تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الأسواق العالمية تترقب نتائج خروج الصين من أسر الوباء

مصدر الصورة
وكالات

وجهت الأسواق العالمية أنظارها إلى بكين لمتابعة السياسات التحفيزية المرتقبة للنهوض بالاقتصاد الصيني، والذي يعد أكبر محرك للاقتصاد العالمي بعد مروره بانتكاسة غير مسبوقة بسبب قيود الإغلاق التي أضرت بالتجارة وتسببت في خفوت زخم الأعمال.

بكين - تستعد الحكومة الصينية لإطلاق سلسلة تدابير تحفيزية لإعادة إطلاق نشاطها الاقتصادي المتعثر، دون المغامرة في تحديد نسبة النمو التي يجب الوصول إليها كما حصل لها في العام الماضي.

وكشفت مصادر قريبة من مناقشات السياسة لرويترز الجمعة أن صانعي السياسة يخططون لإظهار المزيد من الدعم للطلب المحلي هذا العام، لكن من المرجح ألا يخصصوا مبالغ كبيرة لدعم المستهلك المباشر، مع إبقاء تركيزهم بشكل أساسي على الاستثمار.

وفي الأسابيع الأخيرة، كرر كبار المسؤولين عزمهم العمل على دفع القوة الاستهلاكية لنحو 1.4 مليار صيني، بعد أن تراجع النمو الاقتصادي العام الماضي إلى واحد من أضعف مستوياته منذ ما يقرب من نصف قرن.

وأدى ذلك إلى رفع التوقعات بإمكانية الإعلان عن إجراءات تحفيز واسعة النطاق للسكان في اجتماع سنوي للبرلمان عقد خلال مارس الماضي.

 

غوه تيانيونغ: الحكومة لطالما كانت تفضل الاستثمار وإطلاق المشاريع

وشعر الأكاديميون البارزون بالجرأة للتحدث علنا عن تدابير جانب الطلب الكبيرة مثل تريليون يوان (148.28 مليار دولار) أو أكثر في قسائم الاستهلاك على مستوى البلاد.

ومع ذلك، تتوقع المصادر المطلعة أن تلتزم بكين بشكل وثيق بسياساتها المألوفة لدعم الصناعات الرئيسية والازدهار في البنية التحتية، بهدف دعم الوظائف والمداخيل مما سيؤدي في النهاية إلى رفع ثقة المستهلك عن أدنى مستوياتها القياسية.

وقال مصدر تحدث لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة المغلقة للمناقشات السياسية، إن “هناك خيارات محدودة لتحفيز الاستهلاك”. وأضاف “إمكانية إعطاء الدعم النقدي ضئيلة”.

وكان العام الماضي محبطا للمستهلكين الصينيين الذين تحملوا وطأة قيود الوباء القاسية التي تم رفعها فجأة في ديسمبر الماضي.

وانخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 0.2 في المئة، وهو ثاني أسوأ أداء منذ عام 1968، بينما ارتفع الدخل المتاح للفرد بنسبة 2.9 في المئة فقط، وهو ثاني أقل ارتفاع منذ عام 1989.

وجادل العديد من الاقتصاديين لسنوات بأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة يجب أن يستعيد توازنه، ويعتمد أكثر على الاستهلاك المحلي ويقلل من اعتماده على الاستثمار المدعوم بالديون، والذي ينتج الآن ديونا أكثر من النمو.

 

شركة الأبحاث أي.أن.زد تستبعد انتقال الودائع المتزايدة للأفراد بالكامل إلى الاستهلاك الخاص

ويُعد إحياء طلب المستهلكين بسرعة أكثر أهمية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي هذا العام بعدما تعثرت صادرات البلد وسط تباطؤ عالمي وسوق العقارات المتضرر من الأزمة الذي يكافح للوقوف على قدميه مرة أخرى.

لكن تردد صانعي السياسة الواضح في الانحراف بسرعة كبيرة، أو بعيدا جدا، عن قواعد اللعب الاستثمارية القديمة الخاصة بهم، يسلط الضوء على صعوبة أي إجراء لإعادة التوازن للاقتصاد البالغ 18 تريليون دولار.

ومنذ مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي للحزب الشيوعي في ديسمبر الماضي، تعهد كبار صانعي السياسة بتعزيز القدرة الشرائية للمستهلكين، دون أن يوضحوا الطريقة.

وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ الأربعاء الماضي إنه “يجب اتخاذ خطوات حتى يجرؤ المستهلكون على الإنفاق دون القلق بشأن المستقبل”.

