تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

النقد الدولي يجبر القاهرة على تعليق القروض المدعومة

مصدر الصورة
وكالات

أرغم صندوق النقد الدولي مصر على تعليق منح القروض المدعومة في مجالات حددتها السلطات منذ عامين، كأحد الشروط المرتبطة بالحصول على تمويل، في خطوة تهدف إلى توحيد أسعار الفائدة وإلغاء المبادرات التمويلية منخفضة العائد لكثير من القطاعات الحيوية.

القاهرة - دخلت مصر مواجهة جديدة مع رجال الأعمال، الذين يستثمرن في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة، بعد أن علّقت مبادرات التمويل الداعمة لتوسعاتهم بضغط من صندوق النقد الدولي.

وتأتي هذه الخطوة مع أن الكثير من الشركات لا تزال تعاني بسبب شُح الدولار الذي يقف حجر عثرة أمام استيراد خطوط الإنتاج وبعض الخامات الضرورية لبدء التشغيل.

وأصدر رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي قرارا يحظر على كل الجهات أو الهيئات، بما فيها البنك المركزي، إعداد أو صياغة أو تمويل مبادرة جديدة أو تعديل أي مبادرة قائمة “مدعمة الفائدة” تترتب عليها أعباء مالية على الخزانة العامة إلا بعد موافقته، بناء على دراسة لوزارة المالية.

وأطلق المركزي في العامين الماضيين مبادرات هدفت إلى تحسين إمكانية الحصول على تمويل بقطاعات رئيسية في الاقتصاد، منها الصناعة والتمويل العقاري لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل، ودعم قطاع السياحة.

وعلاوة على ذلك، إحلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج (الهجينة)، وتحديث نظم الري، وسمحت بالحصول على قروض من البنوك التجارية بأسعار فائدة تفضيلية مدعومة من البنك المركزي.

ويتم نقل تبعية المبادرات إلى جهات حكومية، تشمل وزارات الإسكان والمالية والسياحة، وفي هذا السياق خاطب البنك المركزي البنوك العاملة في مصر لتنفيذ القرار الجديد، والذي يوقف مبادرة القطاع الخاص ذات الفائدة 8 في المئة.

وشهدت المفاوضات بين مصر وصندوق النقد مطالبات بتوحيد أسعار الفائدة، واستجابت القاهرة للمطلب الشهر الماضي في ماراثون بدأ منذ مارس الماضي.

وتمكنت القاهرة من التوصل إلى اتفاق بشأن قرض قيمته 9 مليارات دولار، بينها 3 مليارات دولار من الصندوق، ومليار دولار من صندوق الاستدامة والمرونة، و5 مليارات دولار من الشركاء الدوليين، ومن المتوقع الحصول على أول الشرائح خلال ديسمبر المقبل.

ويتنافى القرار الجديد مع دعم الدولة وحرصها على النهوض بقطاعات الصناعة والزراعة، فضلا عن خفض استهلاك البنزين والسولار، ويزيد من تعثر العديد من الشركات السياحية والفنادق الراغبة في التطوير.

كما أن الأزمة في قطاع العقارات قد تطول ويمكن أن تعمق ركوده الفترة المقبلة، في ظل انخفاض قيمة رواتب المواطنين بسبب التضخم، وعدم القدرة على شراء الوحدات السكنية غير المدعومة.

ومن المتوقع أن يقوض القرار الاتجاه نحو الاستثمار في المشاريع الزراعية للاعتماد على وسائل ري حديثة تخفض من هدر المياه، وربما تشهد الأيام المقبلة مبادرات جديدة تتحملها الحكومة كي لا تتعطل مسيرة بعض المشروعات.

وقال عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين حسن الشافعي لـ"العرب" إن "إلغاء المبادرات معناه إيقاف الحصول على القروض من البنوك بمعدل 8 في المئة للمشاريع الصناعية والزراعية والسياحية والعودة إلى التمويل بالحصول على فائدة بمعدلات أعلى".

ورفع البنك المركزي سعر الفائدة في أكتوبر الماضي خلال اجتماع استثنائي، حيث بلغ سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 13.25 في المئة و14.25 في المئة و13.75 في المئة على التوالي.

