادين..

                                                 بقلم جاك خزمو-رئيس تحرير مجلة البيادر -القدس الشريف
 
 
بعد الإجتياح الاسرائيلي الشامل للبنان، ومحاصرة بيروت في صيف عام 1982، وبعد الخروج القسري للمقاومة الفلسطينية من الساحة اللبنانية تحدث الرئيس الاميركي حينها رونالد ريغان عن مبادرة سلمية دعا فيها إلى إقامة كيان فلسطيني مستقل.. ومرّت السنون، ولم تقم لهذا الكيان السياسي أي قائمة.
وفي عام 1991 عقد مؤتمر مدريد بمشاركة دول الطوق، وقبل عقد هذا المؤتمر الدولي تم وضع صيغة مهمة تعتمد على مبدأ "الأرض مقابل السلام"، وأُجبرت اسرائيل على المشاركة في هذا المؤتمر، ولكنها لم تعط شيئاً من أجل تحقيق السلام.
وفي أيلول عام 1993 تم توقيع اتفاق المبادىء الذي "صيغ" سراً في العاصمة النرويجية أوسلو.. واستبشر الجميع خيراً، ولكن لم يتغير شيء على الأرض، ولم تُقدم اسرائيل شيئاً، بل بالعكس حاولت التهرّب من الإستحقاقات المطلوبة منها، بل إن يغئال عامير قام باغتيال رئيس وزراء اسرائيل عام 1995، وبذلك وجه ضربة قاسية لمسيرة السلام..
وطرحت خلال السنوات المنصرمة العديد من المبادرات ومنها خطة خارطة الطريق التي "رحبنا بها" في حين أن اسرائيل وضعت أكثر من 14 تحفظاً عليها، وجاءت رؤية الرئيس الاميركي جورج بوش الابن حول اقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية، وتوقع إعلان إقامة الدولة في عام 2004، ومن ثم تأجل ذلك إلى عام 2008، ورحل بوش ولم تقم الدولة الفلسطينية ولم تتحقق رؤية "بوش"؟
وجاء الرئيس الشاب المليء بالحيوية باراك أوباما إلى سدة الحكم في اميركا، وتفاءل كثيرون بأنه سيجري تغييراً كبيراً كما وعد في حملاته الانتخابية، ودعا الى فتح صفحة جديدة في العلاقات الاميركية مع العالم الاسلامي، وتحمّس الرئيس اوباما كثيراً إلى أن وصل به الأمر إلى مطالبة اسرائيل بتجميد الاستيطان، وأصر على ذلك، لكن اندفاعه أو حماسته سرعان ما هدأت إذ أن كل أصدقاء اسرائيل في اميركا انهالوا عليه بالاعتراض على سياسته، ومطالبته بعدم التخلي عن اسرائيل.
وحماسة اوباما انعكست سلباً علينا إذ أن ثمن تجميد الاستيطان المؤقت ولربما المزيف والوهمي سيكون التطبيع مع اسرائيل، أي أن اسرائيل احتوت حماسته واستطاعت تجييرها لصالحها لأنها تعتمد على "لوبي" قوي يعمل على الساحة الاميركية..
مقابل ذلك ليس لدينا أي "لوبي" عربي قوي أو ذات تأثير سياسي على الساحة الاميركية، وكلنا نعتمد على حدوث تغيير في السياسة الاميركية، ولا نفكر في احداث هذا التغيير... نتكل على الآخرين ولا نتكل على أنفسنا، نراهن على تغيّر الآخرين، ولا نراهن على مواقفنا وصلابتها وعدالتها..
لا نعمل بصورة جيدة على الساحة الاميركية، ولا نجيد فن اللعب هناك، لأننا أهملناها رغم إدراكنا لأهميتها.. وقد تركنا هذه الساحة للوبي الصهيوني يصول ويجول ويمنع أي تغيير ولو بسيط في مواقف الإدارة الأميركية تجاه اسرائيل.
ومن هذه المعطيات لمصير المبادرات الاميركية عبر السنوات الماضية، ومن قراءة واقعية للوضع على الساحة الأميركية الداخلية، وقوة تأثير اللوبي الصهيوني الموالي لاسرائيل يمكن القول والاستنتاج بأن أي مبادرة أميركية تطرح لن تتكلل بالنجاح لان اسرائيل لا تريد ذلك، ولا تريد تقديم أي تنازل، وهي تريد السلام مقابل السلام وابقاء الأرض العربية المحتلة تحت هيمنتها وسيادتها، وتريد أن يعترف العرب أيضاً بأن هذه الأرض هي تابعة لدولة اسرائيل، واحتلالها لها هو مشروع ومقبول.. ولا خلاف على ذلك، أي أن اسرائيل تريد الهيمنة على المنطقة، وتفرض ما تريده ولو كان مخالفاً لكل القوانين والمواثيق والأنظمة الدولية.
من هنا يمكن القول وبكل صراحة أن أي خطة سلام يطرحها اوباما سيكون مصيرها كمصير المبادرات السلمية السابقة لأن اسرائيل لا تريد السلام الحقيقي الشامل، ولان عالمنا العربي لم يوحد مواقفه، ولأن الساحة الاميركية متروكة للوبي الداعم لاسرائيل لأن يصول ويجول فيها كما يشاء، ويؤثر على قرارات الإدارات الأميركية المتعاقبة.
ولذلك نرجو عدم الإفراط في التفاؤل بأن تغييراً ما سيتم في سياسة الإدارة الاميركية.. وتفاءلوا فقط عندما يكون العرب أقوياء وفرضوا احترامهم على الآخرين..
وزير خارجية اسرائيل العنصري أفيغدور ليبرمان قال إن 16 عاماً من المفاوضات منذ اوسلو لم تحقق تسوية، وتوقع ألا تكون هناك أي تسوية خلال السنوات الـ 16 القادمة. وهذا يعكس بصراحة الموقف الاسرائيلي الذي لا يريد السلام، ويؤكد أن من يفشل مبادرات السلام هي اسرائيل لأنها لا تريد أن تقدم أي شيء من أجل السلام، ولا تريد الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية، ومن حقها أن تفعل ذلك إذا رأت أن العرب "يتوسلون" ولا يفرضون السلام..
إن التفاؤل يكون في مكانه فقط عندما يكون العرب أقوياء موحدين ومتعاضدين. فهل هذا التفاؤل الحقيقي الواقعي آت قريباً أم علينا انتظاره لسنوات طوال أخرى..

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.