تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

وائل عواد يكتب عن ...أوربا بين الشّريك  الصّيني و الحليف الأمريكيّ

مصدر الصورة
خاص

لم يكن الصّراع الأمريكيّ - الصّينيّ حول قيادة العالم وليد السّاعة، بل لأكثر من أربعة عقودٍ من الزّمن بعد تطبيع العلاقات بين البلدين وبدء الاستثمار الأمريكيّ في الصّين في العديد من القطّاعات لتصبح الصّين الشّريك الأوّل للولايات المتّحدة.  وبدأت قصّة نجاح الثّورة الصّينيّة مع بدء الثّورة الصّناعيّة والزّراعيّة  خلال حكم  الزعيم دنغ شياو بينغ من خلال خصخصة قطّاعات الزّراعة والصّناعة وتحسين البنية التّحتيّة. وساهم رأس المال والعمالة الرّخيصة والقدرة الإنتاجيّة على النموّ الاقتصاديّ المثير ليصبح قرابة 10%. وبدأت بكّين بتغيير نمط التّجارة  وإعادة هيكلة الشّركات  المملوكة من قبل الحكومة وزيادة الاستثمار في الأصول الثّابتة والتمويل الأجنبيّ والمدّخرات الشّخصيّة مع زيادةٍ ملحوظةٍ في مستوى التّعليم في الدّاخل والخارج، خاصّةً في مجالات الهندسة والعلوم . وبدأت الصّين تتحوّل تدريجيّاً إلى اقتصاد السّوق، وبدأت الاستثمارات تتدفّق إلى الصّين، خاصّةً من هونغ كونغ وتايوان ودول النّمور الآسيويّة، وساهمت الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوربي واليابان بنسبة 10% من نسبة الاستثمار الخارجيّ في الصّين؛ وهذا حوّل الاقتصاد الصّينيّ، ودفع إلى إنشاء شركاتٍ صينيّةٍ عملاقةٍ، وتحقيق صناعاتٍ ناجحةٍ. وبدأ الأداء الصّينيّ العالميّ يتحسّن، كما أصبحت الصين لاعباً رئيسيّاً في الاقتصاد العالميّ، وأصبحت الولايات المتّحدة ودول الاتّحاد الأوربيّ الشّريكين الأساسيّين للصّين. وانضمّت الصّين إلى منظّمة التّجارة العالميّة عام 1992، وكانت من الأعضاء المؤسّسين عام 1996 لاجتماع آسيا- أوربا (ASEM). وبدأت الصّين تخطو بسرعةٍ فائقةٍ في مواجهة التّحديات الاقتصاديّة مثل زيادة نسبة العمالة في البلاد، والتي وصلت إلى مليار نسمةٍ ما بين الأعمار 15-64، وامتصاص العمالة الفائضة. وكانت الصّين على درايةٍ بأنّ نجاح سياستها الاقتصاديّة الجديدة، ومدّ نفوذها في العالم يحتاج إلى بيئةٍ دوليّةٍ حميمةٍ، وبالفعل ابتعدت عن التّدخل في شؤون الدّول الأخرى، وبدأت بشقّ طريق فرض نفوذها على العالم من خلال سياسة القوة النّاعمة، والابتعاد عن القضايا السّياسيّة والخلافات والصّراعات ضمن سياستها المبنيّة على خمسة مبادئ؛ ألا وهي عدم التّدخل، وعدم الاعتداء المتبادل، واحترام السّيادة والمساواة والمنفعة المتبادلة . لقد زاد فائضها الإنتاجيّ ورأس المال ممّا دفعها لتنويع اقتصادها واستثماراتها الخارجيّة، وبدأت بشراء كميّاتٍ كبيرةٍ من النّفط والغاز من الدّول الخليجيّة وإيران وكازخستان وأستراليا وإندونيسيا،  وكذلك الاستثمارات في قطّاعات تعدين النّحاس والحديد في البرازيل وإفريقيا الوسطى.

