تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سيل:حافظ الأسد كان فخورا بإنقاذه لبنان من حضن إسرائيل

مصدر الصورة
sns - صحيفة الوطن السورية

خصص الكاتب والصحفي البريطاني باتريك سيل وقتا طويلا من حياته المهنية لتغطية الملف السوري، والصراع العربي الإسرائيلي... وثّق سيرة حياة الرئيس الراحل حافظ الأسد في كتابه الشهير «الأسد: الصراع على الشرق الأوسط»، ويستعد خلال أشهر قليلة لإصدار كتاب جديد عن «الصراع على الاستقلال العربي».  

خصصت سنوات طويلة من حياتك المهنية للكتابة عن سورية، ما الذي دفعك للاهتمام بسورية بشكل خاص؟

سورية بلد مهم جداً بالنسبة لي. وكنت أعمل مراسلاً لصحيفة «الأوبزرفر» في الشرق الأوسط، بعد ذلك قررت أن أمضي وقتا أطول في المنطقة للدراسة، ومن ثم أنتجت كتابي الأول « الصراع على سورية».

لقد أعجب الكتاب الرئيس الراحل حافظ الأسد، حيث دعاني إلى منزله.. وفي سنة 1984 قررت زيارة الرئيس الأسد للبدء بكتابي «الأسد: الصراع على الشرق الأوسط» الذي صدر في سنة 1988. ويؤسفني أنني لم أتمكن من تغطية السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة من حياة الرئيس الأسد، لأنه كان مشغولا جداً لذلك كان علي أن أترك لغيري مهمة تغطية السنوات الأخيرة من حياة الرئيس الأسد الأب، والسنوات الأولى من حياة الرئيس بشار الأسد.

من الواضح أنك تمتعت بعلاقة شخصية قوية مع الرئيس حافظ الأسد، كيف تمكنت من اكتساب تلك الثقة؟

لا شك في أن الرئيس الأسد أعجبه كتابي الأول، واعتقد أنني أعمل صحفياً مستقلاً.. لذلك قال لي: إنه بإمكاني أن أكتب ما شئت. ولأنه أعطاني الضوء الأخضر، وافق الكثير من الأشخاص على الحديث إلي، كما تمكنت من السفر في أرجاء سورية. ولم يطلب الرئيس الأسد مطلقا أن يرى مسودة الكتاب، لقد نشر الكتاب دون أن يقرأ النص مسبقا.

لكن للأسف كان هناك بعض الجوانب في كتابي التي لم تعجبه، إلا أنه على الرغم من ذلك قرئ كتابي على نطاق واسع. كما سمعت مرة أن الرئيس الراحل أعطى نسخة من كتابي للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر خلال زيارة لدمشق، على الرغم من أنه لم يكن متداولاً على نطاق واسع في البلاد.

خلال علاقتك مع الرئيس حافظ الأسد، ما أكثر اللحظات التي تركت أثراً لديك من تلك الفترة؟

أتذكر كثيراً الطريقة التي تمكن بها من فض اتفاق 17 أيار 1986 في لبنان، والذي كان يهدف لإدخال لبنان ضمن المدار الإسرائيلي. لكن سورية بالتعاون مع حلفائها تمكنت من تدمير هذا الاتفاق ما بات لاحقا مدعاة لفخر الرئيس حافظ الأسد. لقد كان الرئيس الأسد فخورا جداً لتمكنه من إنقاذ لبنان من حضن إسرائيل.

هناك محطة أخرى في تاريخ الرئيس الأسد، وتعود لفترة التحالف بين تركيا وإسرائيل والذي هدد سورية في ذلك الوقت، إذ كانت البلاد تواجه تهديدا على الجبهتين. لكن الرئيس الأسد تمكن بذكاء من تجنب أزمة أعمق. أي قائد آخر قد يكون فكر بنوع من المواجهة، لكن الأسد كان يعلم تماما متى يستخدم القوة ومتى لا.

