تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

في الهند.. حليب النوق متوفر لأن هناك ثلاجات شمسية

مصدر الصورة
وكالات

أسهم استثمار بعض المنظمات غير الحكومية في الطاقة الشمسية في مساعدة رعاة الإبل في أرياف الهند الفقيرة على زيادة إنتاجهم والتمسك بقطعانهم، بعد أن كانوا يعانون من سرعة فساد الحليب وعجزهم عن تخزينه بسبب درجات الحرارة المرتفعة. أما اليوم، فأصبحت هناك مبردات تعمل بالطاقة الشمسية، وهي وإن كانت لا تزال قليلة، إلا أنها تمنحهم فرصة لتخزين إنتاجهم وبيعه.

جيسلمير(الهند) - كانت الشمس في السابق مصدرا للمشاكل بالنبة إلى مربي الجمال في الهند، لكنها اليوم أصبحت تعزز دخلهم رغم ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ.

ويكتسب الرعاة رزقهم من بيع حليب قطعانهم، لكن درجات الحرارة التي تصل إلى 52 درجة مئوية كانت تفسده قبل أن يتمكنوا من بيعه إلى مصنع الألبان المحلي الواقع في صحراء ثار بغرب الهند.

وابتسم الحظ للهندي بهانوار رايكا الرجل البالغ من العمر 55 عاما في فبراير الماضي بعد تركيب نظام تبريد يعمل بالطاقة الشمسية ويحمل اسم “مبرد الحليب الفوري”. حدث هذا على بعد كيلومترين من قريته نوخ الواقعة في ولاية راجاستان.

ويسمح هذا للراعي ورفاقه بتخزين الحليب الطازج ونقله إلى باجو للألبان، التي تمتلكها منظمة أورمول سيمانت ساميتي غير الحكومية، التي اشترت المبرد وتديره بالتعاون مع المجتمعات المحلية. وبفضل ذلك تضاعف دخل رايكا الشهري أكثر من أربع مرات خلال العام الماضي، ليصل إلى حوالي خمسين ألف روبية (612 دولارا).

وقال إن “الطقس أصبح أكثر سخونة خلال السنوات القليلة الماضية، وكان من المذهل بالنسبة إلي أن أرى أن نفس الشمس التي من شأنها أن تفسد لترات من الحليب بسرعة كبيرة تبرده وتحافظ عليه طازجا”. ويستفيد اليوم ما لا يقل عن 700 من رعاة الإبل وعائلاتهم في مقاطعات بيكانير وجودبور وجيسلمير من مبادرة المنظمة غير الحكومية التي نجحت حتى الآن في تركيب أربعة مبردات تعمل بألواح شمسية على مسافة قريبة من ثماني قرى في المنطقة.

◙ المجتمعات الريفية جزء لا يتجزأ من سعي الهند لتعزيز الطاقة الخضراء بفضل وصولها المتزايد إلى الطاقة النظيفة

ويمكن للمبردات تخزين ما بين 500 و1500 لتر من الحليب لكل منها، وتكلف الوحدات الأصغر 900 ألف روبية (11030 دولارا) والأكبر 1.4 مليون روبية (17289 دولارا).

وكان تصميم الماكينات يهدف إلى إطالة العمر الافتراضي للحليب لمدة ثلاثة أيام على الأقل إذا أمكن تخزينه في 4 درجات مئوية، ولمدة أطول إذا تقرر تجميده. وقال مدير المشروع موليتال كوماوات، الناشط في المنظمة غير الحكومية الهادفة إلى دعم المجتمعات الريفية في ولاية راجاستان، إن “هذا المجتمع يساعد على تحقيق دخل عادل، بحيث لم يعد الرعاة يخشون فساد الحليب وتكبد خسائر”.

وجُمع حوالي 80 في المئة من تمويل المشروع من مجموعات مثل مؤسسة سيلكو التي مقرها الهند، وهي تعزز الوصول إلى الطاقة. كما جاء الدعم من الصندوق العالمي للحياة البرية الذي يدعم الانتقال العالمي من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المستدامة. وأضاف كوماوات أن المجتمعات التي تستخدم المبردات ساهمت كذلك في المشروع بالعمل والتبرعات للمساعدة على إنشاء الوحدات.

وأقامت المؤسسات الخيرية والشركات في جميع أنحاء البلاد خلال السنوات الأخيرة وحدات تخزين لتبريد المنتجات الزراعية تعمل بالطاقة الشمسية، بما يوفر بديلا عن الأنظمة المتصلة بالشبكة الكهربائية التي عادة ما تكون كلفتها مرتفعة بالنسبة إلى المزارعين الذين يجب عليهم تشغيلها عن طريق مولدات الديزل الملوثة أثناء انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في المناطق النائية.

وقال هارجيت سينغ من شبكة العمل المناخي الدولية “إن هذه النوعية من المشاريع أصبحت ضرورية لتعزيز التحول الهندي نحو أنظمة الطاقة النظيفة المستدامة. ويمكن أن تساعد هذه الخطوة المجتمعات الريفية في نهاية المطاف على إنهاء اعتمادها على الوقود الأحفوري”.

