تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الخليج الإماراتية: نحو توازن جديد للقوة في الشرق الأوسط!!

 في مقاله: نحو توازن جديد للقوة في الشرق الأوسط، في الخليج الإماراتية، اعتبر جميل مطر أن قطاع الأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية يمر بمرحلة شديدة الحساسية والتعقيد. وأوضح انّ دليله هو هذه اللافتات العديدة عن تغييرات في الأفكار الأساسية والأساليب. لا اعتقد أن عهداً آخر تعددت لافتاته عن سياساته الخارجية والدفاعية كما تعددت في عهد أوباما... اللافتات عديدة ومتناقضة، ولكن يجب الاعتراف بأن بين هذه اللافتات جميعاً يمر خط تكاد تراه العين المجردة، خط مستقر ومستمر ينبئ عن نية راسخة لدى أوباما تسعى إلى تقليص الاعتماد على القوة الصلبة، وبخاصة العسكرية، لمصلحة الاعتماد على القوة الناعمة، وبخاصة الدبلوماسية والعلاقات الاقتصادية، لتحقيق الأهداف الأمريكية، وبخاصة الأهداف المتعلقة بالأمن القومي وحماية المصالح الحقوقية .

وتابع مطر: يهمني في هذا الصدد ما اعتقد أنه يتصل بنية أوباما في تحرير الولايات المتحدة من روابط وقيود تحالفاتها التقليدية، إذ لا يخفى أن بعض هذه التحالفات صار عبئاً على أمريكا، وسيكون عبئاً أثقل إذا استقرت نيتها على تبديل أولوياتها القومية. المثال الأبرز أمامنا هو النمط التقليدي للتحالف مع دول غرب أوروبا. هذا النمط لم يعد صالحاً أو فاعلاً في ظروف تغيرت فيها إمكانات الدولة القائد للحلف. مرة بعد أخرى تثبت أوروبا أنها غير قادرة على تحمل القدر الأكبر من المسؤولية فتسهم في تخفيض أعباء الولايات المتحدة، ولا شك أن الأمر تحول الى معضلة والمعضلة تزداد تعقيدا. إذ يدرك أوباما خطورة انفلات سباق تسلح في أوروبا، وفى الوقت نفسه يعرف، حق المعرفة، أن أمريكا وحدها لن تتحمل طويلا مسؤولية الدفاع عن أوروبا.

وأردف مطر: أظن أن أوباما أدرك أيضاً أن حلفاء أمريكا التقليديين في الشرق الأوسط خذلوها، أو على الأقل خيبوا أملها. خذلوها عندما تركوا الشرق الأوسط ينزلق نحو أزمة لعلها الأخطر في تاريخ المنطقة منذ الحرب العالمية الأولى. ولاشك أن أحدا لن يعفي واشنطن من مسؤولية هذا الانزلاق... الآن، لم يعد ممكناً الاستمرار في إدارة صراعات الشرق الأوسط والتخطيط لمستقبله في ظل الاعتقاد بضرورة وجود هذا التفوق "الإسرائيلي المطلق". إذ دخلت ساحات الصراع شرق الأوسطي كل من إيران وتركيا ودخلها كذلك لاعبون من خارج النظام الرسمي الإقليمي والدولي. هؤلاء اللاعبون الجدد يشاركون، رغم أنف دول الإقليم في بناء نظام إقليمي جديد، كل بطريقته وكل بطائفته أو مذهبه، وأغلبهم ليسوا من حلفاء أمريكا التقليديين. لا يحتاج الوضع في الشرق الأوسط، بحالته الراهنة، إلى جهد كثير لإقناع صانعي السياسة في المنطقة وأوروبا والصين بأن نمط توازن القوى الذى صاغته أمريكا وحافظت عليه لمدة ستين عاماً أو ما يزيد، لم يعد صالحاً لتحقيق استقرار في الشرق الأوسط، أو لإدارة نظام أمن إقليمي.

