تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إلغاء اعتماد الإعلامي رضا الباشا ومشروعيته في القانون..!!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

أثار قرار وزارة الإعلام في الجمهورية العربية السورية بإلغاء اعتماد مراسل قناة الميادين رضا الباشا لغطاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فاعتبره البعض انتهاكاً صارخاً لحرية الإعلام وتضييقاً عليها. لكن السؤال الأهم هل خالف الإعلامي رضا الباشا قانون  الإعلام أم لا؟ وهل القرار الصادر عن وزارة الإعلام في محله أم لا؟

حرص الدستور السوري في المادة /43/ منه على أن الدولة تكفل حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام واستقلاليتها وفقاً للقانون. وما دامت الآراء الشخصية لا يمكن للغير الاطلاع عليها إلا إذا عبر عنها صاحبها، فإن حرية التعبير في هذه الحال تلتقي مع حرية الإعلام التي تبدو امتداداً طبيعياً لحرية الفكر وإذا كانت حرية الفكر تعد حرية فردية فإن حرية الإعلام هي في الوقت نفسه حرية فردية وحرية جماعية ويزداد طابعها المركب هذا بازدياد التقنيات الحديثة وتطورها.

 وإذا كان الدستور نص في المادة /42/ منه على أن: "لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول أو الكتابة أو بوسائل التعبير كافة" وهو ما نص عليه قانون الإعلام في المادة الثالثة منه على ذلك أيضاً؛ لكن القانون المذكور وتنظيماً لهذه الحرية حدد في المادة الرابعة منه الوعاء والمحتوى الإعلامي والضوابط التي يقوم عليها ليكون جدير بالحماية والاستقلالية بالنص على أنه:

"يقوم العمل الإعلامي على استخدام الوسائل الإعلامية لوضع المحتويات الإعلامية التي ليست لها صفة المراسلات الشخصية في متناول الجمهور أو فئة منه مع مراعاة المبادئ الأساسية الآتية:

  1. احترام حرية التعبير على أن تمارس هذه الحرية بوعي ومسؤولية.
  2. حق الإعلامي في الحصول على المعلومات واستخدامها مع مراعاة الأحكام الأساسية الواردة في هذا القانون.
  3. الالتزام بالصدق والأمانة والنزاهة والدقة والموضوعية في نقل المعلومات.
  4. احترام خصوصية الأفراد وكرامتهم وحقوقهم والامتناع عن انتهاكها بأي شكل من الأشكال ...."

 وبالتالي إن حرية الإعلامي مصونة في القانون ولا يجوز أن يكون الرأي الذي ينشره الإعلامي سبباً للمساس بهذه الحرية إلا في حدود القانون الذي حظر في المادة الثانية عشرة بالفقرة الثالثة منها "نشر الأخبار والمعلومات المتعلقة بالجيش والقوات المسلحة باستثناء ما يصدر عن الجيش والقوات المسلحة ويسمح بنشره".   

وفي ضوء ذلك إن قيام الإعلامي رضا الباشا بالنشر على صفحته الشخصية أخبار ووقائع تتعلق بتصرفات بعض عناصر الجيش المتواجدين في حلب واتهامهم بأفعال مشينة يشكل مخالفة صريحة لقانون الإعلام وانتهاكاً واضحاً للمحظورات الواردة في الفقرة الثالثة من المادة الثانية عشرة وكان الحري به عند العلم بوجود مثل هذه التصرفات الفردية على فرض صحتها مراجعة الجهات المعنية في الجيش والقوات المسلحة والإبلاغ عنها لاتخاذ الإجراءات المناسبة أو إبلاغ النائب العام العسكري وليس نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.

لذلك، إن تجاهل الإعلامي رضا الباشا هذه النصوص الواردة في  قانون الإعلام وتحت مسمى الحرية الشخصية في التعبير عن الرأي تُسقط عن فعله الحصانة والاستقلالية التي يمنحها القانون للإعلامي المرخص أصولاً له بمزاولة هذه المهنة لاسيما وأن المبادئ الأساسية للعمل الإعلامي أكدت على ضرورة ممارسة هذه الحرية بوعي ومسؤولية وليس التعبير بما يشاء وكيفما شاء دون حسيب أو رقيب بل يجب أن تتم ضمن إطار احترام القانون وعدم النيل من حقوق الأفراد والمجتمع والدولة وبما لا يؤدي إلى المساس بالأمن والاستقرار في المجتمع.

فالحرية الإعلامية ليست هدفاً في ذاتها وإنما هي وسيلة لغاية في مجتمع حر وأن نطاق وطبيعة الضمان الدستوري لحرية الصحافة ينبغي رؤيتها وتطبيقها في هذه الحدود.

وأخيراً، يمكن الجزم أن هذا القرار جاء منسجماً مع قانون الإعلام ولا يشكل انتهاكاً للحرية الإعلامية والحق في التعبير كما يحلو للبعض وصفه به، ويأتي في سياق الدور المناط بالوزارة وهو الإشراف على حسن تطبيق القانون وضمن الصلاحيات التي خولها إياها القانون والمنصوص عليها في المادة 22 الفقرة السابعة منها من المرسوم التشريعي رقم 108 لعام 2011 وتعديلاته والتي تنص "على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان التزام المرخص لهم بشروط الترخيص المحددة في هذا القانون" ومتابعة الأداء الإعلامي لجميع الوسائل الإعلامية والتزامها بنصوص هذا القانون وللمتضرر من هذا القرار مراجعة القضاء الإداري للطعن في القرار المشكو منه، وتجدر الإشارة إلى أن صلاحية التثبت والتحقق من التزام الضوابط الإعلامية معطاة لوزارة الإعلام وليس للقضاء أن يحل محلها مادام القرار الصادر عنها يلتزم حدود القانون ومبدأ المشروعية وسيادة القانون.

  

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.