تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

اسعار صرف الدولار واثرها على غلاء المستوردات

محطة أخبار سورية  

ربما يدخل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية ضمن الأسباب الأساسية للارتفاع المتفاقم لأسعار جميع السلع وبشكل خاص السلع المستوردة من البلدان العربية، وهو الجواب الأول الذي يتلى على المسامع عند الخوض في هذا الحديث.

 توجهنا بسؤالنا هذا إلى وزارة الاقتصاد لتبيان وجهة نظرها بالموضوع إلا أن معاون الوزير خالد سلوطة اكتفى بإعادة السبب الذي بات معروفاً من الصغير قبل الكبير وهو سعر الصرف من دون إضافات تذكر.

لكنّ مصدراً في وزارة الاقتصاد همس لنا أنه من غير المرغوب حالياً الخوض في أسباب ارتفاع اسعار المستوردات من الدول العربية وتحديداً في هذا التوقيت وأنه في حالة تمت مناقشة أسباب هذا الارتفاع فإن ذلك سيزيد منه بشكل تلقائي.

دولار بسعر السوق السوداء مع هامش للحذر

د.عابد فضلية وبصفته باحثاً اقتصادياً أوضح أن ما يجري الآن في السوق نتيجة لما يدعى اقتصادياً بالتضخم المستورد، الذي يحدث عادة عندما تنخفض قيمة العملة المحلية مقابل القطع أو ترتفع قيمة القطع مقارنة بالليرة السورية (وهو الحال في سورية) ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع المستوردات بلا استثناء ومن جميع الدول بنسبة ارتفاع قيمة القطع نفسها على الأقل، لأن المستورد عادة وبسبب الحيطة والحذر يسعر دولار الاستيراد بسعر السوق السوداء مع هامش مخاطرة خوفاً من ارتفاع قيمة الدولار خلال الفترة القادمة، إضافة إلى نسبة يضيفها المستورد ولا تكون مبررة غالباً لمزيد من الاحتياط خوفاً من انخفاض قيمة رأسماله بالقطع الأجنبي فعندما ترتفع قيمة السلعة المستوردة ترتفع النسبة المئوية للربح.

ويشير فضلية إلى أن الإضافات العشوائية وقيمة الطمع والاستغلال والفوضى جميعها أشياء تنعكس على السعر النهائي للسلعة وعلى ارتفاع نسبة التضخم والتي يدفع ثمنها بالمعظم المستهلك النهائي.

ويوضح فضلية أن ارتفاع قيمة القطع مسألة لا يمكن السيطرة عليها بشكل رسمي وهي حاصل لظروف عديدة (سياسية، إعلامية) إضافة إلى الخوف والعامل النفسي والمضاربة والاستغلال، مشيراً إلى أن تشديد الرقابة على سوق العملات وسوق السلع هو ما يمكن اتخاذه الآن بحيث لا يتم استغلال المواطن في الجزء غير المبرر الذي أضيف إلى تكلفة السلعة وعلى رأسها زيادة نسبة الأرباح وفي فروق الأسعار الاحتكارية واستغلال حاجة المواطن والتلاعب بالسوق عبر بث إشاعات هدفها الرفع المقصود للأسعار وهو أمر ممكن إلى حد ما عبر مديرية حماية المستهلك.

صلاحيات مرنة

ويتابع فضلية:لا تستطيع المديرية المذكورة بإمكاناتها وأنظمتها الحالية أن تلجم المخالفات في السوق كون الوضع استثنائياً والتحديات كبيرة ومساهمة عامل الطمع والجشع عالية في مثل هذه الظروف ما يتطلب زيادة الإمكانات ودعمها بالمراقبين والآليات وتزويدها بصلاحيات مرنة. إضافة إلى ضرورة تدخل الجهات الأخرى كجمعية حماية المستهلك بالرغم من إمكاناتها المحدودة وصلاحياتها المقيدة لكن المطلوب من جميع الجهات تركيز الجهود بشكل أكبر لتكون على مستوى التحديات من دون أن ننسى دور تنظيمات قطاع الأعمال والاتحادات والمنظمات شبه الرسمية في ذلك.

 

المواطن المسؤول الأول

ويؤكد فضلية أن المواطن هو المتضرر الأول لكنه الفاعل الأول في التأثير على السوق وفوضى السوق من خلال وعيه وتصرفه بشكل عقلاني فيحاول التقليل من الطلب قدر الإمكان في حال هذه الارتفاعات وألا يجعل العامل النفسي هو المحرك في قرار الاستهلاك.

وطالب فضلية الجهات المسؤولة أن تتصف محاولاتها بالجرأة والفعالية بشكل أكبر وأشمل من أجل تجاوز المحنة.

فقاعات اقتصادية

عضو اتحاد المصدرين والمستوردين العرب أديب الأشقر عدّ أن ارتفاع أسعار القطع من الأسباب البدهية لارتفاع أسعار السلع، واتفق مع د. فضلية في مسألة الهامش الاحتياطي في تسعير المستوردات من قبل التجار في الوقت الحالي موضحاً أن توقع المستوردين بزيادة ارتفاع سعر الدولار يتطلب منهم أخذ الحيطة عن طريق هامش من الربح الاحتياطي فيقومون بحساب سعر الدولار بـ80 ليرة مثلاً تجنباً للخسارة التي قد تحدث، إضافة إلى النفقات الإضافية على التكلفة كأجور النقل والعمالة وأجور تحويل الحوالات النقدية بين البنوك والتي في مجملها ستنعكس على السعر النهائي للسلع.

