تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: كييف تستنفر حلف «الناتو»... وبرلين وباريس تتوسّطان للتهدئة.. «اختبار» موسكو في بحر آزوف.. لماذا التصعيد..؟!

مصدر الصورة
sns

وقع الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو، أمس، على مرسوم إعلان حالة الحرب في أوكرانيا حتى 25 كانون الثاني من عام 2019. وتم توجيه تعليمات لجهاز الأمن الأوكراني باتخاذ تدابير فورية لتعزيز نظام مكافحة الاستخبارات والإرهاب والتخريب وأمن المعلومات. وأصدر بوروشينكو، مرسوما يقضي بإعلان حالة التأهب في أوكرانيا لمدة 60 يوماً اعتباراً من يوم أمس، وذلك على خلفية تصاعد التوتر العسكري بين موسكو وكييف في منطقة بحر آزوف. جاء ذلك بعد أن طالب الرئيس الأوكراني الجانب الروسي بإطلاق سراح البحّارة والسفن الأوكرانية المحتجزين لدى موسكو، بعد التصعيد الذي حصل بين الطرفين في بحر آزوف الأحد.

وأقرت روسيا إطلاق قواتها النار على سفن حربية أوكرانية في بحر آزوف من أجل وقفها. وأفاد بيان صادر عن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، أمس، أن سفناً حربية أوكرانية حاولت انتهاك الحدود الروسية في ساعات المساء، الأمر الذي تطلب تدخل الأسطول البحري، وسفن تابعة للأمن الفيدرالي.  واتّهمت موسكو السفن الحربية الأوكرانية بالقيام بـ”أنشطة غير مشروعة في المياه الإقليمية الروسية”. من جهة أخرى، شهدت كييف مظاهرة أمام مبنى السفارة الروسية، تنديداً بالهجوم الذي تعرضت له السفن الحربية الأوكرانية، حيث أحرق المتظاهرون إطارات سيارات ووضعوا مجسمات سفن أمام السفارة.

ووفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية، فإن حالة حرب تسيطر على أوكرانيا منذ أن استفاقت الأحد على احتجاز سفنها في مضيق كيرتش. مرحلة تصعيد غير مسبوقة يبدو الرئيس بوروشنكو، الأكثر استفادة من تداعياتها على عتبة الانتخابات الرئاسية، وهو الذي وضع الحادثة في إطار «عدوان روسي جديد» على بلاده. «الناتو»، حليف كييف، رفض القفز على ما جرى، لأن المستجدات «خطرة إلى أبعد الحدود». وفيما بدت موسكو مثبّتة لسيطرتها على المنطقة الاستراتيجية، تجنح برلين وباريس نحو التهدئة، خلاف واشنطن التي اختارت «الوقوف ضد العدوان». وتابعت الصحيفة: حرّكت حادثة مضيق كيرتش مياه بحر آزوف الراكدة. ذلك البحر الممتد على مساحة 37,600 كلم مربع، والمتميز بعمق لا يتجاوز 14 متراً، يضم ثروات غازية وثروة سمكية أهمها السردين. لكن السردين ليس السبب الرئيس في جعل آزوف منطقة استراتيجية، بل اتصاله بالبحر الأسود عبر مضيق كيرتش، ليشكّل عقدة عبور مهمة للشحن ونقل الركاب. منذ اندلاع أزمة أوكرانيا، وانضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا، باتت السيادة الروسية تحاصر جغرافية آزوف من الشرق والغرب والجنوب، ولا سيما ضفاف مضيق كيرتش الواصل بالبحر الأسود. وفي أيار الماضي، افتتح الرئيس بوتين، الجسر العملاق على المضيق، والواصل بين القرم والضفة الروسية بطول 19 كلم، مدشناً مرحلة جديدة في المنطقة، باتت فيها السيطرة الروسية أكثر سطوة، وبدأ معها الروس بتوقيف السفن لتفتيشها. واقع جديد يثير حفيظة كييف بعد أن شلّ نشاط مينائها الأساسي للصادرات الواقع في مدينة ماريوبول، شرق البلاد، رغم وجود اتفاقية ثنائية تمنحها حق الملاحة في آزوف.

