تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نعوم تشومسكي: أردوغان دكتاتور مزدوج المعايير

مصدر الصورة
العرب

الرئيس التركي ساعد داعش وأفرط في دعم جبهة النصرة، والمعارضة الغربية ضعيفة جدا تجاه عنف أردوغان ضد الأكراد.

تشومسكي: أيام التسعينات المظلمة في تركيا تتكرر في زمن أردوغان

إسطنبول - اتّهم المفكر الأميركي نعوم تشومسكي الرئيسَ التركي رجب طيب أردوغان بازدواجية المعايير حول الإرهاب، وذلك حين اختاره أردوغان تحديدا من بين المئات من الأكاديميين الذين وقعوا على عريضة يعارضون فيها الممارسات التركية ضد الشعب الكردي، ووصفه بأنه إرهابي.

ووقّع تشومسكي مع مجموعة من الأكاديميين الأتراك عريضة تعترض على القمع الشديد والمتزايد الذي تمارسه الحكومة التركية ضد شعبها الكردي، وكان واحدا من عدة أشخاص أجانب تمت دعوتهم للتوقيع.

وبعد الهجوم الإرهابي الوحشي في إسطنبول مباشرة شن أردوغان هجوما عنيفا ولاذعا على موقّعي البيان، معلنا على طريقة بوش أنك إما “أن تكون معنا وإما مع الإرهابيين”، واختاره من أجل سيل من الذمّ، لذلك طلب منه الإعلام التركي والأصدقاء أن يردّ، وقد فعل ذلك باختصار، ونقل موقع أحوال تركية رد نعوم تشومسكي على الرئيس التركي وكتب:

أردوغان قام لسنوات عدة بخطوات لدعم سلطته متقلبا على الخطوات المشجعة نحو الديمقراطية التي تمت في تركيا. وتظهر كل المؤشرات أنه يسعى لأن يصبح حاكما مستبدا متطرفا مقتربا من الدكتاتورية، ومن أن يكون حاكما قمعيا قاسيا

ويضيف تشومسكي أنّ الأكاديميين الأتراك الذين وقّعوا البيان اعتُقلوا وتم تهديدهم، وهوجم الآخرون جسديا، بينما استمرّ القمع الحكومي في التصاعد.. تكاد أيام التسعينات المظلمة لا تمحي من الذاكرة، وكما من قبل، سجّل الأكاديميون الأتراك وغيرهم أمانة وشجاعة ملحوظة في المعارضة القوية لجرائم الدولة بصورة نادرا ما تجدها في مكان آخر، معرضين أنفسهم للخطر ومتحملين أحيانا عقوبات شديدة بسبب مواقفهم الجديرة بالاحترام. ولحسن الحظ هناك دعم دولي متزايد لهم، رغم أنه مازال أقل بكثير مما يجب.

وفي ردّه على سؤال بأنّه يصف أردوغان بـ”دكتاتور أحلامه”، قال تشومسكي في كتابه “العالم إلى أين؟”، إنّه يعني بذلك أن أردوغان قام لسنوات عدّة بخطوات لدعم سلطته متقلبا على الخطوات المشجّعة نحو الديمقراطية والحرية التي تمت في تركيا في سنوات سابقة. وتظهر كل المؤشرات أنه يسعى لأن يصبح حاكما مستبدا متطرفا مقتربا من الدكتاتورية، ومن أن يكون حاكما قمعيا قاسيا.

إستراتيجية "العثمانيون الجدد"

عن فكرة أنّ تركيا كشفت في ظل حكم أردوغان عن نشر إستراتيجية “العثمانيون الجدد” تجاه الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وما إن كان نشر هذه الإستراتيجية الكبيرة يجري بالتعاون مع الولايات المتحدة أو بمعارضتها، يلفت تشومسكي إلى أن تركيا كانت بالطبع حليفا مهما جدا للولايات المتّحدة، حتى أنها أصبحت المتلقّي الأوّل للأسلحة الأميركية في حكم كلينتون. حيث صبّ كلينتون السلاح داخل تركيا لمساعدتها في تنفيذ الحملة الضخمة من القتل والتدمير والإرهاب ضدّ أقلّيتها الكردية. وكانت تركيا أيضا حليفا أساسيا لإسرائيل منذ عام 1958 كجزء من تحالف عام ضمّ الدول غير العربية برعاية واشنطن لضمان السيطرة على مصادر الطاقة الرئيسة في العالم عبر حماية الدكتاتوريات الحاكمة ضد ما يعرف بـ”القومية الأصولية”، وهو تعبير تلطيفي استخدم من أجل الشعوب.

ويشير إلى أن العلاقة متوترة نوعا ما اليوم رغم أن التحالف على حاله. ويجد أن تركيا لديها علاقات من الممكن أن تكون طبيعية جدا مع كلّ من إيران وآسيا الوسطى، وهي قد تميل إلى متابعة هذه العلاقات، الأمر الذي قد يزيد التوتّر مع واشنطن مرة ثانية، لكنّ ذلك لا يبدو مرجّحا جدّا الآن.

وفي حديثه عن التدخّل التركي في الوضع السوري يقول تشومسكي إن ما يحدث في قصة الرعب السورية يفوق الوصف. ويرى أن الدعم التركي لـ”النصرة” مفرط جدا. لذا رأينا أنه عندما أرسل البنتاغون بضعة أعداد من المقاتلين الذين درّبهم، سارعت تركيا إلى تحذير “النصرة” التي أبادتهم.