ويتزامن قرار مجلس الوزراء مع ارتفاع أسعار الدولار بشكل كبير في السوق المحلية، بالتالي تتجه الشركات إلى خفض الاستيراد.

كما أن أسعار الفائدة مرتفعة في البنوك، وهذا يعني أن المشاريع الزراعية والصناعية والسياحية إذا لم تنجح في زيادة أرباحها ستضطر إلى خفض حجم الإنتاج، ما يؤدي إلى انخفاض في الصادرات.

وتشمل المعادلة انخفاضا في الاستيراد وتراجعا في الصادرات، ومن ثم حدوث المزيد من الانكماش في الاقتصاد، وهي حالة صعبة وخطيرة.

وتقر الحكومة بأنها لا تستطيع منح قروض مدعومة حاليا، لأنها تتحمل فارق سعر الفائدة الممنوح عن أسعار الفائدة الرسمية، وهي أزمة تضرب الصناعة والزراعة.

ويرى الشافعي أن الفترة المقبلة ستشهد أزمات إضافية في بعض المصانع ومشاريع الزراعة التي كانت تقترض بمعدلات 8 في المئة، خاصة أنها واجهت ضربات متلاحقة مؤخرا، بسبب شح الدولار وأزمة الاعتمادات المستندية وصعوبة استيراد مستلزمات الإنتاج.

وأكد أن جمعية رجال الأعمال تعمل على إعداد ورقة عمل تمثل رؤيتها بعد هذه القرارات للحفاظ على الاستثمارات القائمة وعدم تراجعها وجذب استثمارات في هذه المرحلة الحرجة، وسيتم إرسال الورقة إلى الجهات الحكومية المعنية.

وربما يكون إسناد المبادرات المتعلقة بمنح القروض المدعومة للقطاعات الحيوية لمختلف الوزارات بداية تهدف إلى إلغائها طوال استمرار أزمة شُح السيولة، والتي بسببها لا تستطيع الحكومة الاستغناء عن قروض صندوق النقد، وتُعلن دائما عن برامج إصلاح اقتصادي، لكن لم يظهر تأثيرها عمليا.

وفي ظل القرار الجديد، ينبغي على الحكومة منح الشركات تسهيلات تعادل المزايا التي كانت متوافرة بالقروض المدعومة، ومنها خفض الضرائب على الشركات ورسوم تجديد التراخيص والجمارك وغير ذلك.

وأوضح الأمين العام لجمعية مستثمري العاشر من رمضان أيمن رضا أن القرار يؤثر سلبا على بعض المشاريع الأساسية، وفي مقدمتها الصناعة والزراعة.

وقال لـ”العرب” إن “العاملين في هذين المجالين يطالبون بأسعار فائدة مميزة للمنافسة وخفض التكاليف لامتلاك قدرة على التصدير، خاصة مع مساعي الدولة لتحقيق خطتها الرامية للوصول إلى 100 مليار دولار كعوائد من التصدير".

وأكد أن القرار يهدد الإنتاج والتصدير، لكن يبدو أن القيمة التي تم رصدها من قبل الحكومة لتحقيق المبادرات نفدت، وانتهى العمل بها، ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة لأي مبادرات تصدرها الحكومة عبر الوزارات مرتفعة ومنعدمة الميزة في المستقبل.

وتكبد المبادرات ذات التمويل المنخفض السلطات نحو 11 مليار دولار من ميزانيتها، وتخلق ضغوطا على ميزانية المركزي، ما كبده خسائر على مستوى صافي نتائج الأعمال بسبب دعمه للفائدة وتسديد الفرق بين سعر الفائدة الحر والمدعم للبنوك.

ولذلك تجاوزت خسائر المركزي في آخر خمس سنوات، من يونيو 2018 حتى يونيو الماضي، 4 مليارات دولار. ووفق تصريحات صحافية لنائب محافظ البنك جمال نجم، فإن المبادرات التي أطلقها البنك بفائدة مدعمة تعد أحد أسباب تكبده خسائر في ميزانياته الأخيرة.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.