وشعر صنّاع القرار في البنتاغون أنّ التنّين الصّينيّ بدأ يصحو وأنّ نفوذه التّجاريّ والاقتصاديّ يمتدّ في العالم ممّا سبّب تنافساً للشّركات الأمريكيّة، وبدأ بغزو الأسواق العالميّة بسرعةٍ، ولم يعد بمقدور الشّركات الأمريكيّة  منافسته بنزاهةٍ، وأصبحت الميول في البيت الأبيض للمدرسة التي تعتبر الصّين عدوّاً للولايات المتّحدة، وليس للمدرسة التي تعتبرها منافساً وحليفاً استراتيجيّاً.

إنّ هذه الاستثمارات ومدّ النّفوذ التّدريجيّ إلى دولٍ تعتبرها الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوربي محميّاتٍ لها منذ حقبة الاستعمار رافقها انحسارٌ اقتصاديٌّ عالميٌّ، وضعفٌ في  الإنتاج والنموّ الاقتصادي لهذه الدّول، والخوف من فقدان هذا النّفوذ في العالم بعد أن كانت سياسة العصا والاحتلال والضغوط وتغيير الأنظمة هي العناوين الرّئيسيّة لسرقة خيرات الشّعوب؛ وهذا ما يفسّر الصّعود الصّينيّ التّدريجيّ المبنيّ على الاقتصاد والتّجارة والمنافسة، بينما أنهكت الولايات المتحدة نفسها في الحروب والتّدخل في شؤون الدّول، وتطبيق سياسة تغيير الأنظمة بالقوّة، وشنّ حروبٍ بالوكالة للسّيطرة على ثروات الشّعوب، ومنع الاستثمارات الصّينيّة والرّوسيّة أيضاً، وهذا ماحصل في العراق والسّودان وليبيا، وبدأت دولٌ في القارّة العجوز بفرض سيطرتها من جديدٍ على عدّة دولٍ إفريقيّةٍ لقناعة بعض القادة الأوربيّين، ممّن بقي في جيناتهم النّزعة العدوانيّة، بالعودة إلى حقبة الاستعمار، وأنّ هذه الدّول هي مستعمراتٌ أوربيّةٌ.

نظريّة المؤامرة الترامبيّة وصعود بومبيو

لم تستطع الولايات المتّحدة الدّخول في المنافسة الحقيقيّة مع الصّين، وإنّما اعتمدت أسلوب الحروب وخلق الشّيطان خارج أراضيها، ومن ثمّ الذّهاب إلى هناك بحجّة محاربته، وبدأت بالانسحاب من المعاهدات الدّوليّة التّجاريّة والاقتصاديّة والمناخيّة  وحتّى المعاهدات والاتّفاقيّات النوويّة مثل الانسحاب من معاهدة الأجواء المفتوحة الموقّعة عام 1992، والتي كانت أداةً أساسيّةً  لتعزيز الاستقرار في أوربا  بعد انتهاء الحرب الباردة،  ودخلت حيّز التّنفيذ عام 2002 مع انضمام 34 دولةٍ إليها. وألغت واشنطن أيضاً معاهدة القوّات النوويّة المتوسّطة المدى لعام 1987، وبدأت إدارة ترامب تفكّك بشكلٍ منهجيٍّ كاملٍ نسجَ الحدّ من الأسلحة النووية التي ورثتها عن حقبة الحرب الباردة، وكثر الحديث عن احتمال قيام الولايات المتّحدة بتجربةٍ نوويّةٍ جديدةٍ في القريب العاجل، وثمّة مخاوف من أنّ إدارته لا تنوي التّمديد لاتّفاقيّة ستارت (START) - معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجيّة التي ينتهي مفعولها في 2021 .

وممّا زاد من الأوضاع سوءاً هو الانحسار الاقتصاديّ العالميّ، وانهيار الأسواق الماليّة، وزيادة حدّة التّنافس مع الشّركات الصّينيّة العملاقة التي بدأت تغزو الأسواق العالميّة.

