تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مصر تعلن الحرب على راديو الإنترنت

 مع سيطرة الصوت الداعم لعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الإعلام المصري، بقيت بعض إذاعات الإنترنت تغرّد وحيدة خارج السرب. ولكن يبدو أنّ الحكومة تستعدّ لإطلاق حرب على تلك الإذاعات، بدأتها بمداهمة الأمن المصري مقر «راديو حريتنا» وسط القاهرة مطلع الشهر الحالي. قام الأمن بتفتيش مكاتب الإذاعة، والتحقيق مع كلّ المتواجدين فيها من صحافيين ومذيعين ومهندسي صوت. وألقي القبض يومها على مؤسس الإذاعة أحمد سميح، واحتجز ليوم كامل، بتهمة امتلاك شبكة اتصالات من دون ترخيص.

يقول سميح: «تريد الحكومة المصريّة التحكّم بوسائل الإعلام كافة، خصوصاً المؤثّرة منها، وتستخدم لذلك طرقاً عدّة، منها توجيه حصص الإعلانات إلى قنوات معيّنة، للتضييق المادي على القنوات المعارضة. لكنّها فشلت بالسيطرة على الإعلام الذي يبثّ عبر الانترنت، لأنّه لا يحتاج إلى تكاليف باهظة، كما أنّه مؤثّر جداً في جيل الشباب. لذلك تبحث عن طرق أخرى للتحكّم فيه منها إصدار قوانين لتحجيمه، أو ترهيب العاملين فيه». يؤكّد سميح أنّ المعركة لم تحسم بعد، وأنّه مستمرّ في الدفاع عن حقه في أن يستمرّ «راديو حريّتنا» على الشبكة، قائلاً: «طريق الانترنت كلّه مسالك».

جريمة تستحقّ السجن

إصرار سميح على استمرار بثّ إذاعته يقابله إصرار مؤسِّس راديو «غرامافون» أحمد كمال على وقف بثّ الإذاعة رسمياً بدءاً من الخامس من أيار المقبل، تاريخ مرور أربعة أعوام على إطلاق الإذاعة. يقول كمال لـ «السفير»: «كلّ القوانين التي ترغب الحكومة المصرية في فرضها على العاملين في إذاعات الإنترنت تؤكد أنّها بدأت حرباً على هذا الإعلام. لا أريد أن أحارب بمفردي، أريد من جمهور الراديو أن يتضامن معنا ويشعر أنّ الأمر سيضرّه هو أيضاً كمستمع». ويضيف: «قرارنا بوقف بثّ راديو «غرامافون»، يهدف إلى لفت النظر للمضايقات التي نتعرَّض لها، وهو شكل من أشكال الاعتراض».

يؤكّد كمال أنّ الراديو لم يتعرّض لأي مضايقات من الأمن حتى الآن، لكنَّه يعتبر القوانين الجديدة المراد إقرارها تضييقاً في حدّ ذاتها. يقول: «صدر قانون جديد يسجن بموجبه كّل من يقدّم مناهج تعليميّة من دون ترخيص لمدّة خمسة عشر عاماً، ونحن في «غرامافون» نقدّم تدريبات للشباب في إذاعة البرامج وهندسة الصوت. كما أنّ قوانين تجريم التمويل الأجنبي تعدّ شكلاً من أشكال التضييق علينا، لأنّ أغلب إذاعات الإنترنت لا تحصل على إعلانات، وبالتالي نلجأ للحصول على تمويل من جهات تدعم المبادرات الإعلاميّة المستقلّة».

قوانين جائرة

تبيّن مسودة مبدئية نشرتها وسائل إعلام مصرية لقانون «الهيئة الوطنية للإعلام» المتوقع أن يصدر رسمياً بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، أنّ هناك توجّهاً من الدولة للتضييق على حرية التعبير. وتحتوي مسودة القانون على مواد تتعلق بتنظيم العمل في «ماسبيرو». إلا أنّ المادة 16 في القانون، أثارت قلق أصحاب إذاعات الإنترنت، إذ أنّها تحظر على أيّ جهة أو شخص استخدام أيّ وسيلة أو جهاز أو تقنية للبثّ المباشر، أو إعادة البثّ عبر الأقمار الصناعية، أو الإنترنت، لأيّ حدث داخل مصر. كذلك يحظّر القانون إعادة بثّ الوسائل المملوكة من «الهيئة الوطنيّة للإعلام» في الأماكن العامة، أو التجمعات السكنية، أو وسائل الانتقال، إلا بتصريح من الهيئة، مقابل رسوم. لكن المادة حددت عقوبة المخالفين بغرامات مالية وليس السجن.

يقول عمرو جاد المسؤول الإعلامي في «مؤسسة أضف للتعبير الرقمي» لـ «السفير» إنّ هناك تشابهاً كبيراً بين الإذاعات الأهلية في القرن الماضي، والإعلام البديل متمثلاً بالويب راديو في وقتنا الحالي. «كانت الإذاعات الأهلية عبارة عن مبادرة فردية من مواطنين مصريين يحاولون اقتحام هذا المجال الجديد، لأنّ لديهم معرفة أو رغبة في مخاطبة الناس، أو مشاركتهم بأغنية أو نقاش أو غيره من الأفكار. وذلك هو الدافع نفسه لانتشار الويب راديو في عصرنا الحالي». فهل تحاول الحكومة المصريّة سدّ الطريق على هذا النوع من التواصل بين المواطنين؟

مصطفى فتحي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.