وتابع سينغ، الذي يشغل منصب رئيس الإستراتيجية السياسية العالمية في التحالف العالمي للمنظمات غير الحكومية، أن “الوضع مربح في الأساس، حيث تصبح المجتمعات الريفية النائية جزءا لا يتجزأ من سعي الهند لتعزيز الطاقة الخضراء بفضل وصولها المتزايد إلى الطاقة النظيفة لتوفير سبل العيش”.

وتنتشر معظم جمال الهند في ولاية راجاستان، وتمثل جزءا رئيسيا من الهوية الثقافية لرعاة الرايكا الأصليين. وكان بيعها يتم على نطاق واسع بصفتها حيوانات جر حتى أعلنت المنطقة في 2014 عن كون الجمل حيوانها الرسمي، وأدخلت تدابير لحمايته ومنع بيعه إلى ولايات أخرى في الهند، مما أثر على المجتمعات المحلية اقتصاديا.

وقال روبارام رايكا، وهو أحد الشيوخ المقيمين في قرية غراندي في بيكانير، “إن الرعاة بدأوا بعد ذلك يبيعون حليب الإبل الذي يعتبر صحيا أكثر من حليب البقر ويستخدم لعلاج أمراض مختلفة مثل السل”.

أصبح بإمكاننا تخزينه

وقد وفّر هذا التحول وظائف جديدة، إذ غالبا ما يشغل الشباب مراكز صيانة المبردات الشمسية وإدارتها. وتتلقى مجموعات من الشباب علبا فولاذية مملوءة بالحليب من المنازل كل صباح لتنقلها إلى مراكز التجميع، حيث يعمل آخرون ممن تلقوا تدريبا على اختبار الحليب من حيث النقاوة والجودة قبل تخزينه في وحدات التبريد التي تعمل بالطاقة الشمسية.

وقال بريم رايكا، البالغ من العمر 22 عاما، وهو ابن الراعي رايكا “أستطيع أن أعرف في غضون دقائق ما إذا كان الحليب نقيا وطازجا”. وهو اليوم واحد من العديد من الشباب في القرية الذين قرروا البقاء في المنطقة النائية، على الرغم من تعليمهم، والعمل على إنتاج حليب الإبل بدلا من البحث عن فرص عمل في أماكن أخرى في الهند.

كما وجدوا عملا إلى جانب التجميع وتشغيل المبردات، يتمثل في بيع المنتجات المصنوعة من حليب الإبل في المتاجر وعلى الإنترنت. ويكسب الشباب مثل رايكا في المتوسط ​​ حوالي 15 ألف روبية (184 دولارا) شهريا، وفقا لمنظمة أورمول.

◙ هذه المشاريع أصبحت ضرورية لتعزيز تحول الهند نحو أنظمة الطاقة النظيفة وإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري

وقالت بهنواري ديفي سونثار، شيخة قرية غراندي في بيكانير، “إن تركيب مبردات الحليب الفوري ساعد في رفع متوسط ​​دخل الأسرة إلى ما بين 40 و45 ألف روبية (491 إلى 552 دولارا)، فيما شكّل ارتفاعا من 10 إلى 12 ألف روبية (123 إلى 147 دولارا).

وأضافت “يسعدني أن أرى المزيد من الأطفال يذهبون إلى المدارس وحتى إلى الجامعات من عائلاتنا اليوم”، معتبرة أن زيادة الدخل تعني أن بعض العائلات تمكنت من شراء جمال إضافية وبيع المزيد من الحليب في نهاية المطاف.

وقال كوماوات من أورمول “إن المنظمة غير الحكومية تخطط لمضاعفة عدد مبردات الحليب من أربعة إلى ثمانية لتغطية المزيد من القرى في مقاطعات بيكانير وجودبور وجيسلمير خلال الأشهر القليلة المقبلة، إذا مكّن التمويل من ذلك”. وذكر أن العثور على تمويل لشراء المزيد من الوحدات كان العقبة الرئيسية أمام توسيع نطاق المشروع.

وتسعى الشركات الربحية أيضا إلى إنشاء سلاسل توريد حليب أكثر استدامة في الهند. وقال أحد أكبر المنتجين في العالم "إن مسار المبردات لا يخلو من التحديات".

كما قالت شركتا "إنفيكولد" و"برومبت دايلي تيك" اللتان باعتا المبردات إلى أورمول "إن التركيب والصيانة قد يكونان صعبيْن في المناطق النائية، مع ارتفاع درجات الحرارة وتواتر العواصف الرملية ونقص القوى العاملة المدربة وغير ذلك من العقبات".

ومع ذلك قال نيتين غويل، وهو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سلسلة التبريد إنفيكولد، "إن الأنظمة صُممت بالفعل للعمل في ظروف مناخية صعبة والشركة دربت الشباب المحليين على تنظيف الألواح والوحدات الشمسية".

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.