وأضافت الأخبار: الاشتباك الأول من نوعه بين البلدين منذ أعوام، بدأ، أول من أمس، مع احتجاز جهاز الأمن الاتحادي الروسي زورقي مدفعية مدرعين تابعين لأوكرانيا، ومعهما زورق قَطر، إضافة إلى 24 بحاراً كانوا على متن السفن. وتعزو الرواية الروسية اتخاذ هذا التدبير إلى استفزاز السفن الأوكرانية عبر دخول المياه الإقليمية الروسية والمناورة على نحو خطير بعد عدم تبليغ السلطات الروسية مسبقاً بخططها وتجاهل التحذيرات بالتوقف. فبحسب سيرغي لافروف «الانتهاك حدث بأساليب خطرة إلى حد ما، والمناورة في مضيق ضيق. هذا يمكن أن يخلق ويسبب تهديدات ومخاطر للحركة العادية للسفن في هذه المنطقة». في المقابل، نفت كييف ارتكاب أي انتهاكات، واتهمت موسكو بـ«العدوان العسكري» عليها، داعية المجتمع الدولي إلى معاقبتها.

وأعلنت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، أن بلادها «ستواصل الوقوف إلى جانب شعب أوكرانيا ضد هذا العدوان الروسي»، محذرة من أن «المزيد من التصعيد الروسي سيجعل الأمور أسوأ. وسيزيد من تقويض مكانة روسيا في العالم وكذلك من تعكير العلاقات الروسية مع الولايات المتحدة، والعديد من الدول الأخرى». وجددت التنديد بـ«نمط السلوك الروسي الذي يشتمل على ضمّ مزعوم لشبه جزيرة القرم»، مذكرة بموقف الرئيس ترامب، بأن «الولايات المتحدة ترحب بعلاقة طبيعية مع روسيا، لكن الإجراءات الخارجة عن القانون بمثل هذه الخطوة تجعل ذلك مستحيلاً». في الأثناء، عقدت لجنة «الناتو» ــ أوكرانيا في بروكسل اجتماعاً طارئاً، خرج بعده الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، ليحذر من أن المستجدات «خطرة إلى أبعد الحدود... وتحركاتها (روسيا) ستكون لها تداعيات»، موضحاً أن الاجتماع شدد على «دعم وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها»، داعياً موسكو إلى الإفراج عن السفن والجنود الأوكرانيين «بأسرع وقت ممكن».

وتساءل المحلل السياسي ألكسندر نازاروف في تحليله في موقع روسيا اليوم: هل تندلع الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟ ورأى انّ الاستفزاز الأوكراني في محيط شبه جزيرة القرم مرشح بقوة لكي يتحول إلى نزاع عسكري واسع النطاق بين روسيا وأوكرانيا، والسؤال المطروح: لأي مدى يمكن أن تذهب أوكرانيا، وروسيا، والناتو؟ وأوضح أنّه لم تكن لدى السفن الأوكرانية أي قدرات عسكرية ملموسة، ولم يكن هناك أي فرصة لديهم في الاشتباك، ما يدعو للتساؤل عن الهدف من تلك العملية الانتحارية؟ وبيّن المحلل أنّ الوضع في أوكرانيا سيء للغاية... لذلك كان من المنطقي أن تنخفض شعبية بوروشينكو، لتصل إلى أدنى مستوياتها 8.9%، وأصبح من الواضح أن الانتخابات التي قد أصبحت على الأبواب، 31 آذار 2019، سوف تجلب لنظام بوروشينكو فشلا ذريعا، ليصبح الحل الوحيد أمامه، هو إلغاء هذه الانتخابات، وهو الهدف الأول من الاستفزازات الأوكرانية.

وأردف نازاروف: لقد سئم العالم من أوكرانيا، التي يستخدمها الغرب فقط كوقود حرب، فهي مجرد قفاز لإلحاق الضرر بروسيا دون أن تتسخ يد الغرب... فيما تأمل كييف، من خلال تفجيرها صداما مع روسيا، في الحصول على دعم اقتصادي من الغرب، في اللحظة التي توقفت المدفوعات الروسية، لأوكرانيا مقابل عبور الغاز عبر أوكرانيا، عقب إنشاء خط أنابيب السيل التركي والشمالي2، وذلك هو الهدف الثاني من الاستفزازات الأوكرانية.

