تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مناورة تحاكي الحرب

مصدر الصورة
عن الانترنيت

انطلقت يوم 24 كانون الثاني الماضي أكبر وأضخم مناورة عسكرية لحلف شمال الأطلسي منذ نهاية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق. المناورة تستمر حتى شهر أيار المقبل، وتمتد على الأراضي الأوروبية من النرويج إلى رومانيا بمشاركة الدول الـ31 الأعضاء، إضافة إلى السويد التي وافقت تركيا مؤخراً على انضمامها إلى الحلف.

طبيعة القوات المشاركة في المناورة وحجمها وتنوعها، التي أُطلق عليها «المُدافع الصامد 2024»، تكشف أن الحلف يضع الخطط لمواجهة محتملة مع روسيا، وهو لذلك يقوم بمناورة عسكرية تحاكي الحرب، من خلال مشاركة أكثر من 90 ألف جندي من بينهم 20 ألف جندي بريطاني، و15 ألف جندي بولندي، و10 آلاف جندي ألماني، و5 آلاف جندي هولندي، إضافة إلى 50 سفينة حربية متعددة المهام، و80 طائرة مقاتلة، وأكثر من 1100 عربة مدرعة.

القائد الأعلى لقوات حلف الأطلسي في أوروبا كريستوفر كافولي لم يُخفِ دوافع المناورة بقوله إن الحلف يظهر قدرته على الدفاع عن أراضيه من «خلال سيناريو محاكاة للصراع الناشئ ضد خصم قريب من الأقران»، في إشارة إلى الحرب الأوكرانية، وأضاف «نحن الآن بصدد جعل خططنا قابلة للتنفيذ، وهذا يعني التأكد من أن لدينا التزامات القوة وترتيبات القيادة والسيطرة والتمكين الذي تتطلبه خططنا».

لأن هذه المناورة ليست عادية وتتم في أوج حرب ضارية في أوكرانيا، ولأن القوات الأوكرانية مع دخول هذه الحرب عامها الثالث لم تحقق تقدماً يذكر، بل هي تخسر المزيد من الأرض والقوات، فإن حلف الأطلسي بدأ يضع في حساباته احتمال هزيمة أوكرانيا التي تواجه مأزقاً في الحصول على السلاح، وفشل هدف هزيمة روسيا ما يشكل هزيمة استراتيجية للحلف، الأمر الذي يستدعي وضع خطط عسكرية بديلة من بينها إطالة أمد الحرب كما ألمح إلى ذلك أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ الذي دعا للاستعداد لحرب طويلة «لأنه إذا توقف الأوكرانيون عن القتال فسوف تختفي أوكرانيا من الوجود»، لذلك فإن المناورات الحالية تدخل في إطار الاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا في حال هزيمة أوكرانيا.

كما أن إعلان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي مؤخراً أن هزيمة أوكرانيا «تهدد بصدام عسكري مباشر بين روسيا وحل الأطلسي» يشير إلى عدم استبعاد مثل هذه المواجهة، فيما أشار الكرملين أكثر من مرة إلى أن روسيا لا تشكل تهديداً لأي دولة أوروبية، وأنها لا تنوي ضرب أي أهداف على أراضي دول حلف الأطلسي، إلا أنها لن تتجاهل أي أعمال قد تشكل خطراً على أمنها ومصالحها. كما أعربت موسكو مراراً عن قلقها إزاء الحشود الأطلسية على حدودها، داعية الغرب إلى التخلي عن مسار عسكرة القارة الأوروبية، في حين وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا تصريح أوستن ب«الجنون»، كما أن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف وصف التصريح بأنه «يزيد من تصعيد التوتر».

من الطبيعي أن تثير مناورة «المُدافع الصامد 2023» مخاوف موسكو لأنها تجري على مساحة واسعة من الأراضي المجاورة لها، وبأعداد ضخمة من الجنود والأسلحة البرية والجوية والبحرية، وتعتبرها «تهديداً مباشراً ويتم اتخاذ التدابير المناسبة لهذا الأمر بصورة مستمرة».

لكن، من المستبعد أن تردع هذه المناورة روسيا التي ترى أنها «ذات طبيعة استفزازية» فقط، لأن المواجهة المباشرة ستكون لها عواقب مأساوية على أوروبا.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.