تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العلاقة بين القضاء والإعلام ..أهمية الإعلام في نشر الثقافة القانونية!!

مصدر الصورة
SNS



لطالما كانت العلاقة بين الصحافة والقضاء في سورية وما تزال مشوبة بالحذر والترقب على الرغم من أنه يفترض بالصحافة أن تكون الحارس الأمين على العدالة , لاتحاد الغاية وهو الوصول إلى الحقيقة واتفاق الوسيلة؛ فالعلانية في  إجراءات التقاضي تعتبر من المبادئ الأساسية والراسخة  في العملية القضائية وهي في ذات الوقت جوهر العمل الإعلامي.

بيد أن القيود الواردة على حرية النشاط الإعلامي في المرسوم التشريعي رقم/108/ لعام 2011 بـ"المادة 12" فقرة/ 4 / منه تعتبر قفزة مهمة نحو الأفضل بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع  في المرسوم التشريعي رقم 50 لعام2001. فالقانون الحالي يحظر على الوسائل الإعلامية كل ما يحظر نشره في قانون العقوبات العام والتشريعات النافذة وكل ما تمنع المحاكم نشره، في حين كان القانون السابق أكثر توسعاً في فرض المحظورات حيث شملت المواضيع التالية:

1ـ أوراق الاتهام ووسائل التحقيق الجنائي أو الجنحي قبل تلاوتها في جلسة علنية.

2ـ وقائع دعوى الإهانة والقدح والذم والافتراء.

3ـ وقائع المحاكمات السرية وسائر المحاكمات التي تتعلق بالطلاق والهجر أو بدعوى النسب  وجميع وقائع الدعوى التي تحظر المحكمة أو دوائر التحقيق نشرها أو تقارير الأطباء الشرعيين حول الجرائم الأخلاقية.

إن مقارنة بسيطة بين النصيين تبيّن أن المشرّع في النص الجديد كرس الأصل العام في التشريع وهو "الإباحة"؛ فلم يتبنَ المنهج القديم القائم على التقييد والحصر. فأضحى للإعلامي حرية حضور الجلسات ونقلها إلى الرأي العام ما لم تقرر المحكمة حجب هذا الحق لضرورات منصوص عليها في القانون. وإن كان هناك ثمة من يرى أن هذه الإباحة يجب أن لا تكون قاصرة على قضاء الحكم دون قضاء التحقيق جرياً على الأصل الثابت وهو الإباحة، غير أن هذا الرأي لا يستقيم في هذه المرحلة من مراحل التقاضي حرصاً على سرية التحقيق وعدم نشر معلومات يستفيد منها مرتكب الجريمة خاصة أنه قضاء استقصائي قائم على البحث والتحري. 

          من حق الجمهور أن يعلم ما يجري داخل أروقة القضاء خاصة أنّ نشر أخبار هذا القضاء والتي تشغل الرأي العام في كثيرٍ من الأحيان تحمل في طياتها للجمهور الحماية من إساءة استعمال السلطة، ويدرأ عن القضاء شبهة الفساد. فمن سمات المجتمع الحر أن يكون ممثلو السلطة ـ وفي مقدمتهم رجال القضاء ـ قابلين للنقد والرقابة كغيرهم من الأفراد. وفي ظل مبدأ حصانة القضاء واستقلاليته، لن يكون هناك خير من الإعلام الحر في أن يقوم بهذا الدور المسؤول والمهم. ولا يتحقق ذلك  كله  بالطبع، إلا بضمان  الحرية للإعلاميين  الذين يجب أن يحكم عملهم هذا، مبدأ راسخ ويقين ثابت، وهو أن نشر المعلومة للجمهور محكوم بثقة الرأي العام بهذا الإعلام. فالمحرر عندما ينشر معلومة  أو خبر فإن هذه العملية تؤثر على مصالح الناس  ووعيهم الجمعي فالإعلامي يقول للمتلقي: هذه الحقيقة بقدر ما نعلم وهذه الحقائق يمكنك أن تبني حكمك على أساسها.

من هنا كانت الحرية للإعلامي في نشر المعلومة تتوقف على قدرته في توظيفها لتحقيق الصالح العام وليس الكسب والشهرة فقط.

فالإعلام إذا استخدم بمهارة وحكمة، يمكن أن يساهم مساهمة فعالة في نشر الوعي القانوني وتشكيل الهوية الوطنية وترسيخ المثل والقيم الرفيعة في المجتمع وجعله أكثر أمناً، وأن يلعب دوراً مهماً في حشد طاقات أبنائه خدمة للعدالة والوقاية من الجريمة. 

ويحضرني وصف أحد المفكرين لعمل الإعلامي بالقول: إن المحرر الذي يبحث عن الحقيقة من مصادرها الأصلية هو كالجندي الذي يسير في كتيبة الحق متقدماً الصفوف شاهراً سيفه ليصل إلى الحقيقة.

                                                                                                                                                                            أمل عبد الهادي مسعود

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.