تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: انقلاب مُعلَن في لندن: ماي تواجه ربيعاً سياسياً ساخناً.. ترامب: الـ«بريكست» يمنحكم هوية..؟!

مصدر الصورة
sns

عوامل عدة، استراتيجية وداخلية، تُبرز حالياً موقع المملكة المتحدة الضعيف، أهمُّها التحرّكات المعارضة التي تنذر بـ«ربيع» يهدد استمرار رئيسة الوزراء تيريزا ماي في منصبها، وقد يهدّد أيضاً مشروع «البريكست» برمّته. ووفقاً لصحيفة الأخبار، تواصل ماي، سلسلة مغامراتها الدون كيشوتيّة في إدارة شؤون المملكة المتحدة وتداعيات مسألة مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي ــ أو ما صار يعرف بالبريكست. فتغادر الولايات المتحدة بعد اجتماعها مع ترامب أمس، متجهة إلى تركيا للاجتماع بأردوغان، بوصفه حليفاً محتملاً آخر في مواجهتها العبثيّة مع الاتحاد الأوروبي؛ الرسالة الاستراتيجيّة التي تحاول ماي إرسالها من خلال الرحلات التي أخذتها إلى الهند والخليج والولايات المتحدة، والآن إلى تركيا، هي أن بريطانيا قادرة في حال نشوب حرب تجاريّة ضد الاتحاد الأوروبي (أو عدم حصول المملكة المتحدة على ما تريده في مفاوضات الخروج المحتملة)، على تعويض ذلك من خلال تقوية التبادل مع شركائها التجاريين الآخرين عبر العالم.

لكن هذا الأمر لا يبدو أنه يستحق حتى أن يوصف بالاستراتيجيّة، فالاقتصاد البريطاني شديد التشابك وعلى مستويات بنيويّة عدّة مع الاتحاد الأوروبي، ولاسيما في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الاستهلاكيّة والمنتجات الماليّة والخدمات، وهو يمثل أكبر شريك على الإطلاق للمملكة المتحدة، بينما يمثّل الشركاء البدلاء نسباً قليلة من حجم التبادل التجاري الحالي للبلاد. ومن المستحيل عمليّاً أن يعوّض أي شريك نوع التبادل الحالي وكمّه مع الاتحاد الأوروبي، أقله خلال عقد أو اثنين، فضلاً عن التحديات التقنيّة واللوجستيّة الهائلة التي يتطلبها مثل ذلك التحوّل في وقت لم يتعافَ فيه الاقتصاد البريطاني من الضغوط الاقتصاديّة التراكميّة للأزمة المالية العالميّة في ٢٠٠٨، ومع خطر التضخم المتوقع بعد تراجع قيمة الجنيه الإسترليني.

وبرغم كل الادعاءات والخطابات الرنانة، فإنّ خبراء التفاوض التجاري يعلمون أن ماي تأتي في جميع جولاتها من موقف الضعف لا موقع القوّة، فهي «كمن باع بيته مقدّماً» ــ تقول «نيويورك تايمز» ــ وجاء يفاوض لشراء بيت جديد، بينما ليس لديه مكان يبيت فيه. الشركاء البدلاء يعلمون ذلك تماماً، وهم على لطفهم الشديد في استقبال ماي... ليسوا مستعدين الآن إلا لتقديم دعم مشروط يخدم مشاريعهم ومصالحهم هم. كذلك إن مسارعة ماي لحجز أول مقعد في طابور الزعماء الراغبين في مقابلة ترامب، عدَّت تأكيداً لموقف الضعف الاستراتيجي الذي تعيشه، إذ إن الزعماء الأقوياء سينتظرون غالباً الوقت المناسب في المستقبل، أو حتى مبادرة واشنطن لترتيب اللقاءات.

