تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: مئات الضحايا والعدو يطلق الغزو البري باسم إنقاذ «التهدئة» المتعثرة!

 عادت معطيات الصراع إلى نقطة البداية، بعد أن تعرقلت المفاوضات الجارية في مصر من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار ينهي حرب «الجرف الصامد»، بعد عشرة أيام من إعلان إسرائيل عن بدئها.

واشتدت الغارات والقصف الإسرائيلي على غزة، في إطار ما أعلن أنه عملية برية، في حين ارتفعت وتيرة الاطلاقات الصاروخية الفلسطينية. وتميز يوم أمس بترافق الهدنة الإنسانية مع تعزيز «حماس» لاندفاعتها الهجومية ضد القوات الإسرائيلية سواء عبر هجوم النفق إلى كيبوتس صوفا، أو عبر إرسال طائرة استطلاع ثانية.

وفي حوالي الساعة العاشرة ليلا بدأت إسرائيل بالتمهيد المدفعي لما أعلن بعدها أنه عملية برية، أمر نتنياهو ووزير دفاعه موشي يعلون بتنفيذها. وقد حدد لهذه العملية هدف أولي، هو الأنفاق المحتمل وجودها على طول الحدود. ولذلك، وحسب التقديرات، فإن العملية تبدأ محدودة، لكن ليس هناك ما يحول دون أن تغدو متدحرجة، وتتمدد نحو المناطق المأهولة.

وأعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن قوات برية كبيرة «بدأت بعملية مركزة لإحباط البنى التحتية للإرهاب في قطاع غزة». وأضاف أن «الجيش شرع بتجسيد درجات عمل إضافية في سلم عمليات «الجرف الصامد»، وفي هذه المرحلة تعمل على أرض قطاع غزة قوات من سلاح المشاة والمدرعات والهندسة والمدفعية والاستخبارات، بالتعاون مع أذرع الجو والبحر وبالتعاون مع الشاباك وأجهزة الأمن الأخرى، بقيادة قيادة الجنوب. وتم الإعلان عن أن العملية «ستتواصل وفق تقديرات الوضع التي تجريها هيئة الأركان العامة»، لكنه أشار إلى أن الهجوم البري لا يهدف إلى الإطاحة بحركة «حماس». وأعلن الجيش الإسرائيلي ان الحكومة وافقت على طلبه تعبئة 18 ألفا من الجنود الاحتياطيين الإضافيين.

واعتبرت حماس أن الغزو البري الإسرائيلي لغزة «أحمق» وستكون له «عواقب مروعة». وقال المتحدث باسمها سامي أبو زهري إن «الهجوم البري لا يخيف قيادة حماس ولا الشعب الفلسطيني». وحذر نتنياهو من عواقب مروعة «لمثل هذا العمل الأحمق». وتوعدت الحركة إسرائيل «بدفع ثمن غال» جراء الغزو البري. وقال المتحدث الآخر باسمها فوزي برهوم انها «خطوة خطيرة وغير محسوبة العواقب، وسيدفع ثمنها الاحتلال غاليا، وحماس جاهزة للمواجهة». واعتبر أن هذه الخطوة «تأتي من أجل ترميم حكومة الاحتلال لمعنويات جنودها وقيادتها العسكرية المنهارة جراء ضربات المقاومة النوعية والمتواصلة».

وأفاد تقرير للسفير أنه ما إن تبين أن مفاوضات وقف إطلاق النار في القاهرة لم تفض إلى شيء، حتى ارتفعت وتيرة المواجهة ضمن معادلة جديدة: قصف تل أبيب مقابل كل قصف لغزة. وقد تزايدت وتيرة الصليات الصاروخية بقدر ما كان العدو يرفع من وتيرة غاراته الجوية والبحرية والبرية. وبعد انتهاء الهدنة بدأت البوارج البحرية من ناحية وبطاريات المدفعية في دك مكثف للمناطق الحدودية، خصوصا شرق وشمال مدينة غزة. وقاد ذلك إلى وقوع المزيد من الشهداء في بيوت أحياء الصبرة والشجاعية في غزة، فضلا عن الشهداء في خانيونس وبيت حانون ورفح. ويعتقد مراقبون أن هذه الجولة من القتال ترمي، من ناحية إسرائيل، لإجبار حركة «حماس» على قبول وقف إطلاق النار بالصيغة المطروحة، في حين تعني من ناحية «حماس»، رفض هذا المطلب والاستعداد للمواجهة.