أما الهدف الثالث لأوكرانيا، فهو أن الوضع في دونيتسك ولوغانسك قد خرج عن سيطرة كييف منذ فترة من الوقت، ووصل إلى طريق مسدود، حيث ترفض كييف تنفيذ بنود اتفاقية مينسك، وبدء حوار مع الانفصاليين... ومع رفض طريق الحل السياسي، فإن الطريق الوحيد المتبقي هو طريق الحرب. وروسيا لن تسمح بتطهير عرقي للسكان الروس في أوكرانيا، حيث يبدو الطريق الوحيد لنجاح أوكرانيا في ذلك، إذا نجحت في توريط الناتو في هذا النزاع العسكري. وأوجز المحلل: لا يزال الرد الغربي على الاستفزازات الأوكرانية حذرا، حيث صمتت واشنطن، بينما طالب الناتو الأطراف بضبط النفس، ويتوقف تطور المشهد على ما إذا كانت تلك الاستفزازات بمبادرة شخصية من بوروشينكو عشية الانتخابات الأوكرانية، أم أنها خطوة تأتي بمباركة من واشنطن ولندن وبرلين. سنعرف الإجابة على هذه الأسئلة قريبا.

ورأت افتتاحية "رأي اليوم" أنّ هذا التَّصعيد الأوكرانيّ ما كانَ أن يَحدُث لولا وُجود ضَوءٍ أخضرٍ أمريكيّ؛ فإقدام السُّفُن الثّلاث على انتِهاك المِياه الإقليميّة الروسيّة جاءَ بمَثابةِ “تَحَرُّشٍ” ومُحاولةِ جسّ نبضِ رُدود الفِعل الروسيّةِ عَليه؛ الأمر المُؤكَّد أنّ الرئيس الأُوكرانيّ الذي يُعتَبر رأس حِربَة للإدارة الأمريكيّة في هذا الصِّراع مع روسيا لم يتَوقَّع أن يأتِي الرَّد الروسيّ حازِمًا وحاسِمًا، وأن يَصِل الأمر إلى درجة إغلاق روسيا لمَضيقِ كيرتش الذي يَربُط البَحْرَين الأسود وآزوف، وتَستخدِمه البُلدان كمَمَرٍّ بَحريٍّ مُشتَرك. وأضافت الصحيفة أنّ مجلس الأمن الدولي عَقَد جلسَةً طارِئةً صَباح أمس، وفشل في اتّخاذ أيّ قرار بسبب اتّساع هُوّة الخِلاف بين روسيا وأمريكا، الأمر الذي دفع بكُل من فرنسا وألمانيا للمُسارَعة بالتَّدخُّل في مُحاوَلةٍ لتَطويقِ الأزَمَة قبل أن تَستَفحِل وتَخْرُج عَن السَّيطرة؛

وبيّنت الصحيفة أنّ إدارة ترامب التي هُزِمَت في سورية، ويُواجِه حِصارُها الذي فَرَضته على إيران الفَشَل، وتغرق في خِلافات طاحِنة مع الكُونغرس والإعلام الأمريكيّ على أرضيّة مُحاوَلاتها اليائِسة لإنقاذ حليفها السعودي محمد بن سلمان، تُريد تفجير الصِّراع الروسيّ الأُوكرانيّ لتَحويلِ الأنظار، والتَّمهيد لفَرضِ عُقوباتٍ جَديدةٍ على روسيا. وتابعت الصحيفة أنّ إغلاق روسيا لمضيق كيرتش بين البَحْرَين الأسود وآزوف، رُبّما يكون “بروفة” لإغلاق إيران لمَضيق هرمز الأهَم في الخليج العَربيّ، وربما يتِم استخدام أُسلوب الإغلاق نفسه، أي إغراق ناقِلَة نِفْط عِمْلاقَة؛ وحذّرت الصحيفة من أنّ عَدم تطويق هَذهِ الأزَمَة رُبّما يُشْعِل فتيل حَربٍ أوسَع في أوروبا لا يُمكِن التَّوقُّع بنَتائِجها..؟!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.