تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

التعسف في استعمال حرية الرأي؟!!

مصدر الصورة
SNS



شهدت سورية في الآونة الأخيرة استباحة إعلامية لم تعرفها من قبل في ظل الأزمة الراهنة مما أحدث انقلاباً في المفاهيم والقيم التي كانت سائدة، والجميع في هذا الحراك السياسي والاجتماعي يعتبر نفسه ممارساً لحقه في حرية التعبير. تلك الحرية التي هي حقيقة ثابتة لا ينازع في سلطانها أحد والتي ترسخت على مرّ الزمن وبلغ من تقديس الفرد لها أن يفزعه أي تقلص ولو جزئي من ظلها إذ يراها له حقاً طبيعياً تتكفل بحمايته كل الدساتير وليس منة أو منحة من مشرّع أو سلطان.

ولقد تكرس هذا الحق في هذه المادة "الحادية عشرة" من إعلان حقوق الإنسان وهي المبادئ النظرية التي بُنيت على أساسها الثورة الفرنسية فقد جاء فيها: "إن حرية التعبير عن الأفكار والآراء هي أغلى ما للإنسان من حقوق". والحقيقة فإن الدستور السوري لم يخرج عن هذا الإطار في تكريس حرية التعبير. فهذا الحق مع قداسته، ومع ما يجب توافره من الحرص على كيانه لنبالة مبناه ومؤاده للجماعة كما للفرد، لا يمكن أن يطلق خالصاً من كل قيد؛ إذ أن إطلاقه وخلوه من أي قيد، يؤذي على نحوٍ ما يؤذي مساسه أو الطغيان عليه. لذلك يجب عند ممارسة هذا الحق ـ كما في كل الحقوق ـ استعماله فيما يحقق الغرض الذي من أجله أحيط بكل تلك الضمانات التي تكفله.

وهذا ما أكدته "المادة الثانية" من المرسوم التشريعي رقم /108/ لعام 2011 المتضمن قانون الإعلام والتي نصت على أن (الإعلام بوسائله كافة مستقل يؤدي رسالته بحرّية ولا يجوز تقييد حريته إلا وفقاً لأحكام الدستور والقانون). كما بيّن هذا القانون في "المادة الثالثة" منه القواعد الأساسية لممارسة العمل الإعلامي.

فقد رسم المشرّع القواعد التي من شأنها منع استخدام هذه الحرية في الإضرار في المصلحة العامة والخاصة من خلال بيان الحدود التي يباح فيها استعمال هذا الحق والجزاء على من يتجاوز تلك الحدود. وكان قانون العقوبات قد سبقه في تجريم ومعاقبة فعل السب والقذف ونشر الأخبار الكاذبة.

من هنا، فإن إساءة استعمال "حرية الرأي" تقوم عندما يحيد المرء بهذه الحرية عن مقاصدها الاجتماعية أو على الأخص إذا اقترن استعمالها بسوء نية، أو بنيّة الإضرار، الأمر الذي يوجب العقاب.

وقد حددت "المادة الثانية عشرة" من قانون الإعلام تلك المحظورات, وعليه فالحق كـ"مكنة قانونية" تهدف لمصلحة مشروعة وتخول صاحبها القيام بعمل، فإنها تفترضه إستجابة الطبائع البشرية. لذلك من المفروض أن يتم التوافق بين المصالح المتعددة كما يجب التوازن بين المطالب المتضاربة بمراعاة الثقة التي يجب أن يتبادلها الأفراد في المجتمع، وهي هنا ما تسمى في العُرف الصحفي بـ"ميثاق الشرف" فلا تكون حرية التعبير وسيلة لبث التفرقة وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية أو الإساءة إلى الهوية الوطنية والأديان والإضرار بالغير أو تحقيق مصالح غير مشروعة كله تحت مظلة حرية التعبير؛ فهنا يكون الإعلامي يكون قد أساء استخدام الحق أو تعسف في استعماله.

                                                                                                                 أمل عبد الهادي مسعود

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.