تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الإعلام ...عندما يتهاوى الاحتراف



كتب "الأيهم صالح" (وهو كاتب وصاحب أول وأقدم موقع شخصي سوري) يقول:
أصدقائي يرون أن ما أنشره مفيد، ولكن ينقصه الاحتراف....
لمسة الاحتراف هي بالضبط ما لا أريد أن أضيفه إلى ما أنشره، فأنا لا أقبل أن أصبح إعلامياً محترفاً، ولذلك فأنا:
• لا أتبع قواعد الصحافة في صياغة ما أنشره، لأنني لا أحترم هذه القواعد.
• لا أهتم بقيادة الرأي العام، ولا أوجه خطابي إلا إلى النخبة.
• لا أحترم الإعلام ولا إنتاج ممارسيه، خصوصاً المعروفين منهم؛ الذين يقال: إنهم محترفون.
يختصر "الأيهم" بهذه الكلمات العلاقة الجديدة بين الصحفي والمتلقي، ومنها نكتشف أن ما اعتدنا تسميته (صحافة) أو (إعلام) خرج عن سكة التلقي في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، وراح يتوه في البراري بحثاً عن محطة يقف أمامها دون أن يحمل ضمانة التوقف.
صرنا في زمن يكاد يخجل فيه الصحفي من أن يعلن انتماءه إلى الإعلام، بعد أن وصل الإعلام إلى مرحلة تشبه المرحلة التي تتعرى فيها الصخور في جرف بحري نتيجة الحت المتواصل الذي لا يقابله ترميم.
المصداقية، التي كانت أحد شعارات الإعلام الجذابة، خرجت من دائرته، بعد أن سحبها المتلقي وصار -اعتماداً على المعلومات الكثيفة التي يمتلكها- صاحب القرار في إعطاء المصداقية للنص، فانقلبت القاعدة التقليدية الخاصة بمصدر المصداقية.
مفهوم "الإعلام ناقل للحقيقة" انتهى هو الآخر، لتحل "التراكمية" كنموذج صانع لحقيقة، قد تكون افتراضية، أي غير موجودة، وصار لها زبائنها في كل مكان.
أما الاحتراف الصحفي، فقد ضاع هو الآخر نتيجة تشبثه بنموذج الإعلام التقليدي، ونكرانه للحالة الإعلامية الجديدة التي فرضتها ثورة المعلومات، وللعلاقة الافتراضية مع المتلقي الذي تحول إلى (متواصل)، وصار طرفاً في المادة الإعلامية، وناشراً للوقائع كما هي.
وعلى الجانب الآخر، كانت للهواية مكانتها القوية في مواجهة مفهوم الاحتراف التقليدي، وصارت هي الأقوى، نظراً إلى ارتباطها بالبساطة والواقعية والمصداقية.
الصحافة لم تعد مهنة، بكل ثقة نستطيع اليوم أن نقول ذلك، فكل مستخدم للإنترنت صار صحفياً سواء أكان من خريجي أحد المعاهد الفنية أم من خريجي كلية الإعلام أو الكليات الأدبية، ويكفي هنا أن يملك هذا المستخدم الشجاعة للكتابة، بعيداً عن المعايير والتقويم والشهادة وأشياء أخرى كثيرة.
نقول هذا ولا ننسى أن الضخ الإعلامي الكثيف أنهى حالة الفقر في المرجعيات، وأتاح للجميع الوصول إلى المصدر الأم للمعلومة، وهنا لن يقبل المتلقي بعد الآن أن يقرأ خبراً عن "مدغشقر"، مثلاً، في صحيفة محلية.
صار الاحتراف الإعلامي نقطة ضعف!
صارت المعايير الإعلامية نقطة ضعف!
صار كل متابع... إعلامياً!
 
                                                                        حسين الإبراهيم

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.