تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قمة مصرية ـ قبرصية ـ يونانية في القاهرة: تتجاوز عزل تركيا؟!

             فور تولّيه رئاسة الجمهورية في حزيران الماضي، لم يتوقف النشاط الديبلوماسي للرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكنّ لقاءه، أمس الأول، مع رئيس الوزراء اليوناني والرئيس القبرصي بدا مختلفاً عن مجمل نشاطه السابق.

للوهلة الأولى، بدت القمة المصرية ـ القبرصية ـ اليونانية خطوة مهمة على طريق عزل النظام التركي الذي أصبح خصماً لدوداً للنظام المصري، خصوصاً أن الدول الثلاث تجمعها خلافات واضحة مع الحكم في تركيا. وتاريخياً كانت مصر وقبرص واليونان تحت الحكم العثماني الذي يقدّم أردوغان نفسه وريثاً له.

وحديثاً، لا يزال الصراع على شطري قبرص نقطة النزاع الرئيسية بين قبرص وتركيا، والذي تنحاز فيه اليونان إلى الجانب القبرصي، بينما تعمّقت الخصومة بين حكم السيسي وأردوغان، ليس بسبب تحالف الأخير مع حكم «الإخوان» فحسب، ولكن مع إصراره على أن السيسي قائد «انقلاب» وليس رئيساً منتخباً، كما عبر مؤخراً في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولكن اللقاء الذي جمع دولتين من الاتحاد الأوروبي مع مصر لا يقف عن حدود الحشد ضد تركيا وعزلها، بل قد لا يكون ذلك أصلاً أهم نتائجه.

وأفادت تقرير في السفير أنه لا بد من الإشارة إلى أن الدول الثلاث تقع في الحوض الشرقي للبحر المتوسط الغنيّ بالغاز الطبيعي، ما يدفعها إلى التنسيق والتعاون لاستغلال الحقول النفطية، عبر ترسيم الحدود البحرية، وتحديد نطاق استغلال كل بلد. وفي ظل أزمة الطاقة التي تعاني منها مصر، تبدو الاستفادة من غاز المتوسط أحد أهم طرق مواجهة الأزمة.

التعاون الثلاثي سيشمل أيضاً الاستفادة من الثروة المعدنية في المنطقة وصيد الأسماك، ويسبق كل ذلك بالتأكيد التعاون في مواجهة الإرهاب، فالتنسيق بين شمال المتوسط وجنوبه سيكون ضرورياً في المرحلة الحالية لمنع تهريب الأموال والبشر إلى البقع الملتهبة في الشرق الأوسط. وبالرغم من أن القمة الثلاثية لا تعدو كونها لقاءً تنسيقياً، إلا أن وثيقة إعلان القاهرة الصادرة عنه قد تشكل أرضية لجذب عدد من الدول في المحيط الجغرافي لتدعيم التعاون كمقدمة لبناء تكتل جديد، وقد تكون دول مثل لبنان والأردن ومالطا وإيطاليا مرشحة بقوة للانضمام لهذا التكتل، من دون استبعاد سورية وليبيا بحسب تطور الأوضاع داخلهما.

وفي معرض تعليقه على القمة الثلاثية، يقول مساعد وزير الخارجية المصري الاسبق السفير معصوم المرزوق: «أظن أنها خطوة موفقة جداً لإعادة رسم الطريق للعلاقات الإقليمية المصرية، وبخاصة العلاقات بين مصر ودول حوض المتوسط». ويضيف المرزوق «لا ينبغي النظر إلى هذا اللقاء باعتباره مجرد خطوة في مواجهة تركيا، خصوصاً أن السياسة الخارجية المصرية بشكل عام لا تقبل سياسة المحاور والتكتلات»، لافتاً إلى أن «مشكلتنا ليست مع تركيا وإنما مع شخص أردوغان، علماً بأن هذه المشكلة ليست خاصة بنا فحسب، بل أصبحت مشكلة أردوغان مع الجميع، حتى أنه لم يتمكّن من الحصول على مقعد في مجلس الأمن نتيجة خصوماته مع الكثير من الدول، بينما كانت تكفيه في السابق أصوات الدول الإسلامية لحصول تركيا على هذا المقعد».

ويرى المرزوق أن فرصة التنسيق بين مصر واليونان وقبرص جيدة، خصوصاً بعد تراجع التكتل الذي قاده الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، والمعروف باسم «الاتحاد من أجل المتوسط».

ووفقاً للسفير، تأتي محاولة بناء أطر تنسيقية مع دول حوض المتوسط كخطوة مهمة في تنويع مرتكزات السياسة المصرية الخارجية والاستفادة من شبكة علاقات إقليمية متنوعة، خاصة مع الدول التي ربطتها علاقات قوية سابقة مع مصر. وختمت السفير انه وفي ظل أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، يبحث النظام المصري عن روافد جديدة لحل أزماته، ومن بين تلك الروافد إعادة بناء أولوياته الإقليمية، وتنويع تحالفاته الدولية. وفي الطريق إلى ذلك، فإنه يستفيد من التناقضات بين دول وكتل ليبني توازنات جديدة.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.