ويشير معلقون إسرائيليون إلى أن جانبا من العزم الذي تبديه الحركة في هذه المواجهة يعود إلى إحساسها بتردد نتنياهو، ولذلك فإنهم يشددون على أن نتنياهو وقيادة الجيش، الذين كانوا يرفضون العملية البرية، قد يجدون أنفسهم مضطرين لخوضها. وفي نظر المعلقين فإن هذا إنجاز لحماس التي أفلحت في أن تجبر الجميع على اللعب وفق أجندتها، وليس أن تلعب هي وفق أجندتهم.

وأضافت السفير أنّ من المقرر أن يعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر صباح اليوم اجتماعا حاسما للبحث في أمر توسيع الرد الإسرائيلي وصولا إلى تنفيذ عملية برية ولو محدودة. ويأتي هذا الاجتماع في أعقاب عودة الفريق الإسرائيلي المفاوض من القاهرة في ظل تضارب أنباء حول التوصل إلى هدنة تبدأ صباح اليوم. إذ أبلغ مسؤول إسرائيلي وكالات أنباء أجنبية بالتوصل إلى اتفاق لوقف النار يسري ابتداء من صباح الجمعة. وبعد وقت قصير خرجت أصوات، خصوصا من «حماس»، لتشير إلى أنه ليس هناك اتفاق. وحينها أبلغ مسؤولون إسرائيليون وسائل الإعلام أن هناك تقدما، لكن لم يبرم اتفاق. وفي وقت لاحق تبين أنه ليس هناك اتفاق، وأن جل ما جرى هو تفاهمات بين المصريين والإسرائيليين وممثلي السلطة الفلسطينية.

وأوضحت السفير أنه وللمرة الأولى منذ بدأت المعركة، تتحدث مصادر سياسية إسرائيلية عن أن «حماس» لا تريد وقف إطلاق النار. وأعلن مسؤول إسرائيلي أن «إسرائيل توجد في ذات الوضع الذي كان. فقد أعلنا أننا مستعدون للهدوء، بعد ذلك وافقنا على الاقتراح المصري، ولكن الطرف الآخر لا يريد وقفا للنار. وحتى في وقف إطلاق النار أنت تحتاج إلى طرف ثان، لكن الطرف الثاني لا يريد سوى مواصلة القتال من أجل التوصل إلى نتيجة تعزز وجوده». وأضاف أن «إسرائيل من ناحيتها تريد تسوية يشارك فيها الرئيس عباس. وحاليا نحن على توافق تام مع مصر في هذا الشأن. حماس تضعنا في وضع لا مفر منه. المصريون لا يزالون داخل القصة، والأمر لم ينته، والمصريون يحاولون التقدم لكن الوضع غير متفائل».

واعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري انه كان بوسع حماس إنقاذ أرواح 40 فلسطينيا من سكان غزة لو أنها قبلت بوقف إطلاق النار الذي اقترحته مصر. واتهم قطر وتركيا وحماس بالتآمر لتقويض جهود مصر الرامية لوقف إطلاق النار.

ورغم الاتفاق، للمرة الأولى، على عقد «هدنة إنسانية» لمدة خمس ساعات صباح أمس، إلا أن وتيرة الصواريخ كانت الأكثف وبلغت خلال بضع ساعات بعد انتهاء الهدنة، أكثر من 105 صواريخ. وتقريبا مع انتهاء الهدنة عادت الغارات الإسرائيلية لتشتد في طول القطاع وعرضه موقعة المزيد من الضحايا، خصوصا الأطفال، في صفوف الفلسطينيين. وقد اقترب عدد الشهداء حتى مساء أمس من 240 شهيدا، فيما ارتفع عدد الجرحى الى اكثر من 1600.

وبحسب معلقين إسرائيليين فإن الوفد الإسرائيلي المفاوض، برئاسة رئيس «الشاباك» يورام كوهين، أبدى موافقته على بعض المطالب التي اعتقد المفاوضون المصريون أنها كافية لإقناع حماس بقبول وقف النار. لكن لا يبدو أن هذا كان كافيا، بل أنه أبرز نوعا من الصورة المغايرة التي تبين استمرار تجاهل الحركة في الاتصالات، على الأقل من جانب مصر.

