تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

آفـاق الحـرب البـاردة الجـديـدة..

لم يعد السؤال على ما يبدو، هو، هل من حرب باردة بين جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية، بل أصبح السؤال المتكرر هو: من سيفوز بها، وهل ستتحوّل إلى حرب عسكرية مدمّرة؟!

بالطبع عندما يتحدث المحللون والباحثون والمسؤولون عن مثل هذه الحرب، فإنهم يستذكرون الحرب الباردة خلال القرن الماضي بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة والتي انتهت بتفكك الاتحاد السوفييتي. ولكن يكاد يجمع الكتّاب والمحللون على أمرين جوهريين في هذا السياق؛

الأول، أنّ الصين قوية اقتصادياً وتكنولوجياً وعلمياً ومتماسكة مجتمعياً جداً، وليست الاتحاد السوفييتي بنقاط ضعفه العديدة التي أدت إلى تفككه وتشظيه؛ الثاني، أنّ الولايات المتحدة ليست هي الولايات المتحدة القوية ذاتها، التي واجهت الاتحاد السوفييتي، وقادت بدعم غربيّ أطلسي إلى تشظيه.

الصين دولة/ أمة كبيرة راسخة عريقة تاريخياً وحضارياً، متقدمة علمياً وتكنولوجياً، اقتصادها قوي جداً ومتنوع، وتكاد تكون مصنع العالم ومورّد حاجاته الرخيصة، مما يجعل انتشارها أكثر سهولة وتمددها أكثر قبولاً بين دول العالم، حتى في بعض الدول الغربية الحليفة للولايات المتحدة، حيث لا تاريخ دموي من الغزو الاستعماري البغيض كما منافستها الولايات المتحدة التي تنشر خلفها تاريخاً من الحروب القذرة والاحتلالات وإسقاط الأنظمة والعقوبات والعداوات والدمار والقتل والموت. الصين عبر "طريق الحرير" الجديد أو "الحزام والطريق"، تقوم بالتشبيك مع دول العالم الأخرى في آسيا وإفريقيا وأوروبا وصولاً إلى المملكة المتحدة حليفة منافستها؛ وسيلتها التعاون والمساعدات والمصالح المشتركة لبناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ينهض من الشرق، وليس التهديد والابتزاز والعقوبات والحروب والهيمنة والتنمّر.

الولايات المتحدة باقتصادها المتراجع وتفكك تحالفاتها الخارجية ومشاكلها الداخلية البنيوية والمجتمعية، تكان تكون الاتحاد السوفييتي في الحرب البارة الجديدة؛ الولايات المتحدة تفرض العقوبات على العديد من الدول؛ تختلف مع الشركاء والحلفاء ولا تحترمهم وتحاول ابتزازهم؛ "أمريكا أولاً" يخافها الحلفاء قبل الأعداء، ولذلك لا يمكنها الركون إلى هؤلاء في أي حرب حقيقية مع الصين قد تقلب الموازين، لاسيما وأنّ الكثير منهم قد شبّك مع الجمهورية الشعبية لضمان المصالح والاقتصاد والتجارة والاستقرار، ولا نتحدث هنا عن دول العالم الثالث، بل عن دول

أوروبية أطلسية؛ تكفي المقارنة مثلاً بين العلاقات الاقتصادية والتجارية بين ألمانيا وإيطاليا مع الصين من جهة، والعلاقات الاقتصادية والتجارية بين ألمانيا وإيطاليا مع الولايات المتحدة من جهة اخرى؛ أما جائحة كورونا التي تسببت بمقتل أكثر من مائة ألف مواطن أمريكي حتى الآن، فقد كشفت عورات وضعف الولايات المتحدة ونظامها الصحي والسياسي؛ دونالد ترامب الجمهوري، وجو بايدن الديمقراطي، يمثلان صورة أمريكا المهتزة والمتراجعة والمنحدرة عالمياً وداخلياً.

الحرب الباردة، الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية والسيبرانية والثقافية... التي بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها ضد جمهورية الصين الشعبية قد "تسرّع" بأفول الأولى وانكسارها وتفككها بعد أن تكلّف العالم خسائر رهيبة في المال والاقتصاد والأرواح، لاسيما إنْ تحوّلت إلى حرب عسكرية عالمية طاحنة؛

الصين ليست وحدها، وآخرون كثر يرغبون بكسر وخرق الهيبة والهيمنة الأمريكية، ومن المبكّر الجزم بخواتيم الأمور لكن الوقائع والتطورات لا تبشر بالخير للولايات المتحدة، سيما وأنّه لا يمكنها التوقف أو التراجع عن محاولة منع الصين من إزاحتها عن المقعد الأول وقيادة العالم..؟

 

بـديـع عفيـف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.