تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ترامب رمى قنبلته.. كلٌ يراها بحسب موقعه.. ولكن..؟!!

مصدر الصورة
وكالات

ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قنبلته المسماة "صفقة القرن" أو خريطة الطريق للسلام في الشرق الأوسط؛ رئيس حكومة تصريف الأعمال بنيامين نتنياهو، اعتبر إلقاء القنبلة مناسبة احتفالية وتليق بالإنجاز الذي تحقق، فما قدّمه ترامب لم يفعله أحد من قبله؛ على النقيض، رأى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنّ ترامب رمى قنبلته على الفلسطينيين بعد كل الذي أصابهم منذ أكثر من نصف قرن من الاحتلال والحروب والقتل والتهجير؛ لكن أقصى ما أعلنه عباس أن الاستراتيجية الفلسطينية ترتكز على استمرار الكفاح "لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد استقلال الدولة وعاصمتها القدس الشرقية". نعم، القدس الشرقية فقط، و"الكفاح" الذي لم يحدد نوعيته وماهيته وسبل القيام به، وكأن الموقف الأمريكي جاء مفاجئاً ومباغتاً..؟!

وبين هذا وذاك، برزت مواقف الانتهازيين والمنتفعين والمعارضين والخائفين والمتاجرين والتابعين للسيد الأمريكي والمهللين لكل ما يأتي من طرفه؛ الأردن الخائف والمرتبك والذي تعرّض لضغوط كثيرة في الفترة الماضية لشراء صمته، يريد سلته بدون عنب، ولذلك احتمى بطريق السلام الذي يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب إسرائيل، وفق حل الدولتين؛ مصر من جانبها، رحبت بالخطة الأمريكية، ودعت "كطرف محايد" الفلسطينيين والإسرائيليين "سواسية" إلى دراسة الرؤية الأمريكية للسلام وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية؛ أما عرب الخليج فحضروا وصفقوا واحتفلوا وطبلوا وطبعوا ووقعوا على تمويل الخطة الأمريكية كعادتهم، ثم ذهبوا للنوم مطمئنين، بعدما رأوا ابتسامة  رضى السيد الأمريكي.

روسيا العائدة للمسرح الدولي بقوة، اتخذت موقف "المراقب الحكيم" الذي لا يفتي بما لا يعلم، حيث لم تطلعه الإدارة الأمريكية على تفاصيل خطتها؛ ولكن كان لافتاً أنّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اقترح أن تنضم "اللجنة الرباعية الدولية" إلى مناقشة وتحليل "صفقة القرن" الأمريكية، فيما اعتبر نائبه ميخائيل بوغدانوف أن "الشيء الأهم هو أن يعبّر الفلسطينيون والعرب عن موقفهم منها". وفيما اعتبرت الخارجية الإيرانية إعلان ترامب "خيانة القرن" ومحكوم عليها بالفشل، شددت على أن "فلسطين حق للشعب الفلسطيني، والكيان الصهيوني كيان غاصب ومحتل"، وأن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكون بإجراء استفتاء بين السكان الأصليين لفلسطين؛ و نعت الخارجية التركية خطة ترامب وقالت إن الخطة الأمريكية للسلام ولدت "ميتة"، وزادت أنه "لا يمكن شراء الشعب الفلسطيني وأراضيه بالمال"، ولكن أين تُصرف هذه المواقف وكيف ومتى..؟!

ولعل منظمة "بتسيلم" الحقوقية الاسرائيلية لخّصت واقع حال صفقة القرن بالقول: "إذا شبهنا الخطة التي أعدتها الإدارة الأمريكية تحت مسمى صفقة القرن، بالجبنة السويسرية المتميزة بفراغاتها، يمكننا القول إن الرئيس ترامب يعرض تقديم الجبنة لإسرائيل وفراغاتها للفلسطينيين"، وربما لم يترك لهم كل الفراغات أيضاً.

بالطبع يمكن الحديث دون توقف عن قيام الرئيس الأمريكي بِليّ ذراع القانون الدولي والمرور فوقه؛ ويمكن القول إنّ ترامب الذي لا يملك أعطى من لا يستحق، وإنّ الحقوق الفلسطينية تحفظها المواثيق الدولية والقانون الدولي والأمم المتحدة؛ وإنّ ترامب شرّع بسياساته في المنطقة منطقاً فوضوياً جديداً عنوانه شريعة الغاب.. أجل كلّ هذا صحيح، ولكن لنعد إلى الواقع ونرى ونتابع ما يجري في فلسطين وجميع الأراضي العربية المحتلة.. فما فائدة الكلام والعنتريات الخطابية وتسجيل المواقف الوهمية وذرّ الرماد في العيون..؟!

لقد أخذ ترامب يد نتنياهو ورفعها عالياً، ثم وضع إصبعه في أعين الجميع في الأمتين العربية والإسلامية، وفي أعين كل مناصري الأقصى والقدس وفلسطين، وقال متحدياً: هذه خطتي وهذه شروطي وهذا ما أريد، وهذا ما تريده "إسرائيل"، فماذا أنتم فاعلون..؟!

لم تُبق خطة ترامب وسياساته للسلم مطرحاً؛ هي دعوة وإملاء صريح للفلسطينيين للاستسلام والتخلي عن بقية ما لديهم من آمال وحقوق لصالح الكيان الإسرائيلي الغاصب المحتل، فهل يتخلى الفلسطينيون عن خلافاتهم ويترفعون عن أطماعهم الصغيرة وهم يتشاجرون على قارب يشارف على الغرق؟ وهل يوحدوا مواقفهم ويسيروا في طريق المقاومة "بكلّ أنواعها" لتحقيق النصر والتحرير؛ ليلحق بهم الآخرون من عرب وغيرهم من المؤيدين؟! لا شك إنها مرحلة مصيرية وحسّاسة ودقيقة ونهائية جداً ولا وقت لصغائر الأمور..!!

                                                             بديع عفيف

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.