وتابعت السفير أنه في ظل الضغوط الدولية، خصوصا الأميركية، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وبسبب الرغبة الإسرائيلية في هذا الوقف أيضا، فإن مأزق مفاوضات وقف إطلاق النار يهدد بتغيير المزاج العام. وقد حاولت واشنطن البحث عن مسار ناجح غير المسار المصري، وعلقت آمالا على القناة التركية والقطرية، لكن هذا المسار الذي تفضله حماس يصطدم برفض جوهري من كل من إسرائيل ومصر على حد سواء. وهذا يعني أن الأمور تتعقد وأن بعض الدول الضالعة في المفاوضات صارت تنادي باللامبالاة وترك الطرفين يسبحان في دماء بعضهما.

وفي المساء اعترفت إسرائيل بنجاح «كتائب القسام» في إطلاق طائرة من دون طيار إلى الأجواء الإسرائيلية، وأنه تم اسقاطها أيضا بواسطة بطاريات صواريخ «باتريوت» الأميركية قبالة عسقلان. ويقر الإسرائيليون بأن لدى «حماس» عددا من الطائرات من دون طيار، وأن إسقاط طائرتين من هذا النوع خلال أسبوع واحد لا يشكل مشكلة كبيرة. ويعتبر اعتراض بطارية «باتريوت» للمرة الثانية خلال أسبوع طائرة استطلاع تابعة للحركة هي المهمة العملياتية الوحيدة لهذه البطاريات منذ حرب العراق.  وأثارت عملية «صوفا» التي ادعى الجيش الإسرائيلي في البداية أنه قتل فيها 13 مقاتلا من «حماس» مخاوف شديدة في مستوطنات غلاف غزة. وبعد أن سخرت الدعاية الإسرائيلية من إعلان «كتائب القسام» بعودة كل مقاتليها إلى قواعدهم سالمين، وعرضت شريطا يظهر قصف طائرة لفوهة النفق، عادت عبر نشر شريط أطول لتظهر أن وقتا كافيا مر على دخول المقاتلين في النفق قبل أن تقصفهم.

وأقر المعلق الأمني في هآرتس أمير أورن أن «المفاجأة الكبرى التي أعدتها حماس للجيش الإسرائيلي كانت فكرية، مع معان عملياتية وهي تمثل نظرية الأمن وأنماط العمل الإسرائيلية. وصارت تتبنى نموذج الجيش الإسرائيلي: المبادرة، الضربة الأولى، نقل المعركة إلى أرض العدو مثلما حدث عشية عملية قادش (العام 1956) وحرب الأيام الستة، دفع الوضع إلى التدهور، التصعيد المقصود».

وختمت السفير بأنه طوال نهار أمس كان الجيش والشرطة الإسرائيلية ينتقلون من منطقة إلى أخرى للتأكد من عدم تسلل فلسطينيين عبر أنفاق إلى تلك المناطق. وأغلقت طرق الجنوب الفلسطيني القريبة من غزة مرارا وطلب من سكان المستوطنات البقاء في بيوتهم وإبداء الحذر. وتدلل هذه التحركات على الذعر الذي أصاب سكان مستوطنات غلاف غزة جراء الاعتقاد بنجاح المقاومة في حفر أنفاق تصل إلى مستوطناتهم.

وأبرزت صحيفة الأخبار: إسرائيل تفاوض بالنار.. عدوان بري برعاية القاهرة ومباركة رام الله. وأفادت أنه عدوان بري محدود أشبه بمحاولة مستميتة للضغط على المقاومة لتليين شروطها منه إلى اجتياح بالمعنى المألوف إسرائيلياً. خلاصة تؤكدها الوقائع الميدانية والسياسية. البداية كانت في المناورة الإسرائيلية التي تولّت القاهرة ورام الله ترجمتها، عبر العمل على الضغط على المقاومة لوقف النار والدخول في مفاوضات مع العدو خالية الوفاض. محاولة لم تبصر النور، بفعل الصمود الميداني للمقاومة الذي أجبر العدو، ومن معه، على القبول بصيغة التفاوض تحت النار. انتقلت الوفود، أبو مازن وإسرائيل والمقاومة، إلى القاهرة حيث تولى الوسيط المصري مهمة التنقل بينها. أجواء «إيجابية» سادت خلال النهار، جعلت الوفد الإسرائيلي يغادر لنقل شروط حماس والجهاد. استفرد أبو مازن والمصريون بوفد غزة، محاولين دفعه إلى القبول بالمبادرة المصرية، في وقت بدا فيه أن تل أبيب وجدت أن سقف المقاومة لا يزال مرتفعاً. صمود ميداني وسياسي ما كان ممكناً، إسرائيلياً، مواجهته إلا بارتقاء درجة في التصعيد، فكان أمر بعملية برية محدودة بأهداف متواضعة لعل وعسى....

