تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أي نظام عالمي سيتشكّل بعد الحرب في أوكرانيا..؟!

مصدر الصورة
وكالات- أرشيف

أولاً، لم يعد سراً أنّ معركة أوكرانيا تأتي في سياق الحرب العالمية لتشكيل النظام العالمي الجديد. الدليل هو إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تطورات الأحداث الأخيرة حول أوكرانيا تحظى بأهمية قصوى بالنسبة للعالم برمته، "نمر الآن بمنعطف مفصلي في التاريخ المعاصر يعكس المعركة من أجل مستقبل النظام العالمي" (روسيا اليوم 16/3/2022).

ثانياً، الحرب ستحدد مصير ومستقبل ومكانة روسيا العالمية. فبحسب مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين، فإن مصير روسيا يتم تحديده حاليا، وهي لن تتراجع أبداً في الأمور المتعلقة بضمان سيادتها. وقال ناريشكين أمام مجلس خبراء التعليم التاريخي بوزارة التعليم والعلوم: "إن بلدنا يمر الآن بلحظة تاريخية حقيقية. إن مصير روسيا ومكانتها المستقبلية في العالم يتم تحديديهما" (روسيا اليوم 16/03/2022). ولفت مسؤول الاستخبارات الخارجية الروسية إلى ضرورة ألا ننسى أن "العامل الرئيس في تطور روسيا، وهو جوهر تاريخها الممتد لألف عام، كان ولا يزال السيادة، الحق في تقرير مصيرها ذاتياً بشكل مستقل وبحرية ووعي".

ثالثاً، لماذا الآن؟ لماذا لم تساعد روسيا يوغسلافيا وليبيا وقبلهما العراق؟ يجيب رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين، بالقول: "وقتها لم نكن قادرين على حماية أشقائنا". فقد كتب فولودين عبر "تلغرام" يوم الخميس 24 آذار الجاري: "في مثل هذا اليوم قبل 23 عاما، استيقظ مواطنو يوغوسلافيا المسالمون على صفارات الإنذار من الغارات الجوية. بدأ حلف الناتو بقصف بلغراد... نشعر بألم خاص بسبب تلك الأحداث. ولكن يجب الاعتراف بأنه في عام 1999 لم يكن بلدنا الذي عانى من دمار التسعينيات وخيانة النخب الوطنية، يتمتع القوة الكافية لمساعدة الشعوب الشقيقة ليوغوسلافيا السابقة وحمايتها من عدوان الناتو". ويؤكد فولودين أنه بعد عقدين من الزمن تغير الوضع، وأصبحت روسيا الآن دولة قوية ومستقلة بجيش جاهز للقتال.

رابعاً، الحرب ليست عسكرية فحسب، بل إعلامية ودبلوماسية واقتصادية وثقافية وفكرية. فقد تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة 25/3/2022، عن محاولات "إلغاء روسيا"، وشدد على أنها لم تبدأ بالأمس. وأشار بوتين إلى أنه تم في هوليوود، إنتاج أفلام كثيرة جرى فيها وصف الولايات المتحدة بالمنتصر الوحيد في الحرب ضد النازية، وشُطبت مساهمة الجيش الأحمر في هذه الحرب. وشدد بوتين على أن الغرب يحاول اليوم شطب وإلغاء روسيا وشعبها الذي يبلغ عمره ألف عام.

خامساً، العقوبات الغربية ضد روسيا تعكس جانباً من هذه الحرب. ومن الطبيعي أن يكون لروسيا التي تصدت للهيمنة الغربية رأيها وردّها في هذا الجانب. فتشكيل النظام العالمي الجديد يقتضي تغيير الجوانب المتعلقة به في المجالات المختلفة. ولذلك، فقد أكد نائب رئيس مجلس الأمن دميتري مدفيديف، إن الحرب الاقتصادية بدون قواعد ضد روسيا، والتي بدأتها الدول الغربية، ستدمر الهيكل الاقتصادي العالمي بأكمله "في الغرب يجمدون أصول المؤسسات المالية وحتى البنك المركزي، بل وحتى يتحدثون عن الاستيلاء على هذه الأصول، أي تأميمها. هذه طبعا حرب بدون أية قواعد. وستكون نتيجتها تدمير بنية كل الاقتصاد العالمي" (روسيا اليوم 26/3/2022).

سادساً، مواجهة روسيا للتسلط الغربي بقيادة الولايات المتحدة، لم تبدأ في أوكرانيا، بل قبل ذلك بوقت طويل؛ بدأت عسكرياً في سورية عام 2015، عندما دخلت قوات الجيش الروسي لنصرة قوات الجيش العربي السوري في حربه الشرسة ضد الإرهابيين والمسلحين المتطرفين الذين ارسلتهم واشنطن وحلفاؤها لتدمير سورية وتخريبها. واليوم تستكمل الحرب ضد محاصرة روسيا ومحاولة تدميرها.

روسيا ليست وحدها في هذه الحرب؛ كثيرون لم يعلنوا مواقفهم لأنهم لا زالوا يخشون البطش الأمريكي حيث لم تتضح الصورة كاملة بعد، وآخرون يرون أنّ روسيا ليست بحاجة للدعم حتى الآن؛ وثمة من يُبقي دعمه خفياً ليكون مفاجأة الحرب! أياً يكن، إن تمكنت روسيا من الانتصار كما هو متوقع، فإن النظام العالمي سوف يتغيّر وتتغيّر معه النظم الاقتصادية والثقافية والفكرية وموازين العلاقات الدولية وستتراجع هيمنة القيم والثقافات الغربية.

المعركة طويلة على ما يبدو ومفتوحة ولا شك بأنها قد تشهد انقلاباً في مواقف الأطراف الدولية ولاسيما الغربية منها بسبب الكره الضمني لسطوة الولايات المتحدة. الصين أيضاً ليست عنصراً حيادياً في هذه التطورات وهي لم تقل كلمتها بعد ولم تعلن كل ما تريد..!!

                          بديع عفيف

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.