وعند الحديث عن أن هناك تغييرا جيوسياسيا يحدث في الدور الإقليمي لتركيا، الأمر الذي كان السبب الأساسي وراء الانقلاب الفاشل في تموز 2016، وهل يجد هذا التغيير جاريا، يرى تشومسكي أنّ هناك بالتأكيد تغيرا في السياسة الإقليمية منذ عهد رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داوود أوغلو الذي تحدث عن سياسة صفر مشكلات، لكن ذلك التغير جاء لأن المشكلات تفاقمت.

وذكر أن تركيا تسعى إلى أن تصبح دولة إقليمية، ما وصف أحيانا بالعثمانية الجديدة، الأمر الذي يبدو مستمرا، إن لم يكن متسارعا. ومع زيادة التوتر مع الغرب نتيجة استمرار حكومة أردوغان انجرافها القوي نحو الحكم المستبدّ مع معايير قمعية متطرفة تماما، من الطبيعي أن تتجه تركيا إلى البحث عن تحالفات في مكان آخر، تحديدا مع روسيا.

ويعتقد أن زيارة أردوغان الأولى بعد الانقلاب إلى موسكو لكي يعيد “حلف الصداقة بين موسكو وأنقرة”، إلى ما كان عليه قبل أن تسقط تركيا الطائرة الروسية في نوفمبر 2015 عندما زعموا أنها اخترقت الحدود التركية لبضع ثوان بينما كانت تنفّذ مهمّة قصف في سورية. ويجد أنه بالنسبة للانقلاب لا تزال خلفيته الأساسية غامضة حتى الآن. ويقول “لا أرى دليلا على أنّ التغيّرات في السياسة الإقليمية لعبت دورا فيه”.

تعزيز النظام الاستبدادي

يقول تشومسكي إنه لسوء الحظّ، هناك معارضة غربية ضعيفة جدّا لعنف أردوغان وللتصعيد الشديد للأعمال الوحشية ضدّ الشعب الكرديّ في الجنوب الشرقي، الذي يصفه بعض المراقبين الآن بأنه يقارب الرعب الذي حدث في تسعينات القرن الماضي.

ويشير تشومسكي إلى كيف أنّ الانقلاب على أردوغان ضمن له تعزيز نظام الحكم الاستبدادي جدا في تركيا، حيث اعتقل أردوغان الآلاف من الناس وأغلق وسائل إعلام ومدارس وجامعات تابعة للانقلاب. وربما تكون آثار الانقلاب قد زادت حتى دور الجيش في العلاقات السياسية بما أنه سيصبح تحت السلطة المباشرة للرئيس نفسه، وذلك في حركة كان أردوغان قد بدأها سابقا.

وعمّا إن كان ذلك يؤثر في علاقة تركيا مع الولايات المتحدة والقوى الأوروبية إذا أخذنا في الحسبان مزاعم الأخيرة حول حقوق الإنسان والديمقراطية داخل تركيا وحول مساعي أردوغان إلى إقامة روابط وثيقة مع بوتين، يذكر تشومسكي أنّ “مزاعم” هي الكلمة الصحيحة. وأنّه خلال التسعينات من القرن الماضي مارست الحكومة التركية أعمالا وحشية رهيبة استهدفت فيها الشعب الكردي، إذ قتل العشرات من الآلاف، ودمرت الآلاف من القرى والبلدات، وأخرج المئات من الألوف وربما الملايين من بيوتهم، مع كل ما يمكن تخيله من تعذيب. 80 بالمئة من السلاح كانت تأتي من واشنطن، وازدادت النسبة بزيادة الأعمال الوحشية.

ويجد أن “العلاقات بين نظام أردوغان والغرب تصبح أكثر توترا، وهناك غضب شديد ضد الغرب من داعمي أردوغان لأن المواقف الغربية تجاه الانقلاب تنتقده باعتدال، لكن ليس على النحو الذي يكفي النظام. أما باتجاه الاستبداد المتزايد والقمع الشديد، فالانتقاد غير قوي، لكن النظام يراه كثيرا جدا. وفي الحقيقة، هناك اعتقاد كبير بأن الولايات المتحدة هي من بدأت الانقلاب”.

وتناول تشومسكي كذلك صفقة المهاجرين الأخيرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي ويرى أنها صفقة “على وشك الفشل”، وكيف أنه مع ذهاب أردوغان بعيدا جدا ليقول علنا إن “القادة الأوروبيين لم يكونوا صادقين”. ويعتقد أن نتائج ذلك ستنعكس على العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي، وعلى اللاجئين أنفسهم، إذا فشلت الصفقة، ويرى أن أوروبا رشت تركيا في الأساس لمنع اللاجئين البائسين الهاربين من الجرائم التي يتحمل الغرب مسؤولية كبرى عنها، من الوصول إلى أوروبا. ويصف ذلك بأنّه تناقض أخلاقي لكنه أفضل من تركهم يغرقون في البحر المتوسط. ويختم بقوله إن “تدهور العلاقات سيجعلهم يسافرون بطرق أسوأ على الأرجح”.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.