وأوضحت الصحيفة أنّ الوفود الفلسطينية «المفاوضة» في القاهرة، تنافح أكثر من محور في المواجهة السياسية؛ المحور الأول هو فلسطيني ويمثله خط التسوية السياسي، وعلى رأس هرمه محمود عباس الذي بكل تأكيد لا يخفي أنه يعارض إعطاء إنجازات ملموسة على يد غريمته حماس. والخط الثاني في المواجهة هو بين حماس ومصر السيسي، وإن حادت عنه بعض الفصائل فإن تأثيره واضح ويجعل من القاهرة في أحسن أحوالها ناقلاً لما تسلمه الوفود أكثر من كونها وسيطاً. أما الوجهة الثالثة فهي الأنظمة العربية والإسلامية التي تنقسم إلى قسمين: الأول متمثل في قطر وتركيا الداعمتين لغالبية مطالب حماس، ومن بعيد إيران التي بادر أمس رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إلى الاتصال برئيس مكتبها السياسي خالد مشعل بمجرد إعلان إسرائيل الحرب البرية. لكن القسم الثاني المتمثل في غالبية الدول العربية، إن لم يكن على الحياد، فهو مع إتمام حصار غزة بل طحنها، إلى حدّ صارت فيه محامياً عن المطالب الإسرائيلية، ما دعا قيادياً في حركة الجهاد الإسلامي إلى وصف المشهد بالقول أمس إن «الأنظمة العربية باعت غزة».

وعنونت صحيفة الحياة: الهدنة تنتظر حل عقدة حصار غزة. وأفادت أنّ القاهرة تشهد مفاوضات مكثفة للتوصل إلى صيغة معدّلة من المبادرة المصرية للتهدئة في قطاع غزة، وسط تفاؤل بأن اتفاق وقف النار بات قاب قوسين أو أدنى، على رغم البلبلة التي أحدثها إعلان إسرائيلي عن التوصل إلى هدنة شاملة، ثم نفيه سريعاً. وحسب مصادر حماس، فإن اتفاق التهدئة بانتظار حلحلة عقدة إنهاء الحصار الإسرائيلي عن القطاع وفتح المعابر نهائياً.

ووصفت مصادر فلسطينية(لم تحددها الحياة) أجواء المفاوضات في القاهرة بأنها «إيجابية»، مشيرة إلى حصول «تقدم في بعض النقاط». وأضافت أن المفاوضات مستمرة في شأن رفع الحصار الإسرائيلي على القطاع، موضحة أن إسرائيل طرحت إدخال تسهيلات جديدة، فيما تطالب الفصائل برفع الحصار كاملاً ونهائياً. وأوضحت أن «وضع معبر رفح ما زال قيد البحث»، مشيرة إلى «احتمال التوصل إلى اتفاق على اقتراح يقضي بإدارة المعبر من جانب حرس الرئيس عباس، إضافة إلى انتشار قوات من الحرس الرئاسي على طول خط الحدود مع مصر البالغ طوله 14 كيلومتراً، وهو مطلب مصري أساساً».

واتصل جون كيري بنظيره المصري سامح شكري أمس وأعرب له دعمه المبادرة المصرية. كما أعلن الرئيس فرانسوا هولاند أن وزير خارجيته لوران فابيوس سيزور مصر وإسرائيل اليوم.

وذكرت الحياة، أنه في تطور لافت، أعلنت «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا) أنها عثرت، للمرة الأولى، خلال تفتيش اعتيادي لمبانيها على صواريخ مخبأة في مدرسة فارغة تابعة لها في قطاع غزة. ونددت بهذا «الانتهاك الصارخ»، مشيرة إلى أن هذا الحادث يعرّض مهمتها الحيوية إلى الخطر.

