تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أردوغان يخرج من أوهامه أمام الواقع الجديد..!!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية - خاص

بـديـع عفيـف

أظهر البيان الختامي للقمة التي عقدت في مدينة سوتشي الروسية الخميس 14/2/2019 وضمت الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والايراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان تطوراً واضحاً في مواقف الدول الثلاثة بشأن الوضع في سورية، ولاسيما تركيا ـ أردوغان التي بات عليها أن تحسم أمرها وتخرج من المنطقة الرمادية؛ فالتأكيد على التمسك بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها... ورفض جميع محاولات إقامة وقائع جديدة على الأرض بذريعة مكافحة الإرهاب، والمطالبة بإنهاء وجود القوات الأجنبية الموجودة من دون إذن من الحكومة السورية، لا بد وأنه وضع أردوغان أمام حتمية اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ هذه الثوابت، وإلاّ..!!

قبل القمة أكدنا على أنّ "الابتزاز والقفز التركي على الحبال.. لن يطولا". اليوم، وبعد قمة الخميس الثلاثية، أصبح واضحاً أنّ أردوغان، وبعد سنوات من مشاركة أنقرة في العدوان على سـورية، أدرك واستوعب الواقع بشكل أفضل، وأنه لن "يصلّي في الجامع الأموي بدمشق" إلا بموافقة الرئيس بشار الأسد، ولعله الآن يحاول ضبط خطواته التراجعية بما قد يحقق بعض المكاسب الشخصية والتركية في سورية. وجاء بيان سوتشي الأخير ليبدّد أحلام أردوغان بتثبيت احتلال قواته للأراضي التي تتواجد عليها في المناطق الشمالية من سورية؛ فقد أكد البيان "التمسك بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة... ورفض الدول الثلاث جميع محاولات إقامة وقائع جديدة على الأرض بذريعة مكافحة الإرهاب".

هذه الفقرة من البيان الثلاثي تخص القوات الأمريكية التي تدعم الإرهاب وتخترق السيادة السورية بوجودها غير الشرعي، وتخص الرئيس التركي شخصياً لأنه لا يكفّ عن الحديث عن عزم قواته الدخول إلى الأراضي السورية بزعم مكافحة الإرهاب؛ إنها جواب روسي إيراني على "النّق" التركي بشأن بعض المجموعات السورية الكردية التي تتهمها أنقرة بالإرهاب؛ الجواب الروسي تضمن أيضاً تقديم الحل لمواجهة المخاوف التركية المفترضة؛ اتفاق الرؤساء الثلاثة على تنسيق الجهود لضمان الأمن والاستقرار في شمال شرق سورية بما في ذلك "عبر الرجوع إلى الاتفاقات القائمة" وفي ظل احترام سيادة البلاد وسلامة أراضيها..."؛ الحل الروسي بالرجوع إلى الاتفاقات القائمة، لاقى سابقاً ترحيباً سورياً وتأكيداً بأن من اخترق هذه الاتفاقيات هو الجانب التركي وليس سورية.

ولقد أكد الرئيس بوتين في وقت سابق على ضرورة احترام تركيا لسيادة سورية وأن يكون الجيش العربي السوري متواجداً على جميع الأراضي السورية، وبالتالي على الحدود السورية التركية لأنه هو الضامن الحقيقي لمنع انتشار الإرهاب، وهذا يتم من خلال التعاون والتنسيق بين البلدين سورية وتركيا على قاعدة الاتفاقيات والمواثيق الدولية، والثنائية، أي اتفاقية أضنة؛ ففي هذه الاتفاقية، تم تحديد المبادئ المشتركة لمكافحة الإرهاب، ولقد لفت الرئيس بوتين إلى أن "وزارتي الدفاع ووكالات الاستخبارات تواصل اتصالاتها في هذه القضية".

مسألة أخرى، أكد البيان الختامي المشترك عليها وتلزم تركيا، هي ضرورة "التصدي بفعالية" لمحاولات "جبهة النصرة ــــ هيئة تحرير الشام الإرهابية" فرض سيطرتها على منطقة خفض التصعيد، واتخاذ خطوات ملموسة للحد من الانتهاكات في المنطقة منزوعة السلاح، من خلال "التنفيذ الكامل للاتفاقات المتعلقة بإدلب"، بما يتضمن مذكرة التفاهم الموقعة في أيلول الماضي.

وفي هذا السياق، وتأكيداً على التنفيذ العملي للموقف الروسي بضرورة عودة جميع الأراضي السورية لسلطة الدولة السورية والقضاء التام على الإرهاب، أكد الرئيس بوتين أهمية "الاتفاق على كيفية إنهاء التصعيد بشكل كامل في إدلب"، لافتاً إلى ضرورة "النظر في خطوات عملية محددة يمكن أن تتخذها روسيا وتركيا وإيران لتدمير الإرهاب هناك بالكامل". وعليه، فقد أصبح واضحاً أنّ على أردوغان تنفيذ تعهداته التي التزم بها في أيلول الماضي بشأن محاربة المجموعات الإرهابية في إدلب؛ فلا يمكن انتظار تركيا للأبد لتقوم بتنفيذ تعهداتها.

إنّ حسم الموقف التركي "عملياً" وتأكيد أردوغان على استمرار التنسيق والتعاون مع ضامنَي الأستانة الآخرين، روسيا وإيران، وعدم الركون "تماماً" للوعود الأمريكية للقيام بدور أو تحقيق أهداف ما في شمال سورية، والرضوخ للقانون الدولي والاتفاقيات الثنائية بشأن سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، يساهم بدون أدنى شك في تسريع الحل في الشمال الغربي السوري ولاسيما في تدمير المجموعات الإرهابية في محافظة إدلب السورية، كما يضع حداً لأحلام بعض الأطراف السورية الكردية التي ما زالت الوعود الأمريكية تدغدغ أحلامها بخطوات تقسيمية أو مزايا تنتقص من السيادة السورية، بأن الوضع الداخلي والإقليمي والدولي ليس في وارد قبول أيّ مسّ بالسيادة السورية أو انتقاصها، وأنّ التجربة العراقية مؤشر عليهم الأخذ به والتوقف عن المكابرة، والعودة إلى سلطة الدولة التي تضمن حقوق جميع المواطنين السوريين المتساوين بالحقوق والواجبات. القمة الثلاثية الأخيرة حملت جديداً إيجابياً على ما نعتقد، وتبقى العبرة في التنفيذ..!!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.