تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بوتين والسيسي يعزّزان التعاون الاقتصادي..!

 تحدثت النهار اللبنانية عن أنّ قرارات بزيادة التبادل الزراعي وإقامة منطقة تجارة حرة ومركز مصري لخدمات النقل اللوجستية على الساحل الروسي على البحر الأسود، إلى التعاون في مشروع تطوير قناة السويس وصفقة سلاح، هي عناوين ناجحة لقمة الرئيسين بوتين والمصري عبدالفتاح السيسي في سوتشي، وقت كان النظام المصري يتعرض لاتهامات من منظمة "هيومان رايتس ووتش" بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في فض اعتصامي جماعة "الإخوان المسلمين" في 14 آب 2013.

وقررت روسيا مد مصر بالقمح وزيادة وارداتها الزراعية منها. وأفاد السيسي أنه بحث مع بوتين في إقامة منطقة صناعية روسية في بلاده في إطار مشروع تطوير قناة السويس. وأوردت صحيفة فيدوموستي الاقتصادية الروسية أن موسكو والقاهرة تدرسان توقيع عقود أسلحة، بينها صواريخ باليستية، في صفقة تزيد قيمتها عن ثلاثة مليارات دولار.

وأبرزت صحيفة السفير: موسكو تستحضر أجواء الستينيات احتفاءً بالمشير: السيسي في روسيا: مصالح سياسية واقتصادية متبادلة. وذكرت أنّ زيارة الرئيس المصري الى موسكو، امس، بدت عملية أكثر منها ايديولوجية، فمصر اليوم ليست مصر الناصرية، كما أن روسيا لم تعد الاتحاد السوفياتي. وبرغم ذلك، فقد تمّ تقديم الزيارة بصورة تستدعي أجواء الستينيات، حيث صاحب سرب مقاتلات روسية الطائرة الرئاسية المصرية، في حين أُعد احتفال عسكري على ظهر إحدى قطع أسطول البحر الأسود، ما يعكس رغبة روسية في بناء تحالفات جديدة في مواجهة الأوضاع التي انتجتها أزمة أوكرانيا.

وإذ تتخذ زيارة السيسي لموسكو بعداً خاصاً بالنسبة إلى روسيا، فإن هذا البعد لا يقل أهمية بالنسبة إلى مصر، فبعد تعثر العلاقات بين مصر وكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقب الإطاحة بالرئيس "الإخواني" محمد مرسي، أصبحت القاهرة في أشدّ الحاجة لخلق توازن في علاقاتها الخارجية، وأن تجد متنفساً لها في الشرق تقلل به الضغوط التي تتعرض لها من الغرب. وفي هذا الإطار، قال السيسي، الذي استقبله بوتين في مقر إقامته في مدينة سوتشي الساحلية على البحر الاسود، إن "الشعب المصري كله يتابع باهتمام زيارتي لروسيا وينتظر تعاوناً قوياً بين بلدينا... واعتقد أننا سنحقق آمال الشعب المصري".

وأضافت السفير: علاوة على الجانب السياسي، فإن تردّد الولايات المتحدة في تقديم السلاح لمصر، وفي ظل التحديات التي تواجهها القاهرة بسبب تصاعد الإرهاب على حدودها الشرقية والغربية، يدفعها إلى البحث عن السلاح الروسي الذي حارب به الجيش المصري من قبل، فيما تتردّد معلومات - لم تتأكد بعد - عن استعداد السعودية والإمارات لتمويل صفقة سلاح روسية ضخمة لمصر، وهو ما ألمح إليه بوتين، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع السيسي، بالقول "نعمل على تطوير التعاون في مجال الأسلحة"، متحدثاً أيضاً عن "إمكانية إنشاء مركز لوجستي مصري على ساحل البحر الأسود"، و"مواصلة التعاون في مجال الفضاء".

وعلى الصعيد الاقتصادي، تمثل العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فرصة مؤاتية لفتح أسواق البلدين، اذ قال بوتين إن روسيا ستزوّد مصر بما لا يقل عن خمسة ملايين طن من القمح خلال العام الحالي، وستزيد وارداتها من السلع الزراعية المصرية، مشيراً إلى ان مباحثاته مع السيسي تناولت انشاء منطقة للتجارة الحرة مع الاتحاد الجمركي الذي تقوده موسكو والذي يضمّ أيضاً بيلاروسيا وكازاخستان.

وإذا كان للتعاون الاقتصادي بين مصر والاتحاد السوفياتي نتائج ملموسة في بناء الصناعات الثقيلة وصناعة السلاح في مصر، وتدريب الكوادر الفنية في مجالات مختلفة، فيبدو أن ثمة آفاقاً جديدة لهذا الشكل من التعاون، مع إعلان السيسي أنه ناقش مع بوتين إنشاء منطقة صناعية روسية في مصر في اطار مشروع تطوير قناة السويس. وفي مجال الطاقة، تتطلع مصر إلى بناء مفاعل الضبعة بمساعدة روسية، علماً بأن ثمة تجربة سابقة في التعاون النووي بين مصر والاتحاد السوفياتي نتج عنها مفاعل انشاص النووي للأبحاث. ويبدو ان التعاون بين البلدين سيشمل مصادر الطاقة التقليدية، خصوصاً أن مصر في حاجة إلى الغاز الروسي وللخبرات والاستثمارات الروسية في مجال التنقيب والاستخراج سواء في مجال النفط أو الغاز الطبيعي.

وعلى الصعيد السياسي، تأتي الزيارة في توقيت مهم، فروسيا لاعب دولي أساسي في الأزمة السورية، التي تحوّلت الى أزمة عابرة للحدود طارقة أبواب دول الخليج ومصر، مع بروز خطر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" – "داعش"، ناهيك عن الخطر "الجهادي" الآخر الآتي من ليبيا. وربما يكون تنسيق المواقف المصرية الروسية في القضايا الإقليمية سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا أو فلسطين ضروري للجانبين اليوم، فروسيا تعاني منذ مدة من تراجع وجودها في الشرق الأوسط، فيما تواجه مصر محاولات لتهميش دورها الإقليمي لمصلحة أطراف أخرى خاصة تركيا وقطر، تبدّت على سبيل المثال في استبعادها عن اللقاء الباريسي الذي ناقش العدوان الإسرائيلي على غزة.

وطبقاً للسفير: تلقى السيسي دعماً من بوتين في حربه على الإرهاب، حيث قال الرئيس الروسي إن "روسيا تشاطر مصر موقفها" إزاء هذا القضية، فيما ذهب السيسي أبعد من ذلك بقوله إن "هناك تطابقاً بيننا وبين روسيا حول القضايا الدولية".

وفي ما يتعلق بسوريا، شدّد الرئيس المصري على أهمية التفاوض والتنسيق في إطار تطبيق "جنيف2" ومساعدة سوريا للتوصل إلى حل سياسي يضع حداً لإراقة الدماء ويحقق طموحات الشعب السوري. وفي الشأن العراقي، قال السيسي "أكدنا مع بوتين حرصنا على حفظ وحدة العراق وسلامته الإقليمية وتصديه للإرهاب"، داعياً إلى "تشكيل حكومة توافق وطني جامعة وشاملة في العراق من دون إقصاء أي من الأطراف". وتابع "اتفقنا مع روسيا على ضرورة وحدة الأراضي الليبية وعدم التدخل الخارجي"، مشيراً إلى انه نسق مع بوتين سبل العمل على تسوية القضية الفلسطينية وفق المرجعية الدولية.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.