تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بين ام جوزيف والعكيد ابو شهاب

مصدر الصورة
SNS

  يقولون في المثل الشامي "كل شي زاد عن حده نقص" خطر في بالي هذا المثل وأنا أتابع التعليقات على مسلسل »باب الحارة» وتساءلت هل ينطبق هذا المثل على »باب الحارة»؟ الذي ابتدأ عام 2006 م ولا نعلم متى سينتهي.؟ شخصيات محورية تختفي من المسلسل لأسباب لا نعلم حقيقتها، وقيل إنها أسباب شخصية وليس لها علاقة بالعمل فـ»باب الحارة» فصّل على مقاس بعض الممثلين، وتم إلباس ثوب فلان لفلان.. وبقيت شخصيتا العكيد أبو شهاب، وحلاق الحارة أبو عصام محور العمل على الرغم من غيابهما أو تغييبهما عن الجزء الرابع!

 
مسلسل باب الحارة عمل درامي لا غبار عليه، حقق أكبر قدر من المشاهدين، ولكنه في الوقت نفسه لم يستطع أن يمنح المصداقية للمشاهدين.. وأعتقد أن »أم جوزيف» كانت أحد أهم الثغرات في »باب الحارة».
 
من أم عبد الله إلى أم جوزيف
يبدو أن النجاح الذي أصاب »باب الحارة» أفقد القيمين عليه صوابهم »ما عادوا شافوا بعيونهم»، الفنانة القديرة منى واصف في الجزء الثاني من المسلسل قدمت شخصية العرّافة »البصارة» أم عبد الله العالمة بالأمور والموجهة لسلوك بعض الناس في حارة «الضبع» ومن ثم تأتي في الجزء الرابع لتقدم شخصية أم جوزيف، السيدة الشامية التي تعمل على نقل الرسائل بين أطراف الحارات الشامية المحاصرة، جراء ثورتها على وجود الاستعمار الفرنسي في البلاد.
فهل غفل القيمون على المسلسل عن ذلك.؟ ولا أعتقد أن مثلهم يغفل ذلك، ويبدو أن الاستخفاف بالمشاهد هو الذي دفعهم لإسناد دور أم جوزيف لفنانتنا الكبيرة، لأنها الأجدر دائما، والأكثر جماهيرية. ولكن كيف يمكن إقناع المشاهد بتحوّل منى واصف من مشعوذة إلى «أم جوزيف» التي تساعد رجال المقاومة.؟ وكيف يمكن للمشاهد السكوت عن تصرفات أم جوزيف.؟ فهل لأنها أم جوزيف يحق لها أن تشعل السيجارة وتدخن مثل نساء هذه الأيام في الوقت الذي لم نشاهد رجلاً يدخن في »باب الحارة» فما المغزى من ذلك.؟ والحديث عن التدخين يقودني لقصة كانت تروى في عائلتنا، مفادها أن إحدى جداتنا تقدم لخطبتها أحد أعيان القوم آنذاك وهو من المدخنين وتمت كل مراسم الخطبة والزواج وأصبحت جدتنا في بيت زوجها، وفي اليوم الأول لهما دخل الزوج على الزوجة فشاهدها والسيجارة في يدها فصعق من هذا المنظر وطلب منها رمي السيجارة على الأرض فوراً، فما كان من الزوجة إلا أن بادلته بالكلام، كيف أنت تدخن وتمنع ذلك عني.؟ وأيضاً هل كان السفور »نصف سافرة الشعر» هو صفة أم جوزيف وطائفتها.؟ أم كان يتعدى طائفتها.؟ وإنني أتذكر الكثير من النساء في ذلك العصر كن كما يقال »سافرات» ولم يكّن من طائفة دينية واحدة، ولدي عشرات الصور تعود إلى نساء ذلك العصر وهن سافرات، يخرجن في المظاهرات ويتعرضن للسجن، أو يحضرن حفلات عامة ويمارسن مهنة الأدب والفكر.. صحيح أن النساء في ذلك العصر قد يشبهن نساء »باب الحارة» في بعض الجوانب ولكن لم يكنّ كنساء باب الحارة. ومن ناحية أخرى لماذا أم جوزيف دائما في عتاب»من عيار ثقيل» ومزح، بل في صراخ وشتم وقدح في وجوه المستعمر وأهل الحارة فهل لأنها أم جوزيف وليست أم محمد.؟ فليس من المستحسن أن تظهر شخصية أم جوزيف بهذا »السبور» ولا يظهر هذا السبور في شخصية أخرى. وأتساءل لماذا هذه المبالغة في التركيز على الانتماء الديني لأم جوزيف؟ فالكل يعلم هذا التسامح الديني التي تنعم به سورية منذ أقدم العصور والكل يعلم أن سورية مهد المسيحية والإسلام، منها انطلقت الدعوة المسيحية إلى أوروبا عن طريق القديس بولس ومنها كان الأباطرة السوريون.. من كاراكلا وإيلاغابال إلى فيليب العربي، ومنها كان باباوات روما من«القديس أنيست Anicet من حمص، ويوحنا الخامس، والقديس جورجيوس الأول وغريغوريوس الثالث وتيودور الأول، إلى أسقف أنطاكية أغناطيوس الانطاكي وغيرهم كثيرون من الرهبان السوريين الذين ملؤوا أكثر من معبد ودير في تلة آفانتيان Aventin طوال العصور الوسطى».
وأيضاً من دمشق انطلقت الفتوحات العربية الإسلامية إلى بلاد الإسبان غرباً وسور الصين شرقاً وبلاد الروس والصقالبة البلغار شمالاً ومجاهل إفريقيا جنوباً. في أرض سورية كل العرب موجودون، بدياناتهم المختلفة، بمذاهبهم المتعددة، بإثنياتهم المتنوعة في موقع القرار أو من عامة الشعب كان ولم يزل منهم رئيس الحكومة أو البرلمان، قائد الدرك أو الشرطة، الوزير أو الخفير، لكل منهم موقعه في سورية بشرط الانتماء لمدرسة الوطن وإتقانه فن حب الوطن... وبالتالي ليس من المفيد التركيز على الانتماء الديني لأي شخصية كانت لأن ذلك من مسلمات الأمور لدينا. »باب الحارة» أظهر أم جوزيف بصورة مختلفة عن غيرها من النساء، فنساء حارة الضبع وغيرها من الحارات لا يدخن ولا يتحركن سافرات الرأس، وصوتهن لا يسمعه الغرباء إلا في الشديد القوي بينما أم جوزيف خرقت العديد من المعايير والأسس التي تعيشها »باب الحارة»، وظهرت بصورة أقرب إلى الهمجية وعدم اللباقة في التعامل.
 