 عندما وصل الرّئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض كثُرَ حديثه عن تخلّي إدارته عن الحقبة الماضية والتّركيز على سياسة "أمريكا أوّلاً"، والتي بدأت تؤثّر سلباً على حلفاء واشنطن الأوربيّين أيضاً وسط امتعاضٍ أوربيٍّ من سياسة الرّئيس ترامب تجاه القارّة العجوز. ولكن كما يقال "سبق السّيف العذل"، إذ لم تعد الولايات المتّحدة قادرةً على مضاهاة الشّركات الصّينيّة التي بدأت تنافس شركاتها العملاقة، ولا تملك القدرة على مواجهة التّنّين بشكلٍ مباشرٍ، وإنّما بممارسة سياسة زيادة الضّغوط وعسكرة آسيا باسيفيك،  وكذلك الأمر لا يمكن لأيّ رئيسٍ أمريكيٍّ مواجهة حكومة الظّلّ للقيادة العسكريّة والبنتاغون في إدارة السّياسة الأمريكيّة الخارجيّة، والتي تعتمد أساساً على افتعال الحروب والنّزاعات، وفرض الأتاوات على الدّول وابتزازها ماديّاً. ونجح الرئيس ترامب في نزع ما أمكن من المال من الدّول الحليفة باعتباره رجل أعمالٍ أوّلاً، ومن ثمّ التّفرّغ لإعادة عظمة الولايات المتّحدة وفرض هيمنتها على العالم بالقوّة. وبدأ بفرض قيودٍ جمركيّةٍ على البضائع الأوربيّة والصّينيّة والهنديّة ومطالبتها بتعديل الميزان التّجاريّ وتخفيض قيودها الجمركيّة  على المنتجات الأمريكيّة، وبدأت شعبيّة الرّئيس ترامب تزداد إثر محاولته إنعاش الاقتصاد الأمريكيّ ممّا أدّى إلى انخفاض نسبة البطالة في الولايات المتّحدة، ووقّعت الصّين معه على اتّفاقٍ تجاريٍّ جزئيٍّ في شهر فبراير/ شباط 2020 يتمّ بموجبه شراء بضائع أمريكيّةٍ بقيمة 200 مليار دولارٍ وزيادة الاستثمارات الصّينيّة في البنية التّحتيّة في الولايات المتّحدة؛ وشكر الرئيس ترامب نظيره الصّيني في أواخر شهر يناير/ كانون الثّاني الماضي. وكذلك شرح وزير التّجارة الأمريكيّ  ويلبر روس عن الأرباح والفوائد التي سوف تجنيها الشّركات الأمريكيّة.

وجاءت  جائحة فيروس كوفيد-19  لتقلب الموازين وتحدث الخلل في التّوازن الاستراتيجيّ العالميّ، وتصبح نقطة تحوّلٍ في العلاقات الأمريكيّة الصّينيّة بعد إطلاق الرّئيس ترامب نظريّته التّرامبيّة  بأنّ الفيروس هو فيروس ووهان أو فيروسٌ صينيٌّ فيما بعد لتزيد من  حدّة  التّصعيد و المواجهة مع الصّين، وذلك في محاولةٍ لتغطية فشله وتقاعس إدارته عن التّعامل مع الفيروس والوقاية منه والتّقليل من مخاطر تأثير الفيروس على الاقتصاد الأمريكيّ، والتذرّع بأنّ بلاده تسيطر على الوضع الصحيّ بشكلٍ جيّدٍ، وأنّ الإصابات بالفيروس معتدلةٌ للغاية، وأنّه كان يتوجّب على المصابين العودة لممارسة أعمالهم في أوائل شهر آذار/ مارس الماضي، على الرّغم من أنّ إدارة ترامب كانت على علمٍ بالفيروس منذ 3 يناير/ كانون الثّاني عندما اتّصل مدير مركز الأمراض والوقاية روبرت ر. ريدفيلد بوزير الصّحّة الأمريكيّ وأخبره أنّ الصّين اكتشفت فيروساً تاجيّاً جديداً كان يحذّر من انتشاره دينيس كوفمان، رئيس إدارة الاوبئة المعدية (2014-2017)،  وحتّى البيت الأبيض حذّر ترامب عام 2017. وبدأ الرئيس ترامب بالبحث عن كبش فداءٍ بعد أن أصبح الاقتصاد الأمريكيّ هو الأسوأ منذ عام 1930، وبدأت شعبية الرّئيس ترامب والحزب الجمهوريّ بالاحتضار والهبوط مع زيادة حدّة الانتقادات من الحزب الديمقراطيّ ومرشّحه - جو بايدن - للانتخابات الرئاسيّة المقبلة في شهر نوفمبر/ تشرين الثّاني القادم.