بدورها، أبرزت النهار اللبنانية: نتنياهو أمر الجيش الاسرائيلي باجتياح غزة وحماس تحذّر من "عواقب مروّعة" للعملية. وأفادت أنه بعد عشرة أيام من القصف الجوي والبري والبحري احيانا لقطاع غزة ومن الاستعدادات والحشود المدرعة واستدعاء نحو 48 الف جندي احتياط وعدم نجاح الجهود الديبلوماسية لوقف النار، أمر نتنياهو ووزير الدفاع موشي يعالون الجيش الاسرائيلي باجتياح بري لبعض مناطق قطاع غزة شمالها (بيت حانون وبيت لاهيا) وجنوبها (رفح و خان يونس) والوسط لقطع أوصال القطاع واستفراد كل منطقة تعتقد اسرائيل انها مركز لاطلاق الصواريخ أو مواقع أنفاق لشن هجمات على اسرائيل ومواقعها العسكرية. وحتى منتصف ليل أمس لم تتقدم أي قوات اسرائيلية مدرعة داخل القطاع مع ان عمليات القصف الجوي والبري للقطاع تكثفت بعد صدور الأمر.

واتهم وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان حكومتي تركيا وقطر بالضغط على حماس لرفض المبادرة المصرية لوقف النار وذلك من أجل ترويج نفسهما وسيطين في الصراع.

ورأت افتتاحية الوطن العمانية أنه لا يصح أن يخرج هذا الكيان المستخف بحياة البشر والقائم على الإرهاب والقتل والوحشية رابحًا من هذا العدوان الإرهابي على قطاع غزة، وهذا ما يجب أن يعمل عليه الفلسطينيون الشرفاء الذين قدموا كل غالٍ ورخيص دفاعًا عن كرامتهم وعرضهم وأرضهم وشرفهم، فالأمن والهدوء والاستقرار والعيش الكريم ليس خاصًّا بكيان الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين، وإنما هو حق لكل الشعوب إن الشعوب العربية التي جرى تجييشها ضد أنظمتها تحت شعار “الربيع العربي” مطلوب منها أن تجيش نفسها ضد هذا العدو ولنصرة إخوتهم في غزة، لصنع الربيع العربي الحقيقي وليس الربيع الصهيو ـ غربي.

وفي الوطن أيضاً، اعتبر  جواد البشيتي أنّ غزة قد تعيد خلط الأوراق! وأوضح انّ ما جَدَّ الآن، حيث شنَّت إسرائيل حربها الثالثة على القطاع، هو الرَّدْع (العسكري) الفلسطيني؛ فصواريخ قوى المقاوَمة، وعلى الرغم من نظام القُبَّة الحديدية الدفاعي الصاروخي الإسرائيلي، يستطيع قسم كبير منها أنْ يَضْرب مواقع ومناطق ومُدُنا إسرائيلية، بعضها يَقَع في الشمال الإسرائيلي، وعلى مقربة من حدود إسرائيل مع لبنان. هذه الصواريخ يمكنها أنْ تَفْرِض على الإسرائيليين نمط عيش يومي لم يألفوه، من قبل، ويَصْعُب عليهم احتماله، أو التَّكيُّف معه؛ ولا يبقى لدى جيشهم، من ثمَّ، من خيار إلاَّ ما يَفوق هذه الحالة سوءًا في عواقبه عليهم؛ وهذا الخيار هو التمادي في حربهم الوحشية المدمِّرة على قطاع غزة، والتي قد تخالطها معارك برية ضارية يتكبَّد فيها الجيش الإسرائيلي خسائر بشرية جسيمة (قتلى وجرحى وأسرى). ولا شكَّ في أنَّ اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية، في موازاة هذا الصراع بالحديد والنار، سيُخْرِج الصراع برمته عن السيطرة.

