تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

«بريكست» قد يمزّق بريطانيا

مصدر الصورة
عن الانترنيت

فِنتان أوُتُول *

قبل خمس سنوات، كان واضحاً من أين ينبع الخطر على المملكة المتحدة. كان من القوميتَين الاسكتلندية والإيرلندية، بشكل رئيسي. وعلى الرغم من أن اسكتلندا صوّتت لصالح البقاء جزءاً من المملكة المتحدة في استفتائها العام سنة 2014، فإن ال45 % الذين أيّدوا الاستقلال أوضحوا أن الدافع أصبح الآن رأياً سائداً. ثمّ هنالك المسألة الإيرلندية، الموجودة دوماً. فقد أقرّ اتفاق السلام عام 1998، الذي وضع نهاية للصراع الأهلي الطويل المعروف باسم «الاضطرابات»، بأن المقاطعات الشمالية الشرقية السّتّ، التي تتألف منها إيرلندا الشمالية، تستطيع مغادرة المملكة المتحدة متى رغبت أغلبية سكانها في ذلك.

ولكنْ تبيَّن أن التهديد الأكثر إلحاحاً، الذي يواجه اتحاد المملكة المتحدة، لا يأتي من الأطراف، بل من المركز: من أزمة هوية وطنية تختمر في إنجلترا. وقد أصبح ذلك واضحاً في استفتاء بريكست في عام 2016. كان تأييد مغادرة الاتحاد الأوروبي ظاهرة إنجليزية بشكل أساسي. وعلى الرغم من أن ويلز صوتت لصالح بريكست على نطاق ضيق، فإن اسكتلندا وإيرلندا الشمالية صوّتتا ضدّه بشدة. كان جنوب شرق إنجلترا الغني، والطبقة العاملة القديمة في وسط البلاد وشمالها، القوة الدافعة إلى فوز المغادرة، وانبعاث النزعة الإنجليزية كقوة سياسية.

كان هذا التحول يُرهص بالولادة منذ 20 عاماً، وهو ردّ فعل لحدَثَين كبيرين وقعا في نهاية القرن العشرين. كان الأول اتفاقية بلفاست في عام 1998، التي جعلت عضوية إيرلندا الشمالية في المملكة المتحدة مسألة مفتوحة.

وكان الحدث الآخر، تأسيس البرلمان الاسكتلندي في عام 1999، ممّا منح الاسكتلنديين سلطات كبيرة على شؤونهم.

لم تكن المملكة المتحدة كياناً طبيعياً، بل تكوَّنت شيئاً فشيئاً على مدى زمن طويل جدّاً. انضمت ويلز- وهي دولة لديها لغتها الخاصة بها، وتقاليدها ومؤسساتها- إلى العالم الإنجليزي في عام 1536. وتأسست المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى في عام 1707 عندما انضمت اسكتلندا إلى إنجلترا وويلز. وأضيفت إيرلندا في عام 1801، ولكن معظمها غادر في عام 1922. وبالنظر إلى هذا التكوين المزعزَع، ربما لا يكون السؤال الكبير، عن سبب المتاعب التي يعانيها الاتحاد، بل عن سبب بقائه متماسكاً طوال هذا الوقت.

لقد نجحت المملكة المتحدة غالباً، بسبب أربع قوىً رابطة: هي الدين، والثورة الصناعية، والإمبراطورية والحرب.

وربطت الحرب بين الناس باعتبارهم رفاقاً في السلاح. ولكن كلاًّ من هذه القوى الآن، لم تعُدْ موجودة. فبريطانيا لادينية بشكل واضح: أكثر من ثلث السكان بقليل بروتستانت، والنصف يقولون إنهم لا دين لهم أبداً.

ولم تعُد اقتصاداً صناعياً: حيث يقوم 81% من إنتاجيتها على الخدمات لا على السلع.

والإمبراطورية وَلّتْ إلى غير رجعة. وقد مزّقت الانقسامات المريرة حول حرب العراق في عام 2003، الاعتقاد بأن الانتصارات العسكرية تربط الأمم الأربع معاً.

فهل باتت نهاية المملكة المتحدة حتميّة؟ ليس في المدى القصير. على الرغم من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يجعل استقلال اسكتلندا أكثر ترجيحاً، إلاّ أنه يجعله أصعب بكثير أيضاً: فلو كانت اسكتلندا في الاتحاد الأوروبي، فسوف تكون الحدود الصلبة مع إنجلترا بعد بريكست مشكلة كبيرة. وإيرلندا بعيدة عن أن تكون مستعدة للتوحد؛ لأن الانقسامات التي احتدمت بين شطريها في فترة «الاضطرابات» ما زالت في حاجة إلى مصالحة..

ولكنّ ما لم يتخيله أحد، هو أن مستقبل الاتحاد قد لا يكون في أيدي اسكتلندا أو إيرلندا. إنها إنجلترا، التي كانت ذات يوم الزوج القديم الثابت على العهد، هي التي تسعى إلى الطلاق. على الرغم من أن الموضوع هو الخروج من اتحاد معين، فإنه قد يغري بالخروج من اتحاد آخر.

* كاتب عمود في صحيفة «أيريش تايمز». موقع: مجلة «تايم».

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.