تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

جوع السلاح وجوع البشر

مصدر الصورة
عن الانترنيت

في عالم تعمه الصراعات والحروب في تنافس مجنون على الهيمنة والنفوذ، بلغ الإنفاق العسكري العالمي على السلاح عام 2023 مستوى غير مسبوق وصل إلى 2.2 تريليون دولار، بزيادة 9 في المئة عن عام 2022، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر خلال العام الجاري، ما يعني أن العالم سوف يواجه المزيد من عدم الاستقرار والحروب والفوضى، وأيضاً الضحايا والدمار والفقر والجوع والمرض.

يقول المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تقريره الذي نشره قبل أيام، إن الولايات المتحدة كانت أكبر دولة بحجم إنفاقها العسكري الذي بلغ 877 مليار دولار، أي 41 في المئة من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي، وأكثر من ثلاثة أضعاف ما أنفقته الصين التي جاءت في المرتبة الثانية بما يقدر ب 292 مليار دولار، في حين أنفقت روسيا 108.5 مليار دولار. ووفقاً للتقرير المذكور فإن حجم الإنفاق الدفاعي لأول عشر دول بلغ 1.9 مليار دولار، والباقي موزع على الدول الأخرى.

إن التوترات والحروب المتزايدة في العالم سواء في أوكرانيا أو تايوان أو شبه الجزيرة الكورية أو منطقة الساحل الإفريقي أو الشرق الأوسط أو القطب الشمالي هي من أسباب ارتفاع حجم الإنفاق العسكري العالمي، وإن استمرار هذه الأزمات واحتمال اتساعها سوف يزيد من حجم الإنفاق العسكري إلى مستويات جديدة خلال عام 2024.

إن العالم يتجه ليكون أقل استقراراً وأكثر توجهاً نحو الصراعات والحروب جراء تراجع دور الأمم المتحدة وعدم الالتزام بالقوانين الدولية والإنسانية وميثاق الأمم المتحدة، وعدم القبول بالشراكة والتعاون الدولي، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، والإصرار على التمسك بالنظام الدولي الأحادي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وما تحاول فرضه على العالم من قيم وسياسات وقوانين تشكل انتهاكاً للعلاقات الدولية.

إن هذا النهم على السلاح بمختلف أنواعه لا يشكل خطراً بنشوب المزيد من الحروب، إنما يؤدي أيضاً إلى مزيد من الأزمات الإنسانية في العالم، ويوسع من مساحة الفقر والجوع والتهجير والنزوح والمرض، ويجعل العالم أقل قابلية للعيش.

لو أن نصف ما يُصرف على السلاح، أي تريليون دولار فقط، يتم توجيهه لمحاربة الفقر والجوع والمرض ومواجهة موجات اللجوء، لكان العالم أكثر استقراراً وسلاماً، ولتحققت كل الأهداف التي سعت المنظمات الدولية إلى تحقيقها لمواجهة آفات الجوع والفقر التي يواجهها العالم، إذ إن التقارير الدولية تشير إلى أن ما يصل إلى 783 مليون شخص يعانون من الجوع في العالم وفقاً لتقارير عام 2022، وهو ما يمثل زيادة قدرها 122 مليون شخص مقارنة بعام 2019، وهذا الرقم ارتفع بالتأكيد خلال العامين الماضيين، وازداد مع الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة.

هذا جانب واحد فقط مما يواجهه العالم، أما الجانب الآخر فقد كشف عنه البنك الدولي الذي أعلن أن ما يقرب من 700 مليون شخص حول العالم يعيشون في فقر مدقع، وبالتالي فقد بات من الصعب أن يحقق العالم أهداف القضاء على الفقر بحلول عام 2030، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 600 مليون نسمة سيظلون يعانون من الفقر حتى ذلك التاريخ.

إنه جنون الجوع على التسلح فيما الجوع والفقر يتسعان.. إن ثالوث السلاح والفقر والجوع بات يشكل أكبر كارثة يمكن أن تواجهها البشرية.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.