سورية مرت بسنوات عصيبة بعض الشيء قبل أن تأخذ دورها مجدداً على الساحة الدولية، كيف ترى سورية اليوم؟

كما قلت سابقا، أنا صديق لسورية. وأتمنى الخير للبلاد. وأنا أعلم أن سورية واجهت سنوات صعبة جدا، خاصة بعد غزو العراق. ولو كتب للتجربة الأميركية أن تنجح في العراق، سورية كانت حتما الهدف التالي. وتلا غزو العراق تفجر الأزمة اللبنانية، ما وضع سورية بمواجهة سنوات عصيبة بين عامي 2003 – 2006. لكن هذه المدة انقضت الآن.

وأنا سعيد جداً بالأجواء العامة الجديدة المحيطة بالبلاد هذه اللحظة، واعتراف القوى الخارجية بأنه لا يمكن عزل سورية. وإذا كان سيتم تحقيق سلام في المنطقة، فسورية هي حتما لاعب أساسي.

كتابك الأول صدر بعنوان «الصراع على سورية» تلاه فيما بعد الكتاب الشهير «الأسد: الصراع على الشرق الأوسط». ما سبب الانتقال من التركيز على سورية الكبرى إلى زاوية أكبر كالشرق الأوسط؟

الشرق الأوسط كان وجهة الأسد. كان يرغب باستعادة الجولان الذي احتل في حرب 1976، وقام وقتها بالتحالف مع الرئيس المصري السابق أنور السادات لشن حرب تشرين في عام 1973... لكن الرئيس الأسد شعر أن السادات خانه، فبدلا من التقدم بقناة السويس، توقف وأعطى فرصة للجيش الإسرائيلي لتثبيت قواته على الجبهة السورية... وأذكر أن الأسد كان غاضبا جداً بسبب ذلك عندما التقيته بعدها.

ذكرت أن الشرق الأوسط كان وجهة الرئيس حافظ الأسد، أو ربما وجهة سورية في ذلك الوقت، إلى أي مدى لا تزال الفكرة قائمة ضمن الظروف الحالية في المنطقة؟

أعتقد أن الفكرة ما زالت قائمة فيما يتعلق بعملية السلام. والشيء الجيد المتعلق بموقف أوباما هو أنه يتطلع إلى سلام شامل، وليس فقط سلاماً فلسطينياً - إسرائيلياً. ولهذا السبب حاول أوباما أن يجدد علاقته بسورية، لأنه لابد من إشراك كل من سورية ولبنان بأي خطة سلام شامل.

لكن لاشك في أن أوباما يواجه حالياً عوائق في السياسية الإسرائيلية، إضافة إلى كونه مشغولاً بالملفات الداخلية كالإصلاح الصحي، الأزمة المالية العالمية وملف أفغانستان. لكن الوضع بدأ يختلف الآن، فقد تم تمرير مشروع الإصلاح الصحي، إضافة إلى إعادة إحياء الاقتصاد الأميركي. لذلك لا شك في أن أوباما سيركز انتباهه على الصراع العربي – الإسرائيلي، لكن يجب أن نمنحه المزيد من الوقت، يجب ألا نعتقد أنه هزم بهذا الإطار أبدا.

لكن بالنسبة لي، وما يرغب الكثير من الناس في رؤيته، هو إجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إعادة بناء تكتله، بإدخال حزب كاديما على سبيل المثال، إضافة إلى اتباع سياسة أكثر التزاما بتحقيق السلام مع الفهم أن السلام هو بمصلحة إسرائيل.

يجب على نتنياهو أن يفهم أن البيئة الإستراتيجية تغيرت اليوم، وأنه لا يمكن السيطرة على كل المنطقة بالقوة العسكرية. يجب على الإسرائيليين أن يقبلوا بقوى متوازنة مع المنطقة بدلا من السيطرة عليها من قبلهم.

ونحن نشهد اليوم بحثا عن قوى إقليمية جديدة على الساحة العالمية، ففي حين بدأت بعض القوى الغربية بالتراجع إلى حد ما، تطفو على السطح اليوم قوى أخرى جديدة مثل الصين، والهند، والبرازيل. وهذا هو التحدي الذي يواجه كل قادة دول المنطقة، ومن الجدير بالانتباه أن تركيا هي من أول الدول التي فهمت قدوم هذه التغيرات، وعبرت عن إرادتها بلعب دور لتحقيق السلام، والعدل، والاستقرار في المنطقة كرصيد للغرب متمثلا بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.

