تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تكدس السلع في الموانئ يتحول إلى صداع مزمن لمصر

مصدر الصورة
العرب

تحولت أزمة البضائع المكدسة في بعض الموانئ المصرية إلى صداع مزمن للحكومة بعد أن حرصت على الإفراج عن غالبيتها، لكنْ ثمة سلع جرى توفير العملة الصعبة لها ورفض أصحابها من التجار والمستثمرين استلامها انتظارا لتراجع الدولار خلال الفترة المقبلة.

القاهرة - تمثل حالة البطء التي سيطرت على بعض المستثمرين والتجار برفضهم استلام البضائع المتراكمة في الموانئ المصرية تجسيدا حيا لفوضى المتاجرة بالعملة بصورة غير مباشرة، رغم القرارات القاسية لتشغيل المصانع والشركات المتوقفة بسبب أزمة النقد الأجنبي.

وتصل قيمة البضائع المحتجزة في الموانئ إلى نحو 1.7 مليار دولار، حيث انتهت كافة الإجراءات الرسمية الخاصة بها وتم توفير الدولار بالبنوك، لكنّ أصحابها رفضوا استلامها على أمل حدوث تراجع أكبر في سعر قيمة العملة الأميركية.

ووجهت وزارة المالية بمصادرة كل هذه البضائع طبقا للقانون والقواعد الخاصة بالمهمل والرواكد، ما يُعرّضها للبيع في المزاد العلني استنادا على أحكام قانون الجمارك.

وذكرت مصادر حكومية لـ”العرب” أنه سيتم إخطار مصلحة الضرائب ببيان التعاملات والمبالغ التي تُحصّل من المشترين لهذه البضائع وغرضهم من الشراء سواء بالإتجار فيها أو تصنيعها.

فاروق بركات: الحكومة وفرت الدولار ولم تتعنت مع المستثمرين

بالتوازي، يدرس البنك المركزي حاليا إصدار قرار يفرض غرامات على المستثمرين والمصنعين والتجار الذين امتنعوا عن استلام بضائعهم الموجودة في الموانئ عقب تدبير العملة الأجنبية.

ويرى محللون أن الرافضين لتسلم البضائع هم فئة ممن كانوا يرغبون في تحقيق مكاسب من فروق سعر الصرف، إذ قدموا طلباتهم في خضم احتدام أزمة شح الدولار واشتعال السوق الموازية على أمل الاستيراد بالسعر الرسمي ثم البيع على أساس سعر السوق السوداء.

ولم يتسن لهؤلاء فعل ذلك لتأخر الدولة في توفير العملة الأجنبية للبضائع المكسة، حتى قرار تحرير سعر صرف الجنيه في السادس من مارس الماضي، وأصبح هناك سعر واحد للعملة في البلاد.

ولا مفر أمام الشركات والمستثمرين والتجار سوى استلام تلك البضائع أو مصادرتها من جانب السلطات، لأن الآمال المعلقة على حدوث طفرة في هبوط الدولار بعيدة.

ويكمن الخطر في هذه الحالة أن معظم المستثمرين مدينون للبنوك عبر التسهيلات أو أعباء القروض المستحقة عليهم، ما يعرضها لأزمة التأخر في تحصيل الديون، وربما تصل إلى أزمة أكبر بتحولها إلى ديون مشكوك في تحصيلها مع عدم تشغيل تلك الاستثمارات.

وقال نائب رئيس جمعية مستثمري المناطق الحرة الخاصة فاروق بركات لـ”العرب” إن “رفض بعض أصحاب الأعمال تسلم البضائع المكدسة يتحمل عواقبه من رفضوا استلامها”.

ويؤدي استمرار تلك البضائع في الموانئ لنقص الكميات المتوافرة منها في الأسواق، ما تعتبره الحكومة تحديًا لخطتها الرامية إلى مواجهة التضخم المتفاقم في البلاد.

وأوضح بركات أن تأجيل الحصول على البضائع يزيد التكاليف بشكل أكبر، ويعرّض المستثمرين لغرامات تتعلق ببقائها في أرض الميناء، كما أن الحكومة مدت لهم يد العون لدعمهم، لكن قوبل ذلك بالرفض.