ودبّت حالةٌ من الذّعر في السّياسة الأمريكيّة للرّئيس ترامب، وكان لا بدّ من ترويضه بالعودة إلى العهد القديم في صناعة الحروب وبيع الأسلحة الأمريكيّة، والبحث عن مناطق نزاعٍ جديدةٍ، وكان لا بدّ من زيادة حدّة العداء للصّين واتّهامها بشكلٍ مباشرٍ بالوقوف وراء انتشار الوباء في العالم، والمطالبة بمحاكمة الصّين ومقاطعتها عالميّاً. وبدأت مطالبة الدّول الحليفة للولايات المتّحدة بشنّ حملة العداء ضدّ الصّين، وتحرّكت حكومة رئيس الوزراء الأستراليّ - سكوت موريسون - على خطّ المواجهة والمطالبة بإجراء تحقيقاتٍ دوليّةٍ حول جائحة الفيروس  ومنشئه بعد حذف الإشارة إلى الصّين، ووافقت عليه 112 دولةً بما فيها دول الاتّحاد الأوربيّ والهند .

كما أكّد تفاقم حدّة التّوتّر في المحيط الهادي وبثّ الرّعب في صفوف الحلفاء بأنّ القوّة البحريّة الصّينيّة تتزايد وتهدّد الأسطول الأمريكيّ،  وبدأت عدّة دولٍ تثير مشاكلها مع بكّين لتصبّ في إطار السّياسة الأمريكيّة  في تحجيم دور التّنّين المتنامي.

عالمٌ ثلاثيّ القطب (أمريكيٌّ - صينيٌّ – أوربيٌّ)

لا بدّ من القول هنا أنّ الولايات المتّحدة مازالت القوّة العظمى على الرّغم من سياسة الاستقطاب التي تعاني منها  داخليّاً، والتي أدّت إلى ولادة ظاهرة ترامب التي تسبّب إحراجاً للحلفاء وتعمّق الانقسامات الدّاخليّة. والصّين، التي يُنظر إليها من قبل الغرب والولايات المتّحدة على أنّها الدّولة الدّكتاتوريّة أو "الشّيوعيّة الرّأسماليّة"، بدأت تفرض وجودها في السّياسة العالميّة، وهي أكثر شدّةً منذ تسلّم الرّئيس شي جين بينغ زمام السّلطة في 2013، وتعزيز قبضته الحديديّة على جميع المؤسّسات والدّوائر الحكوميّة. وقد تنعكسُ سياسة العداء من قبل الولايات المتّحدة سلبيّاً على قيادته، بينما تعود الدّول الأوربيّة إلى الرّأسماليّة الاجتماعيّة، وتواجه تحدّياتٍ جمّةً بين الدّول الأعضاء من الخلافات الاقتصاديّة وعدم التّضامن إلى  عودة النّزعة القبليّة التي حوّلت المسابقة السّياسيّة بشكلٍ كبيرٍ من القضايا الاقتصاديّة إلى معركةٍ حول نوعٍ جديدٍ من القبليّة - الشمال والجنوب والشرق والغرب واليسار، وخاصّةً المسيحيّين البيض ضدّ الإسلام العرقيّ، وعدم التّنسيق  المؤسساتيّ على مستوى الاتّحاد الأوربيّ، كما يقول الكاتب الصّحفيّ ستيفن هيلز، والذي يؤكّد على التعافي البطيء للاقتصاد الأوربيّ، وأنّ ثمّةَ نقصاً في الدّعم المؤسّساتيّ والإيديولوجيّ  لاتّحاد العملات يؤدّي إلى إعاقة الاتّحاد الأوربيّ أثناء تعافيه الاقتصاديّ.

على الرّغم من الفائض التّجاريّ بين الصّين والاتّحاد الأوربيّ، فقد عزّزت الدّول الأوربيّة من صادراتها مثل الآليّات والهندسة الميكانيكيّة والكهربائيّة والمواد الكيماويّة والمطّاط والبلاستيك، ومازالت تملك قدرة المنافسة في قطاعات المواد الغذائيّة والمشروبات.