وتُظهر بيانات البنك الدولي أن الاستثمار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للصين يزيد بحوالي 20 نقطة مئوية عن المتوسط العالمي، في حين أن استهلاك الأسر أقل بحوالي 20 نقطة، وهو اختلال أكبر من اليابان في الثمانينات، قبل الركود الطويل.

ويرى محللون أن التغيير يبدو أسهل قولا من فعله بعدما أشار القادة الصينيون إلى عزمهم على زيادة الاستهلاك المحلي عدة مرات في العقد الماضي، دون الكثير من المتابعة.

وأكدت المصادر المشاركة في مناقشات السياسة الداخلية أن صانعي السياسات قلقون من أن المساعدات النقدية الكبيرة ستؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في الثروة، وانخفاض الإنتاجية ومخاطر التضخم.

ويرى بعض الاقتصاديين أيضا أن أي مكاسب في المبيعات قد تكون قصيرة الأجل. وقال غوه تيانيونغ الأستاذ بجامعة بكين المركزية للمالية والاقتصاد لرويترز إن “الحكومة تفضل الاستثمار وإطلاق المشاريع”.

ونظرا إلى مثل هذه المخاوف، فإن الحجج الخاصة بقسائم المستهلك التي تمولها بكين، حيث تزيد عن تريليون يوان قدمها أكاديميون مؤثرون مثل ياو يانغ عميد المدرسة الوطنية للتنمية في جامعة بكين، لا تبدو مقنعة.

كما أن مقترح دعم شبكة الأمان الاجتماعي والتي بالكاد تبدو ملحوظة رغم دفاع المسؤولين عن نموذج النمو المرتكز على المستهلك، يفقد قوته.

ويشعر مستشارو صانعي السياسة الصينيين بالقلق من أن ضعف الطلب في الغرب يهدد وظائف التصنيع، وهم يجادلون بأن مجموعة من الصناعات، بما في ذلك التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، تتطلب الدعم.

ويؤكدون أن الإنفاق على البنية التحتية يجب أن يستمر إذا ما أرادت بكين خفض بطالة الشباب من مستويات شبه قياسية.

وقال مستشار بمجلس الوزراء الصيني، لم تذكر رويترز هويته، إنه “يجب أن نضمن نموا يزيد عن 5 في المئة هذا العام”. وأضاف “إذا انتعش الاقتصاد، ستمتلك الشركات أموالا وسيحصل الناس على وظائف ودخل”.

وتتوقع المصادر أن توسع الحكومة عجز ميزانيتها إلى نحو 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام لتلبية احتياجات الإنفاق، مما يزيد الدين العام الإجمالي.

ويقول محللون إن الطلب المكبوت أثناء الوباء قد يكون كافيا لزيادة الاستهلاك مع القليل من الدعم السياسي. ويشيرون إلى أن مدخرات الأسر الجديدة وصلت إلى 17.8 تريليون يوان العام الماضي، بزيادة قدرها 7.9 تريليون يوان عن عام 2021.

لكن يحذر آخرون من أن جزءا كبيرا من الارتفاع يمكن تفسيره من خلال عمليات إعادة التخصيص أولا بأمان المستهلك في الودائع المصرفية وأن العديد من هذه الودائع لها آجال استحقاق طويلة الأجل.

وكتب اقتصاديون في شركة إيكونوميكس آند ماركت للأبحاث (أي.أن.زد) يقولون إنه “من غير المرجح أن تنتقل الودائع المتزايدة للأفراد في الصين بالكامل إلى الاستهلاك الخاص”.

وقال مستشارون حكوميون إن سياسات تعزيز الاستهلاك لا تزال تحتل مكانها على جدول الأعمال، لكن من المرجح أن تكون محلية بطبيعتها ومتواضعة.

وقدمت مدن صينية بالفعل قسائم استهلاك وإعانات بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 5 مليارات يوان منذ ديسمبر الماضي.

وتعهدت حكومة مقاطعة جيانغسو بتقديم دعم مهرجانات التسوق، بينما وعدت مقاطعات أخرى بدعم مشتريات السيارات الكهربائية أو خدمات رعاية كبار السن، حسبما ذكرت وسائل الإعلام المحلية.

وقال أحد المصادر إن “الدعوات لإصدار قسائم الاستهلاك والإعانات المباشرة آخذة في الازدياد، لكن يجب أن نسمح للحكومات المحلية بالقيام بالمهمة بناء على الظروف المحلية”.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.