موقف ماي الضعيف متأتٍّ، ليس فقط من عوامل استراتيجيّة عالميّة تتعلق بتراجع مكانة وهشاشة تموضع المملكة المتحدة في منظومة السياسة والاقتصاد العالميين مقارنة باللاعبين الكبار والتجمعات الإقليميّة المختلفة، بل أيضاً من حقيقة أنها تواجه تحديّات داخليّة عديدة سياسيّة وبرلمانيّة واقتصاديّة واجتماعيّة تتراكم في وجه حكومتها، وقد تنفجر في أي لحظة، مطيحةً حكومة المحافظين من السلطة بالكامل، وفاتحةً الباب على مجهول الانتخابات العامة المبكرة.

وتتحدث الأجواء السياسيّة البريطانيّة في المجالس الخاصة عمّا يمكن تشبيهه بسرد أحداث «انقلاب» معلن على ماي يجري الإعداد له بين قوى مختلفة متقاطعة في مواقعها ومصالحها، لكن يجمعها توافقها على معارضة مشروع الحكومة للخروج من الاتحاد الأوروبي. وأوجزت الأخبار، أنه وفي ظل هذه الأجواء الشكسبيريّة المتسارعة، ستكون المملكة المتحدة مقبلة على ربيع سياسي ساخن في آذار المقبل. فبين مؤامرات الانقلابيين في الغرف المغلقة، والتحركات الشعبيّة المخطط لها، وقوة الشرعيّة التي اكتسبها البرلمان بدعم من قرار المحكمة العليا، مع الضغوط الاقتصاديّة المتزايدة، فإن هناك ضحيتين محتملتين فقط لهذا الربيع: مشروع ماي للبريكست، ومنصبها التنفيذي. فهل نرى رئيساً جديداً للوزراء في لندن مع حلول نيسان المقبل؟

من جهته، أعرب الرئيس ترامب أمس، خلال استقباله ماي، عن تأييده لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. واعتبر ذلك "أمراً رائعاً"، مشيداً في الوقت نفسه بـ"العلاقة الخاصة" بين لندن وواشنطن. وفي مؤتمر صحافي مقتضب، تعهد الزعيمان بتعزيز العلاقات بعد التغييرات الكبيرة التي شهدها بلداهما، من دون اعلان مواعيد محددة أو ملامح للاتفاق التجاري المقبل. وقال ترامب، إثر استقباله أول مسؤول أجنبي في واشنطن بعد تنصيبه، "أعتقد أننا سنتفاهم جيداً". من جهتها، قالت ماي إن "أحد الامور المشتركة بيننا هو النية لإعطاء الأولوية لمصالح العمال العاديين"، مهنّئة ترامب بفوزه.

وفي وقت تشهد فيه العلاقات بين ضفتي الاطلسي مرحلة توتر، حرصت ماي على التأكيد أن ترامب يدعم حلف شمال الاطلسي "مئة في المئة"، في حين امتنع ترامب عن الإدلاء بأي تعليق بعدما اعتبر قبل بضعة أسابيع أن الحلف "عفّى عليه الزمن". وأشاد ترامب بالـ"بريكست"، قائلاً للبريطانيين: "عندما سيُطبّق، ستكون لكم هويتكم الخاصة بكم، وسيكون بإمكانكم استقبال الاشخاص الذين تريدون في بلدكم". وأضاف "سيكون بإمكانكم أيضاً توقيع اتفاقات تبادل حر من دون أن يكون هناك من يراقبكم ويراقب ما تقومون به". وتابع قائلاً إنّ "خبرتي سيئة جداً مع الاتحاد الاوروبي". وأكدت ماي أن العقوبات ضد موسكو يجب أن تستمر حتى "التنفيذ الكامل" لاتفاقات مينسك لإيجاد تسوية للنزاع الاوكراني، فيما رأى ترامب أن "من المبكر جداً" التحدث عن العقوبات بحق روسيا، لكنه كرر عزمه على تحسين العلاقات بين البيت الابيض والكرملين.

