تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رياح معاكسة في أوكرانيا

مصدر الصورة
عن الانترنيت

تصطدم الأزمة الأوكرانية بوقائع عسكرية وسياسية جديدة بدأت تطغى على الوضع العام، فمن الناحية الميدانية تواجه كييف، التي تتلقى يومياً ضربات صاروخية، وضعاً معقداً على جبهات القتال بسبب النزيف البشري للجنود ونقص العتاد والذخيرة، فيما يشيع تغيّر المزاج الغربي خيبة أمل كبرى للسلطات الأوكرانية مع توقف شبه تام للدعم العسكري والمالي.

في الأيام الأخيرة سافر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الأرجنتين، التي تواجه إفلاساً تاريخياً، ثم عرج على واشنطن، حيث التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن ولم يظفر منه بغير الوعود، بينما فشل في إقناع قادة الكونغرس في الإفراج عن مساعدات جديدة تناهز 60 مليار دولار، بينما منع فيتو من المجر، في الاتحاد الأوروبي، إقرار حزمة مساعدات مالية حاسمة من بروكسل إلى كييف بقيمة 54 مليار دولار، وهي ضربة قاصمة تلحق بالمجهود العسكري الأوكراني في هذا التوقيت بعد فشل هجومه المضاد، على الرغم من أن بعض البيانات الغربية تتحدث عن استعادة كييف نصف أراضيها التي سيطرت عليها روسيا، ولا شيء في الميدان يؤكد هذه المزاعم، فالقوات الروسية استطاعت امتصاص كل العمليات التي قادتها أوكرانيا في الأشهر الماضية، قبل أن تنتقل مجدداً إلى الهجوم، وهو ما يُلقي مزيداً من ظلال الشك على مصير هذه الحرب التي تقترب من إنهاء عامها الثاني.

الأوضاع السياسية والاقتصادية في الغرب لم تعد في صالح أوكرانيا على الإطلاق، وبدأت تحمل رياحاً معاكسة، فالولايات المتحدة، الخصم اللدود لروسيا، دخلت في أزمة سياسية عميقة مع انطلاق السباق الانتخابي، وهناك انقسام تام بين الجمهوريين والديمقراطيين حول هذه الحرب، وحول عشرات المليارات التي تسلمتها أوكرانيا.

وانتقد قادة الحزب الجمهوري، بلغة غير مسبوقة، بايدن وزيلينسكي، وشككوا في قدرة استراتيجيتهما على تحقيق النصر. وفي المقابل، بدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واثقاً من النصر، فاتحاً الباب للتفاوض لمن أراد، وأعلن في لقائه السنوي مع الصحافة الخميس الماضي، أنه لا شيء يمنعه من تحقيق أهداف عمليته العسكرية الخاصة، ورمى الكرة في ملعب كييف وواشنطن حصراً للتفكير في الاستجابة إلى تحقيق السلام وإنهاء هذه الحرب التي وصفها بأنها «مأساة بين الإخوة».

الولايات المتحدة والدول الغربية بدأت إعادة تقييم سياستها الداعمة لكييف، وهي مستعدة للنزول من فوق الشجر، لكنها تريد ما يحفظ ماء وجهها حتى لا يكون فشل سياساتها هزيمة استراتيجية وفضيحة أمام شعوبها التي استعادت وعيها، على ما يبدو، في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة وما رافقها من جرائم وانتهاكات غير مسبوقة، دون أن تتحرك المؤسسات الغربية ضد تل أبيب، كما فعلت ضد موسكو.

الواضح للعيان أن الحرب الدائرة في أوكرانيا بدأت تقترب من خط النهاية، وأن الأسابيع والأشهر المقبلة ستكون حاسمة في هذا الاتجاه، وقد تحدث مفاجأة سياسية في لحظة حاسمة وتُعيد ترتيب أوراق هذه الأزمة بما يسمح بحلها، فقد ثبت أن الدعم العسكري والمالي لكييف لم يكن استراتيجية ناجعة، وحان الوقت لإعادة تقييم الأوضاع وتبنّي مقاربات جديدة أنجع.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.