تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صراع التعددية القطبية

مصدر الصورة
وكالات

من أوكرانيا، إلى سوريا، ومن فنزويلا إلى بحر الصين الجنوبي، ومن كوريا الشمالية، إلى ليبيا واليمن، وإلى كل أمريكا اللاتينية، وآسيا، وإفريقيا، مع الحروب التجارية، والخروج من الاتفاقات والمعاهدات الدولية، يبدو المشهد الدولي في حالة عدم استقرار، أو غليان، ويتجه نحو صراعات متعددة الأشكال، وبوسائل مختلفة، أو من خلال حروب بالوكالة قد تتحول إلى حروب ساخنة، إذا لم تصل الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة، إلى قناعة بأن النظام الدولي الأحادي الذي سعت إلى تكريسه وفرضه كأمر واقع على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، فشل وسقط، وأن نظاماً جديداً لا بد أن يقوم لتحقيق توازن في العلاقات الدولية.

هذه الصراعات المتعددة الأشكال سببها أن هناك من لا يريد أن يعترف بوجود قوى أخرى ناهضة لها الحق في المشاركة بإدارة النظام الدولي بعيدا عن الهيمنة الأحادية ، ونتيجة لذلك فقد أصبح عدم الاستقرار العالمي ، سمة مميزة لهذا العصر، وسبباً للدخول في بداية حرب باردة جديدة، وسباق تسلح خطير يهدد الأمن والسلم الدوليين.

هذا النزوع المتفرد نحو التوسع ، من خلال تجاوز القانون الدولي، وعدم احترام المؤسسات الدولية وقراراتها، والخروج على ضوابط العلاقات الدولية التي حددتها المواثيق والمعاهدات، يخلق حالة دولية مضطربة، وهو ما نشهده الآن على اتساع مساحة العالم.

مثلا ،لا تريد الولايات المتحدة الاعتراف بأن العالم تغير منذ تسعينات القرن الماضي، ولا تريد الإقرار بأن قوتها العسكرية والسياسية والاقتصادية لم تعد كما كانت، بعد هزيمتها في أفغانستان والعراق.فهي لا تريد شركاء وحلفاء أوروبيين، إنما مجرد أتباع وأدوات، ولا تريد رؤية روسيا وقد تعافت وهي تسترد موقع الاتحاد السوفييتي السابق، ولا الصين وهي تقفز اقتصادياً وعسكرياً، وتحتل مواقع متقدمة، وتفرض نفسها كقوة كبرى متفوقة وفاعلة ومؤثرة.

إن نظاما عالمياً يقوم على تسلط أو تفرد دولة واحدة عليه، لن يحقق التوازن في العلاقات الدولية، لأن التحولات التي شهدتها السنوات الأخيرة بين القوى العالمية أفرزت شكلاً جديداً في توزيع القوة والقواعد التي يجب أن تحكم هذه العلاقات، ما يستدعي قيام مؤسسات جديدة تدير النظام الدولي على قاعدة الشراكة، وتعدد الأقطاب، وإعطاء دور أكبر للأمم المتحدة من خلال تطبيق نصوص ميثاقها لحفظ الأمن والسلم الدوليين.

إن حفظ السلام العالمي مهمة إنسانية وأخلاقية بالدرجة الأولى،إذ أن القوة وحدها لا تكفي لقيادة النظام الدولي ، ولا بد من روادع قيمية وأخلاقية للتعامل مع القضايا والأزمات الدولية ، مثل القضية الفلسطينية والصراع العربي -»الإسرائيلي» .

العالم يتغير، وإرهاصات النظام الدولي الجديد تلوح في الأفق، هنا في المنطقة العربية، وفي أوروبا، وأمريكا اللاتينية، وآسيا، حيث يتخذ الصراع بين الولايات المتحدة وكل من روسيا والصين وأوروبا منحى تكريس نظام دولي جديد، قد يكون صعباً ومكلفاً، ولكنه حتمي.

مصدر الخبر
كلمة الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.