وعنونت الحياة: ترامب يخيب روسيا ويؤجل رفع العقوبات. ونقلت تأكيد ترامب تمسكه بـ «العلاقة الخاصة» بين الولايات المتحدة وبريطانيا، خلال استقباله ماي أمس. وكان لافتاً أن المندوبة الأميركية الجديدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي اعتمدت لهجة حاسمة، إذ تعهدت إصلاح المنظمة الدولية، وحذرت حلفاء الولايات المتحدة من أنها «ستُظهر قوتها» و«تُسجِل أسماء» مناهضيها.  وفي برلين، اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس، أن إدارة ترامب تشكل «تحدياً» للاتحاد الأوروبي، خصوصاً في ما يتعلق بالاقتصاد. وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشكل ضمني عن قلقها من التطورات الأخيرة في الولايات المتحدة. وأكدت وجوب «الدفاع عن مجتمع حرّ، وعن التبادل الحرّ في آنٍ».

وأعلن ناطق باسم الدفاع الأميركية أن وزيره تحدّث هاتفياً مع نظرائه في فرنسا وألمانيا وإسرائيل، مشيراً إلى أنه طمأنهم إلى «التزام الولايات المتحدة المستمر الحلف الأطلسي».

إلى ذلك، وبعد ساعات على تأجيج ترامب خلافاً مع المكسيك في شأن جدار يعتزم تشييده على الحدود، أعلن مسؤول في البيت الأبيض أن ترامب تحدث هاتفياً لساعة مع نظيره المكسيكي. وتكبدت العملة المكسيكية خسائر بعدما طرح ترامب، فكرة فرض ضريبة بنسبة 20% على السلع القادمة من المكسيك، وذلك لتسديد تكلفة بناء جدار أمريكي معها. وسببت تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض في هبوط البيزو المكسيكي إلى أدنى مستوى له خلال جلسة الخميس. يشار إلى أن الاقتصاد المكسيكي يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة، حيث أن 80% من صادرات المكسيك تتجه إلى أمريكا.

أمريكياً، وصف كبير المستشارين الاستراتيجيين في البيت الأبيض، ستيفن بانون، وسائل الإعلام بـ"المعارضة"، قائلا إن "عليها إبقاء فمها مغلقا". وقال بانون، لصحيفة "نيويورك تايمز": "على وسائل الإعلام أن تشعر بالحرج والإهانة، وإبقاء فمها مغلقا والاستماع في الوقت الحالي". وأضاف: "وسائل الإعلام هنا هي حزب المعارضة. هم لا يفهمون هذا البلد. ما زالوا لا يفهمون لماذا دونالد ترامب هو رئيس الولايات المتحدة!". ونقلت الصحيفة عن بانون قوله، في إشارة إلى الانتخابات، إن "إعلام النخبة أخطأ بشكل فادح، كان مخطئا 100 في المائة"، معتبرا أنها "هزيمة مهينة ستظل تلاحقهم".

وكتب الحسين الزاوي في الخليج الإماراتية: من الواضح أن المشهد الأوروبي الراهن يتسم بضبابية كثيفة وبكثير من التعقيد، نتيجة للتحولات الجيوسياسية والجيواستراتيجية المتلاحقة، فالولايات المتحدة وبريطانيا لا ترغبان في رؤية اتحاد أوروبي قوي ومستقل بشكل متزايد عن الهيمنة الأنجلو-أمريكية، وتتوجسان خيفة من أن يتحول الاتحاد إلى أداة طيّعة في خدمة القوة الألمانية؛ كما أن ألمانيا وفرنسا لا ترغبان في فقدان المظلة الأوروبية التي مكنتهما من مواجهة الابتزاز الأمريكي طوال عقود من الزمن. أما الدول الأوروبية الأخرى فيبدو بعضها منشغلاً بالتهديد الذي يمثله زعيم روسيا أكثر من انشغالها بحملة العلاقات العامة التي يقوم بها ترامب عبر وسائل الإعلام؛ ومن ثمة فإن الكثير من الأوروبيين باتوا ينظرون إلى رغبة الإدارة الأمريكية الحالية في تحسين علاقاتها مع روسيا، بكثير من التوجس لأنهم لا يريدون أن تكون القارة محاصرة بين قيصر الشرق وإمبراطور الغرب، ويخشون أن يتحقق التفاهم الأمريكي - الروسي على حساب المصالح الأوروبية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.