تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بريطانيا مهددة بالتقسيم

مصدر الصورة
عن الانترنيت

فينيان كانينجهام

صحفي وكاتب بريطاني (من إيرلندا الشمالية ) - موقع «استراتيجيك كلتشر»

بإمكان رئيس الوزراءالبريطاني بوريس جونسون الاحتفال بفوز انتخابي منح حزبه المحافظ أغلبية كاسحة في البرلمان، وأتاح له بالتالي الاستمرار في منصبه. ولكن في الوقت ذاته، أظهرت نتائج الانتخابات الأخيرة أن بريطانيا تواجه الآن خطر التفكك.

لقد أعطت أغلبية كبرى من الناخبين البريطانيين جونسون تفويضاً لكي ينجز «بريكست» ( خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي )، حيث حصل حزبه على أكثرية في مجلس العموم بلغت 80 مقعداً، ما يضمن له تنفيذ وعده الانتخابي بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول يوم 31 يناير/كانون الثاني المقبل.

والانفصال النهائي لبريطانيا عن الاتحاد الأوروبي سوف يستغرق سنة أو سنتين إضافيتين، لأن الانفصال يقتضي مفاوضات بين لندن وبروكسل حول تحديد آلية «بريكسيت». ومع ذلك، بإمكان جونسون الاحتفال بنجاحه في تنفيذ إرادة البريطانيين عندما قررت أغلبيتهم الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الوطني الذي نظم في عام 2016.

غير أن هناك واقعاً أساسياً، هو أن تفويض حكومة المحافظين بتنفيذ «بريكست» ينطبق عملياً فقط على مقاطعتي إنجلترا وويلز، اللتين أعطى ناخبوهما جونسون تفويضا بتنفيذ «بريكست» في استفتاء 2016. ولكن على النقيض من ذلك، رفضت أغلبية كبرى من ناخبي مقاطعتي اسكتلندا وإيرلندا الشمالية «بريكست».

علاوة على ذلك، عززت نتائج الاستفتاء مطالب أكثرية من الاسكتلنديين والإيرلنديين الشماليين بالانفصال عن بريطانيا وإعلان استقلال مقاطعتيهما. وفي اسكتلندا خصوصا، عزز القوميون أغلبيتهم في برلمان مقاطعتهم، حيث أصبحوا يحتلون الآن 90 % من مقاعد هذا البرلمان. واعتبرت زعيمة القوميين نيكولا ستارجون أن هذه الأغلبية تمنح القوميين تفويضا بتنظيم استفتاء في اسكتلندا حول استقلال هذه المقاطعة.

وتعارض أغلبية كبرى من الاسكتلنديين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهذا يعني أن بقاء اسكتلندا داخل الاتحاد الأوروبي يقتضي بالضرورة انفصالها عن المملكة المتحدة وحكومتها المركزية في لندن.

وحتى الآن، كان جونسون يرفض بصورة قاطعة الدعوات إلى تنظيم استفتاء حول استقلال اسكتلندا. ولكن نتائج الانتخابات الأخيرة أضعفت مركزه. ويترافق ذلك مع مطالبة القوميين الاسكتلنديين بتنظيم استفتاء ثان العام المقبل حول انفصال مقاطعتهم.

وفي إيرلندا الشمالية، كانت نتائج الانتخابات أكثر خطورة بالنسبة لحكومة جونسون. فلأول مرة في تاريخ هذه المقاطعة، أصبحت الأحزاب القومية تتمتع بأغلبية في برلمان المقاطعة. واعتبرت ماري لو ماكدونالد، زعيمة حزب «شين فين» القومي في إيرلندا الشمالية، أن حزبها يتمتع الآن بتفويض واضح من الناخبين لتنظيم استفتاء حول خروج إيرلندا الشمالية من المملكة المتحدة.

ونظراً إلى أن القوميين يتمتعون الآن بالأغلبية في برلمان مقاطعتهم، فهذا سيؤدي حتماً إلى انفصال إيرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة، وبالتالي اتحادها مع جمهورية إبرلندا - ما يعني أن كل جزيرة إيرلندا سوف تتحول إلى دولة موحدة.

يذكر أن مقاطعة إيرلندا الشمالية أنشئت في عام 1921 عندما قررت الحكومة البريطانية تقسيم جزيرة إيرلندا وضم مقاطعتها الشمالية إلى المملكة المتحدة ( بريطانيا ).

كما يذكر أن البنية السياسية الحالية للمملكة المتحدة، المكونة من مقاطعات إنكلترا وويلز واسكتلندا وإيرلندا الشمالية، أنشئت منذ 100 سنة فقط. وقبل ذلك، كانت المملكة المتحدة تضم كل جزيرة إيرلندا، ولكنها أرغمت على منح الجزيرة الاستقلال نتيجة لثورتها الشعبية - مع احتفاظها بإيرلندا الشمالية.

والآن، ما يبدو أنه انتصار لبوريس جونسون في الانتخابات البريطانية الأخيرة إنما هو سيف ذو حدين. فإذا كان بإمكانه الإدعاء بأن لديه تفويضاً من الشعب البريطاني لقطع الروابط مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن نتائج الاستفتاء تعني أيضاً أن اسكتلندا وإيرلندا الشمالية لديهما أيضاً تفويض بقطع روابطهما مع بقية بريطانيا. وفي حال انفصال هاتين المقاطعتين، سوف يشكل ذلك نهاية ما يعرف اليوم بالمملكة المتحدة.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.