تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أمريكا بعد فرنسا

مصدر الصورة
عن الانترنيت

تشهد القارة الإفريقية انقلاباً جيوسياسياً لافتاً جراء تراكم المظالم الناجمة عن الهيمنة الغربية، وصعود قوى دولية وإقليمية مناوئة للغرب، وبروز جيل إفريقي من القادة أكثر وعياً بواقع القارة وشعوبها، إضافة إلى الحاجة للتغيير بعيداً عن هيمنة وسيطرة الدول الغربية.

لذلك جاءت سلسلة الانقلابات المتتالية خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي شملت مالي وتشاد وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر وأخيراً الغابون، نتيجة لهذا التحول الذي يؤذن بنهاية مرحلة وبداية مرحلة أخرى جديدة، خصوصاً ما يتعلق بالوجود الفرنسي والأمريكي، في تأكيد لمبدأ السيادة الوطنية وحق تقرير المصير، بعيداً عن منطق الهيمنة والاستتباع الذي مارسته الدول الاستعمارية في القارة على مر العقود الماضية، والسعي إلى تحقيق تطلعات الشعوب في التنمية والاستقرار والاستفادة من الثروات الهائلة التي تتمتع بها القارة، والتي تتعرض للنهب من جانب الدول والشركات الغربية، ومن ثم العمل على إقامة علاقات متعددة الوجوه مع دول أخرى، مثل الصين وروسيا، قائمة على تبادل المصالح وعلى قاعدة الاحترام المتبادل، ومن دون التدخل في الشؤون الداخلية، كما تفعل الدول الغربية.

من الطبيعي أن تثير هذه الانقلابات قلق ومخاوف الدول الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة وفرنسا؛ لأنهما الأكثر تضرراً من هذا التحول الاستراتيجي في القارة، في حين تتقدم بكين وموسكو كقوتين بديلتين، اقتصادياً وسياسياً وتنموياً وعسكرياً.

ومن تجليات هذا التحول، خروج فرنسا من النيجر بقواتها وقواعدها العسكرية، وإلغاء امتيازاتها في اليورانيوم، وإلغاء الاتفاقيات العسكرية مع الاتحاد الأوروبي، وأخيراً قرار إلغاء اتفاق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة «بشكل فوري»، وهو الاتفاق الذي يسمح بوجود نحو 1100 جندي في قاعدتين عسكريتين، إحداهما قاعدة طائرات من دون طيار معروفة باسم «القاعدة الجوية 201» والتي بنيت قرب أغاديس بوسط البلاد، بكلفة تزيد على 100 مليون دولار، ويتم استخدامها منذ عام 2018 ضد الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل.

ويأتي القرار في أعقاب زيارة قام بها وفد أمريكي الأسبوع الماضي برئاسة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية مولي في، وضم الجنرال مايكل لانغلي قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا.

تبرر النيجر للقرار بأن الوفد الأمريكي «لم يتبع البروتوكول الدبلوماسي، ولم يبلغ حكومة البلاد بموعد الوصول أو جدول أعماله».

وقال المتحدث باسم المجلس العسكري أمادو عبد الرحمن: «إن حكومة النيجر قررت بكل مسؤولية، آخذة طموحات الشعب ومصالحه في الاعتبار، أن تلغي بمفعول فوري الاتفاق المتعلق بوضع الطاقم العسكري للولايات المتحدة والموظفين المدنيين في وزارة الدفاع الأمريكية على أراضي النيجر». كما أكد أن الوجود العسكري الأمريكي في البلاد «غير قانوني» و«ينتهك كل القواعد الدستورية والديمقراطية».

يذكر أن هذا الاتفاق كان تم توقيعه عام 2018 في عهد الرئيس السابق محمد بازوم.

الولايات المتحدة اكتفت بالقول إنها على علم «بالبيان، وتجري اتصالات مع المجلس العسكري الحاكم»، الذي يأتي «عقب مناقشات على المستويات العليا في نيامي هذا الأسبوع، حول مخاوفنا بشأن مسار المجلس العسكري».

من الواضح أن المجلس العسكري في النيجر لم يستسغ الطريقة التي جاء بها الوفد الأمريكي، ولا القضايا التي طرحها، والتي اعتبرها تدخلاً في الشؤون الداخلية للنيجر، الأمر الذي استفز المجلس واتخذ قرار إلغاء الاتفاق العسكري.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.