تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العتب على "أبو اللطف"

العتب على "أبو اللطف"

 
والعتب على أبو اللطف مرتين: مرة ان كان يَعلم، ولا يُعلم، ومرة ان كان لايعلم، وهو الأقرب الى الراحل ياسر عرفات، يوم كانا كما البرتقالة وسرتها، أي يوم كانا اثنين في واحد.. يتخاصمان فينتصر التاريخ المشترك على خصوماتهما، ليكون أبو اللطف:
وزير الخارجية، والناطق الرسمي، ورفيق الدرب، وشاهد اللحظة :" لحظة بلحظة" والأقرب الى أذن عرفات وقلبه.
العتب عليه اليوم، أي في الشهر السابع من سنة 2009، وقد تأخر بعرض ما يعرف خمس سنوات، ليكشف مرة بالوثائق الورقية، وثانية بوعد الوثائق الصوتية أن أبا عمار مات مسموماً، وأن السيدان محمود عباس ومحمد دحلان هما من وضعا له السم في البدن، وليثير (بما يعرف)، زوبعة كان الأجدى أن تنسخ كل روايات الاغتيالات السابقة على اغتيال أبي عمار، من مثل:
اغتيال وديع حداد، أو اغتيال مرتضى بوتو، أو اغتيال آغوب آغوبيان، وكذا اغتيال أبي جهاد، والميتة الغامضة لصلاح خلف، بما يعني رزمة من اغتيالات اجتاحت أعمدة من منظمة التحرير، كما اجتاحت شخصيات من حلفاء وصلوا فوق ظهر الثورة الفلسطينية باعتبارها :" نواة الثورة العالمية"، وميداناً لخيول الأممية الخامسة، وباعتبارها :" ثورة حتى النصر".
 
تأخر أبو اللطف، وحسناً أنه وصل، ومع وصوله، تصلنا ذاكرة مزيج من سؤال و (محزن)، وكلاهما ينتمي الى 11/11/ 2005، يوم حطت الحوامة الفرنسية ناقلة جثمان زعيم الثورة الى منفاه الاخير، الى قبر متواضع محاط بكوفية صغيرة طالما لوح بها الزعيم متنقلا من قارة لقارة ومن مؤتمر لمؤتمر، ومن قبلة الى قبلات، وطالما كان العناق محبباً لزعيم الثورة حتى وهو يصافح خصوم اللحظة، أو خصوم الأمس، أم أولئك الخصوم الذين سيأتون في الغد أو بعده، ومن بينهم خصوم الأزل، ونعني قيادات اسرائيلية من حجم إسحاق رابين، وقد اغتيل بدوره من متشدد يهودي، وفي كل عناق كان أبو عمار يحلم بالدولة، ويدفع باتجاه ربعها أو نصفها، ملتقطاً نظرية هنري كيسنجر، سيد معلمي نظرية الخطوة خطوة، ليدفع بمن يحيطه من رجال (ومن بينهم أبو مازن) لـ: "اللعب في المناطق القذرة"، وعنى بها، تلك المفاوضات التي تطالب بشبر هنا، وتنازل هناك، محيطاً نفسه بالكثير من مفردات الصمود، في وضع فلسطيني يتماوج، مطلقاً كل الشعارات، وكل التيارات، وكل الألوان، ومن أقصى اليمين الديني المتشدد، الى أقصى اليسار الملحد، ومن فلسطينيي البنوك والمصارف، الى فلسطينيي " ما أخذ بالقوة لايستعاد الا بالقوة"، وكان حتى مماته بيضة القبان، التي توازن المعادلة الفلسطينية المختلة، كما المعادلة الاقليمية المختلة، وكنا نعلم أن :"أبو عمار"، سيأخذ طريقه الى قيامته، يوم تذهب المنطقة الى قيامتها، فالإسرائيليون الذين يأخذون دلالتهم من كونهم :" وراء الاسوار"، لن يخرجوا من أسوارهم الى سلام في منطقة، ان دمجوا فيها، ألغتهم بالدمج، وان حاربوها انتصروا بمعطيات الغير، وكان عليهم اغتيال عرفات، لأن مايجب أن يحدث، يجب أن يحدث حين يجب، لأنه يجب أن تتبدل، وهذا ماتعلموه من وليم شكسبير، عبقري قراءة الوقت، وعبقري قراءات الميتات الغامضة، فكان عليهم التخطيط لاغتيال عرفات، وإحداث كل هذا الفراغ الفلسطيني، بعد رحيل مجموع قيادات الصف الاول فيها، وبعد سلاسل من اغتيالات، جعلت الدم الفلسطيني يلعب بدمه، أقله وأن معظم اغتيالات الشخصيات الفلسطينية تحققت بأياد فلسطينية، وهذا أبو اللطف، يخبرنا مرة جديدة، عن اغتيال الزيتونة الفلسطينية، ومن وراءها، بكل تفاصيل:" لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟"، وبكل تفاصيل الاشخاص والالوان التي غرقت في دم الرجل.
 
السؤال الذي يتكرر، لماذا اليوم، وليس في ذات اليوم الذي عاد فيه جثمان عرفات ومعزوفات النحاس والورود تحيط بجثمانه؟
ثمة سؤال شكسبيري جديد، ملقى على عاتق أبي اللطف، وليس على عاتق وليم شكسبير هذه المرة.. سؤال يعيد ما قاله شكسبير:
ما يجب قوله، يجب قوله عندما يجب.
هل وجبت الـ (يجب) اليوم يا أبا اللطف؟
 
 
*- نبيل الملحم

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.