بالمقابل، اعتبرت راغدة درغام في الحياة أنه ليس سراً أن قطر وتركيا مقربتان جداً من «حماس» التي تحكم فعلياً في غزة وأن علاقة الأطراف الثلاثة مع مصر في عهد الرئيس السيسي متوترة، إن لم تكن في حالة عداء.. إيران حليف لحماس وتمدّها بالصواريخ لأنها تعتبرها ورقة مهمة في استراتيجية «المقاومة للمزايدة» على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس كما على القيادات العربية الأخرى. وإيران تلتقي مع قطر وتركيا في الرغبة بقطع الطريق على استعادة مصر الدور الإقليمي القيادي وأي ما يؤهلها لإعادة الوزن العربي إلى موازين القوى الإقليمية. إسرائيل أيضاً تلتقي مع إيران وتركيا في رغبتهما باستبعاد الوزن العربي عن موازين القوى الإقليمية، وبالتالي إنها لا تريد لمصر أن تصيغ لنفسها القدرة على قيادة عربية وإقليمية فوق العادة. ما جدّ على المبادرة المصرية لوقف النار بين إسرائيل وحماس والتفاوض في شأن غزة على ضوء رفض حماس والجهاد الإسلامي بالتأكيد له أسباب تتعلق بإسرائيل وآلتها العسكرية التي قتلت أكثر من مئتي مدني. إنما هناك أيضاً أسباب عائدة إلى المحاور والتنافس على التموضع ليس في موازين القوى التقليدي فحسب وإنما عبر النفوذ مع التنظيمات المتطرفة كالشق العسكري من حماس والجهاد الإسلامي.

واعتبرت الكاتبة أنّ إسرائيل وحماس واقعتان في مأزق مهما بدا لهما أنهما تحققان انتصاراً ما. فما بعد تدمير إسرائيل آلاف الصواريخ وقتل المئات، يبقى لدى حماس آلاف أخرى من الصواريخ ولن يتم تدمير شعب غزة كله. وما بعد تباهي حماس بانتصارات وهمية في تحديها جبروت الآلة العسكرية الإسرائيلية، تبقى إسرائيل قوة عسكرية كبرى قادرة على تدمير البنية التحتية في غزة إلى جانب تدمير نصف ترسانة الصواريخ التي تملكها حماس. مأزق إسرائيل إذن هو أنها تحتاج «حماس» للحؤول دون وصول أمثال «داعش» إلى عتبة دارها. حماس من جهتها قدمت ذخيرة إلى حكومة نتنياهو وإلى قوى اليمين المتطرف الإسرائيلي بشقه السياسي والاستيطاني والعسكري. ولعل ما تريده حماس أكثر ما تريده هو إجبار مصر على فتح معبر «رفح» كي يصلها مختلف أنواع المعونات، بالذات تلك التي تصل عبر أكياس من الدولارات. ولكنّ مصر لا تريد لإسرائيل أن تنجح في رمي قطاع غزة في أحضانها، ولا تريد لحماس أن تنجح في فرض فتح معبر رفح عليها لتستغله حماس وإيران ومن يريد استغلال الفرصة لإحراج مصر وجرّها إلى إجراءات لا تريد القيام بها. وختمت الكاتبة: غزة تدفع الثمن، كالعادة، وها هي عرضة للانتقام الإسرائيلي وتلقين الدروس بدماء أبنائها فيما قياداتها تتحدى جدلاً بلا استراتيجية خروج واضحة.

وفي الخليج الإماراتية، تساءل محمد نور الدين: هل تقف تركيا فعلاً إلى جانب غزة؟ لافتاُ إلى أنّ الزخم الأكبر للعلاقات التركية الإسرائيلية بلغ ذروته في عهد حزب العدالة والتنمية. واليوم مع العدوان الجديد على غزة يدرك أردوغان أن تنديده بالعدوان "الإسرائيلي" ليس سوى صراخ وهمي ولا يمكن أن يخفي حقيقة: أن العلاقات التجارية بين البلدين بلغت ذروتها في العام الماضي، لتصل إلى أقصى ارتفاع لها وهو خمسة مليارات دولار؛ أن تركيا استبدلت الطريق البري إلى الخليج عبر سوريا والعراق بإرسال شاحناتها عبر ناقلات بحرية إلى إسرائيل ومنه عبر الطريق البري إلى الأردن فالخليج؛ أن نفط كردستان العراق يصدر إلى تركيا عبر اتفاقيات غير شرعية ومن دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد، ولم تجد تركيا سوى إسرائيل مشترياً له في تواطوء ثلاثي، تركي- إسرائيلي- كردستاني؛ منظومة الدرع الصاروخية الأطلسية في تركيا عملت بالتنسيق مع نظام القبة الحديدية في إسرائيل لرصد الصواريخ الفلسطينية المنطلقة من غزة وإسقاط البعض منها. والسؤال: في ظل هذه العلاقات والتنسيق الثنائي مع إسرائيل هل يوجد بعد عاقل يمكن أن يصدق أن حكومة حزب العدالة والتنمية تقف جادة إلى جانب القضية الفلسطينية؟

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.