وسط هذه الظروف التي ذكرتها، ما إمكانية تحقيق تقدم جدي في ملف السلام العام المقبل؟

للأسف، لا يوجد شريك للسلام في هذه اللحظة. وأعتقد أن ذلك سيستغرق سنوات عدة، إلا أنه سيأتي. ولا شك في أن اتفاق سلام مع دول الجوار يصب تماما في مصلحة إسرائيل، لأن دولة فلسطينية صغيرة إلى جانب دولة إسرائيل ستكون مفتاح التطبيع مع دول المنطقة. لذلك على الإسرائيليين القيام بتلك الخطوة.

هم يعتقدون أن ذلك لا يزال صعبا بالنسبة لهم، لكن يجب عليهم أن يغيروا وجهة نظرهم حول هذه المسألة والتي هي عبارة عن خليط بين الخوف والتكبر. يجب عليهم أن يفهموا أنه بإمكانهم الاندماج في المنطقة على أساس مختلف.

لكن هل سيعيدون الجولان المحتل؟

بالطبع هم لا يرغبون في ذلك، لكنهم سيضطرون لاحقاً لإعادته، لا يوجد لديهم حل بديل. لا يوجد الكثير من المستوطنين في الجولان، كما أنهم ليسوا متجذرين كنظرائهم في مستوطنات الضفة الغربية، لذلك من المؤكد أنهم سيغادرون إذا ما تم تعويضهم من قبل السلطات الإسرائيلية.

بكل الأحوال، سيكون ذلك صعبا على الإسرائيليين، لأنهم اعتادوا على الاحتفاظ بالجولان، إلا أنه عليهم أن يتنازلوا عنه لأجل السلام. ومن الواضح أنه لا يوجد طريق للسلام من دون الجولان، وهذا يتطلب الكثير من إعادة التفكير من قبل الإسرائيليين، مع العلم أنه ما إن تتوافر لديهم قيادة متفهمة للحاجة للتغيير حتى يتغيروا.

خلال تغطيتك لملف الشرق الأوسط اكتسبت شعبية ومصداقية في العالم العربي. هل تم اتهامك في الأوساط الغربية بالتحيز للجانب العربي؟

لا، لم أواجه انتقاداً بهذا الصدد، ومعظم الناس الذين عرفوا كتبي كانوا منصفين بالنسبة لي. أنا كاتب مستقل، أحاول الفصل في الأشياء على أساس متوازن. وأنا فعلا أتمنى أن أرى هذه المنطقة تعيش بسلام.

هل تفكر بنشر كتاب آخر عن الشرق الأوسط؟

لدي كتاب جديد سيصدر في الأول من آذار القادم بعنوان «الصراع على الاستقلال العربي». هذا الكتاب سيكون صراعي الثالث هنا، وهو يسرد قصة رياض الصلح في لبنان باعتباره أحد أهم رجال الوحدة العربية في النصف الأول من القرن العشرين، منذ حقبة الإمبراطورية العثمانية، إلى الخمسينيات. وسيصدر الكتاب باللغات العربية، والإنكليزية والفرنسية.

تغطية الصراع العربي الإسرائيلي كان دوما موضوعاً مثيراً للجدل في الإعلام الغربي، ما الذي تتمنى أن تراه هنا في السنوات المقبلة؟

أظن أنه يجب على بعض الدول العربية أن تشجع حرية التعبير، إذ لا يوجد حرية كافية للتعبير هنا. وهذا مهم جداً لهذه الدول، علما أنه لا يشكل أي تهديد لأنظمتها، بل على العكس هو دليل قوة لأنه يقوم بتعبئة اجتماعية.

كما أتمنى أيضاً أن أرى تمتعا أكبر بحقوق الإنسان، لأن سجن ناشطي حقوق الإنسان هو أشد خطورة على الحكومات من وجودهم خارج السجن لأنه يؤذي صورة البلاد بالخارج. وعندما يظهر بلد ما بصورة سيئة لن يقدم أحد على حمايته عندما يتعرض للخطر.

على سبيل المثال، إسرائيل لديها صورة سيئة للغاية اليوم بسبب ما فعلته في غزة. كانت إسرائيل تعتقد أنها ستضرب غزة دون أن يلاحظ أحد، لكن العالم بأسره هب لمعارضتها. لذلك أعتقد أنه على دول الشرق الأوسط أن تفكر ملياً بصورتها في العالم.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.