1.7 مليار دولار قيمة البضائع المحتجزة في الموانئ وفق التقديرات الرسمية

وأكد أنه لا يوجد تعنت من جانب السلطات المصرية، بل يدفع موقف هؤلاء الحكومة إلى عدم منحهم تسهيلات جديدة الفترة المقبلة خاصة تلك المتعلقة بخفض رسوم الأرضيات أو مطالبة البنك المركزي بإرجاء أيّ غرامات عليهم.

ويخشى التجار والمستوردون من سحب البضائع، لأنها سلع غير أساسية، وربما لن يتمكنوا من ترويجها، لأن سعرها سيكون مرتفعا ولن تجد من يشتريها وهذا سبب رئيسي في عدم الحماس لاستلامها، لكنهم لا يدركون مخاطر ذلك مستقبلا بشأن الغرامات التي ستُفرض عليهم.

وتعاني السوق المحلية من ركود واضح، وهو ما كشفه تباطؤ مؤشر مدراء المشتريات في البلاد للشهر الأربعين تواليا خلال مارس الماضي، بسبب تقلبات العملة والضغوط التضخمية.

وكانت التكهنات تشير إلى إمكانية تغيير الأوضاع عقب انتهاء أزمة النقد الأجنبي والقضاء على السوق الموازية والإفراج عن البضائع المحتجزة في الموانئ، عقب تعويم الجنيه.

وسعت السلطات إلى وضع القطاع الخاص على مسار جديد، بعد الاتفاق على حزمة موسعة من صندوق النقد الدولي، وتدفق استثمارات بقيمة 35 مليار دولار من الإمارات، ووجود تمويلات جديدة من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.

ومكنت التدفقات الجديدة المركزي المصري من إتاحة المليارات من الدولارات للإفراج عن البضائع المتراكمة في الموانئ وتسوية المتأخرات المستحقة لشركات النفط العالمية، لكن لم يكن في الحسبان رفض بعض المستثمرين استلام ما استوردوه.

وأكد عضو الغرفة التجارية بالإسماعيلية إبراهيم بشاري لـ”العرب” أن الحكومة رفعت الحرج عن نفسها بتوفير الدولار في الفترة الماضية لكل الطلبات التي قدمها المستثمرون من أجل الاستيراد وحل أزمة تكدس البضائع في الموانئ.

إبراهيم بشاري: يجب بيع البضائع في مزادات علنية وإحراج التجار

وأوضح أنه لا يمكن اعتبار ظروف السوق سببا رئيسا في ذلك وإلا لم يتقدم هؤلاء في الأساس لطلب استيراد السلع، وأن عدم إسراعهم للحصول على السلع يضعهم في شبهات، وأنهم لا يرغبون في التصنيع أو التجارة، ما يستوجب مصادرة البضائع وبيعها في مزادات حتى لا يتسبب ذلك في خنق السوق دون داع.

وأضاف بشاري “لا يوجد مبرر أمام المستثمرين للتأخر في استلام بضائعهم، لأن سعر الدولار في البنوك لا يمثل عائقا أمامهم، ويبدو أقل من سعر السوق السوداء مؤخرا”.

وذكرت وكالة ستاندرد آند بورز في تقرير مدراء المشتريات عن مصر مؤخرا أن الظروف الاقتصادية ستظل منخفضة وستؤدي إلى تراجع المبيعات بشكل أكبر، لكن الشركات ظلت متفائلة بالأشهر الـ12 المقبلة.

وأشارت الوكالة إلى أن تذبذب الأسعار ترتب عليه تراجع إنفاق العملاء، لكن توجد بارقة أمل بشأن ارتفاع طلبات التصدير الجديدة لأول مرة في مصر منذ ديسمبر 2022 بفضل تزايد الطلب الأجنبي.

ووصف محللون الخطوة الحكومية بالإيجابية كي لا تقوض خطتها نحو تسريع عمل القطاع الخاص أو تمكينه ولا تقع في وضع يشوّه صورتها أمام المستثمرين الأجانب.

ولن يترتب على قرار بعض المستثمرين عدم استلام بضائعهم، تأخر القاهرة في تلبية أي طلبات دولارية للتجار الفترة المقبلة، لأنها لا ترغب في تعطيل مصالح الصناعة أو الاستثمار بشكل عام، كما أنه لن يُقبل على خطوة الاستيراد حاليا إلا الراغبون في العمل والإنتاج.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.