العكيد بطل المسلسل
رغم غياب أو تغييب العكيد أبو شهاب عن »باب الحارة» فقد بقي في الجزء الرابع من المسلسل هو البطل الحقيقي لـ»باب الحارة» فلم يغب من الحلقة الأولى إلى الحلقة الأخيرة عن المشاهد فالعكيد موجود مع المتابع للمسلسل على لسان زوجته أم شهاب التي كادت تموت حزناً على غيابه، أو مع شقيقته ومعتز وأبو حاتم وأبو كاسم... وقيل الكثير عن غياب أبو شهاب وأن هنالك خلافات كبيرة بين المخرج وسامر المصري أدت إلى هذا الغياب، ولكن المخرج لم يستطع الخروج من عباءة أبو شهاب، وطيف العكيد سيطر على خيوط »باب الحارة»، وقال بعض الخبثاء إن بسام الملا كان يقصد ذلك، محتفظاً بخط الرجعة إلى الجزء الخامس أو الجزء العشرين؟ لأن أحداً ما لا يعرف متى تنتهي أجزاء باب الحارة، فهي ابتدأت عام 2006 ولم يحدد بعد في أي عام سوف تنتهي.؟ وما دمنا تحدثنا عما يقولون خارج الكواليس، فهنالك نكتة يتداولها بعضهم مفادها أنه لا يجوز أن تظهر البنت أكبر من أمها والحديث هنا عن أم شهاب وأم حاتم؟
                                                                                  

                                                                                                          نقلا عن صحيفة الوطن السورية

 
 
 
 
 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.