تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عندما يستهدف الإرهاب براعم وطن ..قصة من قصص سورية

ارهابيون يطلقون قذيفة من مدفع جهنم
مصدر الصورة
ارهابيون يطلقون قذيفة من مدفع جهنم-وكالات -أرشيف

"حاولت الوقوف لأحمل طفلي الملقى على الأرض ولكني لم أتمكن من ذلك لأن ساقي كانت قد تأذت كثيراً وأدركت أني فقدتها إلا أنني لم أعلم أن تلك الساق لم تكن هي خسارتي الكبرى بل كانت الخسارة هي قطعة من روحي (عادل)"

تروي ربا المحمد "ربة المنزل" ابنة حي المهاجرين بحمص قصة ألمها الذي لم يفارقها لحظة واحدة منذ أن حلّ عليها في العام 2015 بعد فقدانها لطفلها الصغير الذي سلبته قذيفة غادرة حياته القصيرة

تقول ربا "بتاريخ 22/10/2015 قررت الذهاب إلى مدرسة ابني لأستفسر عن سبب بقائه في ساحة المدرسة لمدة عشرة أيام متواصلة على الرغم من أنني كنت حريصة على إيصاله إلى صفّه الدراسي وإدخاله برفقة مدرسته خوفاً من القذائف التي كانت تتساقط على الحي في تلك الفترة والتي كانت تستهدف المدارس في أغلب الأحيان"

"اتصلت مع إدارة المدرسة التي طلبت مني الحضور عند الساعة السابعة والنصف صباح ذلك اليوم المشؤوم وبالفعل ذهبت برفقة طفلي عادل الذي كان يبلغ من العمر آنذاك ثلاثة أعوام لأنني لم أكن أستطيع أن أتركه في المنزل ثم قابلت المعلمة في المدرسة لمدة ربع ساعة قبل أن أغادر عائدة إلى المنزل"

تضيف ربا "اشتريت لعادل قطعة من الحلوى وبدأ يأكلها ثم صادفت جارتي في الشارع فسألتني ماذا أفعل بهذا الوقت من الصباح الباكر؟وقبل أن أجيب على سؤالها و خلال أجزاء من الثانية طرت في الهواء ولم أعلم ماذا حصل حينها سوى أنني سقطت بقوة على ظهري ورأيت الحجارة تتناثر على الأرض والأشلاء تطايرت في أرجاء المكان والمرأة التي كانت قربي سقطت على الأرض دون حراك ولم أدرك في تلك اللحظة أن طفلي الصغير عادل كان مستلق على الأرض دون حراك مرتدياً ثيابه الجديدة التي اخترت أن ألبسها له صباح ذلك اليوم"

تفيض عينا ربا بالدموع وترتجف يداها ويغيب صوتها لدقائق قبل أن تكمل "نظرت إلى طفلي وبدأت بمناداته وأنا أزيل الغبار عن ثيابه (عدولة ...عدولة ) دعنا نذهب إلى المنزل فنحن بخير إلا أنه بقي صامتاً و دون حراك"

"حاولت أن أسحبه من كتفه إلى حضني لأنني كنت لا أستطيع الحراك ثم وضعت يدي تحت رأسه والأخرى تحت ساقيه لأتمكن من رفعه إلا أنني لم أستطع فنظرت إلى ساقي ووجدتها متهشمة ثم مكثت على ركبتي الاثنتين وبدأت بالصراخ (مشان الله يا ناس حدا يشيلنا) وكان هناك عدد من الأشخاص يركضون بجانبي ومنهم من ينظر إلي دون أن يقترب فتراءى إلى عقلي أنني مت والناس لا تراني ولا تسمعني"

"لم أعد أهتم لأمر نفسي بل أريد صغيري فقط .... (اتركني واحمل الصغير فقط) هذا ما قلته لأحد الأشخاص الذي حاول حملي إلا أنني رفضت وطلبت منه حمل عادل ففعل وذهب عندها فقط شعرت بالراحة وبدأت أفكر بأبنائي وزوجي وكيف يمكنني شراء الخضار حتى أعد الطعام لعائلتي بالوقت المحدد"

" حضر أخي ومجموعة من الشبان وقاموا بإسعافي إلى المشفى بواسطة سيارة وأذكر أنني كنت أدعو ربي بصوت مرتفع (يالله عدولة ... يالله عدولة) وبعد وصولي إلى المشفى تم وضعي على سرير للنظر في حال ساقي حينها نظرت إلى الخلف فشاهدت عادل مستلق على سرير آخر وفي فمه جهاز تنفس اصطناعي (أخي رمّاح كيفو عادل ... بخير اطمئني) هكذا أجابني أخي .... ثم أغمي علي"

تشعرك ربا من خلال حديثها أن الحادثة وقعت منذ دقائق فقط فالتفاصيل التي تسردها تجعلك تشاهد ماجرى وكأنك كنت معها في تلك اللحظة بالذات

تقول ربا "خلال فترة مكوثي في المشفى كنت أسأل يومياً عن عادل هل أنه بخير؟ وهل أن ساقيه بخير؟ إلا أن الجميع كان يجيب بأنه في حال جيدة وأنه في المنزل حالياً ويلعب مع أخوته محاولين بذلك عدم إخباري عن حقيقة أن عادل فارق الحياة من اللحظة الأولى لإصابته حرصاً على سلامتي"

تضيف ربا " بدأت أراه في منامي مراراً وكنت أشعر أن هناك خطباً ما حصل لعادل وفي أحد الأيام رأيته جاء ليودعني في غرفة المشفى قائلاً لي لماذا لم تخرجي خلفي عندما مت ؟ فأدركت عندما استيقظت أن عادل فارق الحياة فعلاً

"عندما خرجت من المشفى كنت أرغب في العودة إلى المنزل ولكن عندما وصلت لم أستطع الدخول بدون عادل فهو كان آخر من خرج معي من المنزل"

تعاني ربا من إصابتها حتى الآن فقد أجرت العديد من العمليات الجراحية وتستخدم حالياً العكاز لمساعدتها في حركتها كما أنها واظبت على عملها كربة منزل تؤمن حاجيات طفليها وزوجها على الرغم من إعاقتها الجسدية إلا أن ألمها الأكبر يبقى فقدانها لضحكة صغيرها عادل الذي مكث لثلاث سنوات في حياتها قبل أن يغادر جسداً ويبقى حاضراً في ذاكرتها لما تبقى من عمرها.

حيدر رزوق

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.