وفي الوقت الذي تعزّز بكّين علاقاتها مع العديد من دول العالم، وترسّخ قدميها في إثبات قدرتها على قيادة العالم، إذ تتضامن تلك الدّول معها في فترة الجائحة من خلال تقديم المساعدات الطّبيّة وإرسال فرقٍ طبّيّةٍ، وتقوّد دول العالم في بذل  الجهود لمحاربة الوباء والقضاء عليه وإيجاد اللّقاح له،  تتّهم واشنطن بكّينَ بانتهاكات حقوق الملكيّة وتتخوّف من النّموّ الاقتصاديّ وزيادة نفوذها، وتسعى  الولايات المتّحدة إلى شيطنة الصّين، وممارسة الضّغوط على دول العالم لمقاطعة البضائع الصّينيّة  وعدم استخدام تكنولوجيا هواوي (5G). وبدورها تستعدّ بكّين لأسوأ الاحتمالات في المواجهة مع واشنطن بعد تهديد الأخيرة باتّخاذ عقوباتٍ ضدّها بسبب سياستها تجاه هونغ كونغ وتايوان، وحتّى تحريك ملفّ الأقليّات الدّينيّة المسلمة في إقليم شينجيانغ.

ومع ذلك يحافظ الرّئيس ترامب، ذو المزاج المتعّكر للغاية، على شعرة معاوية مع نظيره الصّينيّ، فهو بحاجةٍ لتنفيذ الصّين تعهّداتها بشراء منتجاتٍ أمريكيّةٍ تقدّر بحوالي 200 مليار دولارٍ، وتزويد الولايات المتّحدة بحاجيّاتها من الموادّ الطبّيّة، وحتى اللّقاح في حال توصّلت إليه المخابر الصّينيّة، وتبقى الصّين المحرّك الرّئيسيّ للاقتصاد الأمريكيّ.

هناك خلافاتٌ وتباينٌ في المواقف بين الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوربيّ تجاه الصّين، لكن مهما كانت العلاقات التّجارية قويّةً بين الشّريك الصّينيّ والاتّحاد الأوربيّ، فإنّ الأخير سوف يميل إلى جانب الولايات المتّحدة، الحليف الاستراتيجيّ، فهناك حدودٌ لا يمكن له تجاوزها، والعلاقات الدّبلوماسيّة هي التي تحدّد مسار هذه العلاقات.

يستمرّ العالم الآن في العيش في حالةٍ من الفوضى والانحسار الاقتصاديّ والصّراع على النّفوذ، وثمّة حاجةٌ ماسّةٌ لإحلال التّوازن الاستراتيجيّ العالميّ، وعلى الدّول الاستعماريّة أن تنسى تلك الحقبة  التي لا يمكن العودة لها لاستعادة مجدها، وأن تفتح صفحةً جديدةً، وتتقبّل  التأقلم مع القرن الآسيويّ. ولابدّ من رسم حدود اللّعبة الثّلاثيّة بين الأقطاب الثّلاثة وإيجاد مكانةٍ للقوى النّاهضة مثل روسيا والهند في هذا المثلّث، ومن أولويّات المجتمع الدّوليّ هو التّعاون لمكافحة الجائحة لأنّ العالم لا يتحمّل المزيد من التّوتّر والخلافات التي قد تؤدّي إلى انفجارٍ، ولا يمكن لأيّ طرفٍ الاستغناء عن الآخر أو تحييده، وما يحتاجه العالم هو أن  تتحوّل هذه الجائحة إلى فرصةٍ للتّعاون،  ويتحوّل طريق الحرير البرّيّ والمائيّ إلى جسورٍ لبناء الثّقة بين جميع الشّعوب، وعلى الدّول العظمى الارتقاء ورفع مستوى المسؤوليّة الملقاة على عاتقها في قيادة عالمٍ متعدّد الأقطاب. وإذا كان باستطاعة فيروس كورونا ضرب جميع أبناء المعمورة دون تمييزٍ، فلماذا لانتعلّم منه ونأخذ دروساً في احترام المشاعر وتطلّعات البشريّة جمعاء؟ إنّه مجرّد تساؤلٍ، بيد أنّنا لابدّ أن ننظر فيه وإلّا سوف نصبح نحن البشر الجائحة والفيروس كوفيد -19 جاء لمعالجتنا ...

                                   الدّكتور وائل عّواد

                      الكاتب والصّحفي السّوريّ المقيم في الهند

 

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.