وأوضح مطر: ورثت واشنطن عن بريطانيا عقيدة الاعتماد على الأغلبية السنية في الشرق الأوسط لضمان الاستقرار السياسي والإقليمي. وبالفعل كان الاعتماد على السنة شبه مطلق، وكذلك كان دعمها لهم ليحتفظوا بميزان القوة الإقليمي وداخل كل دولة لمصلحتهم. الآن، وبعد مقدمات لم تكن خافية، اكتشفت واشنطن أن توازن القوى في الشرق الأوسط على هذا النحو يكشف عن خلل رهيب. في أعقاب هذا الاكتشاف راحت السياسة الأمريكية تسعى لتغيير بعض الثوابت، والتدخل لتعديل توازن القوى بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط، وانشغلت جهات عديدة وعقول وفيرة بالبحث عن نظام جديد لأمن الشرق الأوسط يقوم على "توازن جديد للقوى الطائفية". لذلك لا أستبعد أن تحدث عملية فرز شبيهة بعمليات الفرز التي جرت بشكل أو بآخر في ثورات الربيع العربي، وبعضها مستمر الآن مدفوعا بقوى الإسلام المسلح .

ولفت الكاتب إلى أنّ كلاً من دافيد ريمينيك في مجلة نيويوركر في كانونالثاني 2013 وجيفري غولدبرغ في موقع بلومبرغ نيوزن نقلا، في آذار 2014 عن الرئيس أوباما قوله أن هدفه من إقامة وضع متوازن بين الحلفاء التقليديين كالسعودية وإسرائيل من ناحية وإيران من ناحية أخرى هو تشييد نظام أمن إقليمي يضمن مصالح أمريكا ويخفف من خطورة الصراع المذهبي. على ضوء هذه النية، اذهب مع ما ذهب إليه معلقون آخرون إلى الاعتقاد أن الصراع على سوريا قد يكون جزءا من هذه الصورة الأشمل. لقد اعتقد حلفاء أمريكا التقليديون في الشرق الأوسط أن أوباما اخطأ حين رفض إسقاط بشار الأسد، لأنه برفضه اسقاطه أضاع فرصة عظيمة لفرض الانكسار على إيران. المخطئ هنا في ظني، ليس أوباما بل أصدقاء أمريكا الذين فهموا خطأ أن أوباما يسعى لانكسار إيران، هؤلاء لم يدركوا بعد أن أمريكا تسعى منذ فترة غير قصيرة لبناء توازن جديد للقوى المذهبية في الشرق الأوسط، ولا يفيدها في هذا المشروع أن تكون إيران منكسرة .

وتساءل الكاتب: هل حان وقت الاعتراف بأننا في الشرق الأوسط، وربما لأول مرة، نعرف معرفة أفضل حقيقة توازنات القوة في المنطقة؟ لقد اشتركت عوامل متعددة في الآونة الأخيرة في دفعنا في اتجاه هذا الفهم الأفضل لنظام توازن القوى في الشرق الأوسط، منها أن أمريكا أبدت علناً الرغبة في الانسحاب من الشرق الأوسط، ومنها أنها كشفت عن حالة ضعف نسبي حين تعاملت بشكل غير مألوف مع روسيا ومع الصين ومع قوى الإرهاب المسلح، ومنها أن أمريكا بدت حريصة كل الحرص على أن تصل مباحثاتها مع إيران إلى نجاح، رافضة الضغوط السعودية والإسرائيلية. منها أيضاً أن إسرائيل تبدو هذه الأيام في موقف لا تحسد عليه في المجتمع الدولي، ويبدو تأثيرها في صانع القرار الأمريكي أضعف من أي وقت مضى. من هذه العوامل أيضاً أن أمريكا، أو على الأقل إدارة أوباما، ظهرت غير واثقة من أفضلية الاستمرار في المحافظة على سايكس بيكو أساساً لخريطة المنطقة في المستقبل كما كانت في الماضي، مع تعديلات طفيفة هنا وهناك، أو الخضوع لضغوط التقسيم هنا والتجميع هناك. ولا شك أن تصريح نائب الرئيس جو بايدين مشجعاً التقسيم أضاف سبباً جديداً إلى أسباب القلق السائد في مواقع صنع السياسة في العواصم العربية. وختم الكاتب بالقول: كثيرة هي العوامل التي دفعتنا للسعي نحو فهم أفضل لحال توازن القوى في الشرق الأوسط. يتصدرها من وجهة نظري عاملان قيمتهما المعنوية أعلت من شأنهما، أولهما أن الأسد مازال في موقعه، وثانيهما أن العراق على الطريق لإقامة توازن جديد للقوى المذهبية في داخله، إن بالتقسيم أو بتعاقدات جديدة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.