تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الضمانات القانونية للحق في حماية الخصوصية في القانون السوري(قانون الإعلام نموذجا)!!

 

 

حظيت الحياة الخاصة للأفراد بحماية دستورية وقانونية كبيرة في سورية وشهدت السنوات الأخيرة استجابة تشريعية على مستويات مختلفة لدواعي هذه الحماية، وسايرها القضاء بتجاوب ملحوظ، مؤيداً من الفقه لما للحياة الخاصة للأفراد من أهمية قصوى على كيان الفرد والمجتمع معاً.

ذلك أن الأمر لا يخرج عن حالة من اثنتين, لا وسط بينهما, إما إهدار حقوق الإنسان في الحفاظ على حياته الخاصة ـ الحق في الخصوصية ـ بما يعنيه ذلك من إهدار لإنسانيته ككل وبما يؤدي إليه ذلك من جعله هو والعدم سواء، وإما احترام هذه الحقوق وحمايتها وإعلائها,  لتنمية شعور الإنسان بالكرامة وإيصاله إلى مرتبة التكريم الذي خلقه الله عليها (صنعة الله ومن أحسن من الله صنعة).

ومن مظاهر الاهتمام بحماية الحياة الخاصة للأفراد في القانون السوري, إن الدستور الحالي قد نص عليها في المادة (36): "الحياة الخاصة حرمة يحميها القانون".

وكان القانون المدني، قد نص من قبل، في المادة /52/ منه على أن: (لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته, أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر).

          وقد نص المرسوم التشريعي (المتضمن قانون الإعلام) رقم /108/ لعام 2011 في المادة الرابعة منه، الفقرة /4/ على: احترام خصوصية الأفراد وكرامتهم وحقوقهم والامتناع عن انتهاكها بأي شكل من الأشكال.   

هذا، وقد كانت المادة الأولى من هذا المرسوم في الفقرة الأخيرة قد عرفت الخصوصية بأنها: (حق الفرد في حماية أسراره الشخصية والعائلية ومراسلاته وسمعته وحرمة منزله وملكيته الخاصة وفي عدم اختراقها أو كشفها دون موافقته).

وفي هذا السياق، جاء في المادة /13/ من قانون الإعلام أنه:

"يحظر على الإعلامي أن يتعرض للحياة الخاصة للأفراد، ولا يعد مساساً بالخصوصية الشخصية توجيه نقد أو نشر معلومات عن المكلفين بعمل أو خدمة عامة، على أن يكون المحتوى الإعلامي وثيق الصلة بأعمالهم ومستهدفاً المصلحة العامة".

وبموجب المادة 80 من قانون الإعلام أيضاً، فإنه "يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة كل من يخالف أحكام المادة 13 من قانون الإعلام".  وقد حدد قانون العقوبات بعض صور الاعتداء على الحق في الخصوصية  منها:

أولاً:  خرق حرمة منزل في المادة /557/  والتي تعاقب من يدخل منزل أو مسكن شخص خلافاً لإرادته أو المكوث فيه، بالحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر، وإذا تم الفعل ليلاً أو بالكسر أو بالعنف أو باستعمال السلاح أو ارتكبه عدة أشخاص مجتمعين، بالحبس من ثلاث أشهر إلى ثلاث سنين.

ثانياً: إفشاء الأسرار في المادة /565/ والتي تنص على:

من كان بحكم وضعه أو وظيفته أو مهنته أو فنه على علم بسرّ وأفشاه دون سبب مشروع، أو استعمله لمنفعته الخاصة، أو لمنفعة آخر، عوقب بالحبس سنة على الأكثر وبغرامة لا تتجاوز المائتي ليرة إذا كان الفعل من شأنه أن يسبب ضرراً، ولو معنويا.  

ثالثاً: انتهاك سرية المراسلات المنصوص عليها في المواد /566/  و/567/، فإذا كان مرتكب الفعل موظف في مصلحة البريد أو الاتصالات واطلع على رسالة مختومة أو أتلفها أو أفضى بمضمونها إلى غير المرسل إليه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين، وتعامل المكالمات الهاتفية معاملة الرسائل عند الاطلاع عليها أو إفشائها. أما إذا كان المطلع أو من أفشى المخابرة أو مضمون الرسالة  شخص آخر غير المذكور في المادة السابقة، فإنه يعاقب بغرامة لا تتجاوز مائة ليرة.

وتتمثل فائدة هذا الاعتراف الدستوري والقانوني بالحق في الحياة الخاصة في أن المبدأ العام يتيح ظهور تطبيقات له كلما دعت حماية الإنسان لذلك, وعدم الاكتفاء بالقواعد العامة في المسؤولية المدنية انتظاراً لإقرار القضاء لحق جديد من الحقوق الشخصية، إلا أن ضآلة  العقوبات وتفاهة الغرامة في بعض الأحيان لا تشكل الرادع الكافي لحماية الحق في الخصوصية، ولا تتناسب مع اهتمام المشرّع بهذا الحق.

من هنا كان لابد من تشريع خاص ينظم هذا الحق ويفرض العقوبات المناسبة لحمايته، وإلا فإن الحديث عن هذا الحق على الرغم من أهميته الإنسانية قبل القانونية، يبقى من قبيل الترف الفكري.

                                                                                        أمل عبد الهادي مسعود

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.