تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لاجئو المناخ في الأفق

مصدر الصورة
عن الانترنيت

بات من شبه المؤكد أن قضية التغير المناخي أصبحت مصدر كثير من أزمات كوكب الأرض الخطيرة، من أعاصير وفيضانات وجفاف ومجاعات واحترار يفوق المألوف. ومثلما تفعل هذه العوامل فعلها وتخلّ بتوازنات الطبيعة، تساهم بقدر كبير في حركات نزوح السكان في العالم، ففي كل عام تدفع الكوارث المناخية عشرات الملايين إلى مسارات الهجرة غير الشرعية بحثاً عن الأمن بمفهومه الشامل.

دول كثيرة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية لم تعد تستوعب الزيادة الكبيرة لسكانها، بسبب تدهور نسب التنمية وزيادة معدلات الفقر والبطالة وسوء التغذية، وقد فاقمت هذه الظواهر مشاكل التغير المناخي، خصوصاً في السنوات القليلة الماضية. وبحسب خبراء فإن المستقبل القريب سيشهد اتساعاً في حركة النزوح في العالم، سواء داخل البلد الواحد أو من قارة إلى أخرى، إذ لم تعد النزاعات والحروب والتأخر الاقتصادي من العوامل الطاردة للسكان، بل إن العوامل المناخية أصبحت أخطر وأكثر دفعاً للبشر إلى الانتقال من مكان إلى آخر.

ورغم عدم وجود إجماع حول العلاقة السببية بين الهجرة والتغير المناخي، إلا أن هذه الظاهرة لم تعد خافية، وبات مصطلح «اللاجئون المناخيون» متداولاً في أوساط الأنثربولوجيا، تمهيداً لاستخدامه السياسي في المنتديات والمؤتمرات والمقررات. وبقطع النظر عن دقة تطابق المصطلح مع الحالة، إلا أنه يعبر عن ظاهرة تتشكل تدريجياً وترسم معالم أزمة قد تعانيها الدول والمجتمعات في المستقبل، إذا لم تتم معالجة تداعيات التغير المناخي على الاستقرار البشري.

تجنُّب مواجهة هذه السيناريوهات المزعجة، يتطلب من صناع القرار في مختلف الدول الوعي المبكر والاستباقي لحدوث الظاهرة، وربما هذا الظرف مناسب لطرح مثل هذه الإشكاليات، والعالم أجمع يستعد لحضور مؤتمر «COP28» في الإمارات، التي أعدت أجندة متكاملة على أمل تحقيق نتائج مثمرة ومؤثرة، وتستند أهداف الأجندة إلى ركائز أساسية لمعالجة أزمة المناخ، منها تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، والحفاظ على البشر وتحسين الحياة وسُبل العيش.

وتعد مسألة الحفاظ على استقرار الناس في بيئاتهم المختلفة أساسية في تحقيق التنمية والتشجيع على تماسك المجتمعات. وأمام التغيرات المختلفة والتحولات المفاجئة، أصبح ضرورياً البحث عن حلول جريئة تخفف من ضغط التحديات، وتسمح بالحفاظ على الأمن العالمي؛ فالسلام المنشود لا يتصل بالضرورة بإنهاء الحروب والصراعات، وإنما بالمصالحة والتعايش بين الإنسان والطبيعة.

العمل من أجل مواجهة التأثيرات المناخية يساعد على الحد من كل التداعيات السلبية، بل إنه يحدّ من نشوب الأزمات والخلافات. ومنذ عقود يتم التحذير من حروب حول المياه أو الغذاء بين دولتين أو أكثر، أما اليوم فهناك نذر صراعات بسبب أزمات مناخية لا سياسية، ومؤشرات ذلك حالة الارتياب والقلق في أوروبا من موجات المهاجرين الأفارقة العابرين للبحر الأبيض المتوسط، أو قوافل اللاتينيين على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة.

والأسباب الظاهرة لهذه الحركة يمكن حصرها في الهروب من الفقر والمجاعات إلى رخاء العيش، أما الأسباب العميقة فتتصل بالتغير المناخي وما يخلّفه من أوضاع اجتماعية متعددة الوجوه تدفع بموجات من لاجئين بدت تلوح في الآفاق.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.