ويرى الأشقر أن الحديث الدائر عن دعم الصناعة المحلية يترك المجال للمستورد باستغلال الأسواق بذريعة عدم توافر المنتج المستورد مستقبلاً وبالتالي التحكم بسعره، وينوه بمساهمة القرارات الحكومية المتعددة (منع وحصر وتخفيض الاستيراد) في خلق حالة من التوقع بهبوط العرض سواء من المستهلك أو التاجر أو الصناعي ما ينعكس تلقائياً على الأسعار.

ويرى أيضاً أنه يجب عدم التحدث في القرارات الاقتصادية المتخذة علناً لأن ذل ك يساهم في خلق حالة من التوتر والقلق والخوف ما ينعكس على حالة الطلب بشكل كثيف وبالتالي على الأسعار، وكذلك القرارات المتخذة من قبل حاكم مصرف سورية المركزي التي لم يراع أثناء وضعها مصالح المواطنين، كالقرار الأخير القاضي بالسماح..... العملات الأجنبية، فالمواطن عند سماعه هذا الخبر تلقائياً سيقبل على عملية الشراء خوفاً من ارتفاع سعر الدولار وكذلك التاجر سيرفع من أسعاره أتوماتيكياً و بفرض أن القرار يصب في مصلحة البلاد إلا أن الضرورة تقتضي عدم «التطبيل والتزمير» له في وسائل الإعلام لتلافي حالة الفوضى في السوق.ويتابع: قبل ممارسة الشفافية في الإعلان عن هذه القرارات كان من الأفضل أن يقوم ميالة بإعطاء تصريحات شفافة عن مخزون الاحتياطي من القطع والذهب... وإعطاء إحصاءات اقتصادية تضمن حسن التوجه من قبل الصناعيين، عاداً أن قرارات حكومية كهذه تنتج ما يسمى بالفقاعات الاقتصادية التي تستغل الوضع الراهن.

ودعا الأشقر الحكومة إلى أخذ القرار الاقتصادي من خبراء واختصاصيين في الاقتصاد وأن تعطى صلاحيات واسعة لوزير الاقتصاد كون رئيس الوزراء لا يكفي أن تُناط به جميع الصلاحيات نظراً لعمله في بقية القطاعات ومسؤولياته الهائلة. مضيفاً أننا بحاجة إلى فريق عمل اقتصادي ضمن مجلس الوزراء يستطيع اتخاذ قرار اقتصادي صحيح.

 

الثقة ومن ثم الثقة

ونوه الأشقر بضرورة إعادة الثقة للأسواق وهي من المسائل الأساسية اليوم وانعدامها هو سبب أساسي في استغلال القرارات بشكل سلبي، وهذه الثقة تبنى من خلال إصدار قرارات قليلة واضحة وشاملة عامة غير تفصيلية وغير محددة لأن التفاصيل ستكون مسيئة للثقة والمصداقية، وكذلك ضرورة إعادة الثقة إلى الأسواق وللمواطن والتاجر والصناعي والموظف والمستهلك فاللجوء إلى زيادة الطلب على بعض المنتجات نابع من الخوف ما يتطلب زرع الثقة واتخاذ كل الإجراءات الحكومية التي من شأنها أن تحد من انعدامها الأمر الذي سينعكس بدوره على الطلب المتزايد على السلع وبالتالي على الأسعار.

استغلال الأسباب الموضوعية

من جانبه مدير مديرية حماية المستهلك عادل سلمو عزا ارتفاع الأسعار(بشكل عام) في السوق إلى أسباب عدّها موضوعية وأولها طبعاً: ارتفاع سعر القطع، ومن ثم ارتفاع أسعار المواد الغذائية المستوردة من بلد المنشأ، والصعوبة في نقل المنتجات بين المحافظات إضافة إلى الأحوال المناخية مثل الصقيع الذي أدى إلى تدمير بعض الخضار ومنها الورقية، ورغبة المواطنين باقتناء كميات كبيرة من المواد خشية فقدانها ما يؤدي إلى الضغط على المادة وبالتالي زيادة سعرها.وكذلك وجود بعض ضعاف النفوس ممن يستغلون الأسباب السابقة ويقدمون على رفع أسعارهم إضافة إلى موضوع الشائعات الذي يلعب دوراً كبيراً ويخلق أزمة ويساعد في تفاقمها.

 

فلتان الأسواق

وفي هذا السياق  أوضح مدير حماية المستهلك أن المديرية بصدد التعاقد مع 600 عنصر قريباً ليصار إلى ندبهم إلى جهاز حماية المستهلك في كل المحافظات.

في حين أن رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني بيّن أن هنالك حالة من الفلتان والفوضى تعم السوق في الوقت الراهن إضافة إلى غلو برفع الأسعار، موضحاً أن أجهزة الرقابة وأعدادها لا تكفي لمراقبة كل الأسواق رغم أنها لا تتحمل المسؤولية كاملة عن فلتان السوق.

واتفق دخاخني مع د. عابد في كلامه السابق بأن المواطن هو صاحب المسؤولية الأولى في الدفاع عن نفسه وهو من يسمح في استغلاله.

عاداً أن فكرة مقاطعة المنتجات ذات الأسعار العالية ستثمر بمرور الوقت وستساهم في خفض الأسعار.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.