تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عون: سأتنحّى خلال 6 أشهر

قرر النائب ميشال عون ترك رئاسة التيار الوطني الحر. بدا الحديث الجدي لأول مرة بينه وبين القياديين والكوادر على ضرورة تحويل التيار الى مؤسسة. التغيير بدا في بعض الهيئات واللجان. أما على مستوى القيادة، فالدخان الأبيض سيطلع خلال 6 أشهر

كان أحد القادة في الجيش اللبناني المقرّب جداً من النائب ميشال عون يردد دائماً «نريد أن نكون عونيين من دون عون». لم يقلها كرهاً منه لشخص العماد، بل لأنه مثل كثر في التيار الوطني الحر يرغبون في أن يبنوا مؤسسة تبقى وتستمر، بغض النظر عمن يكون على رأسها.

منذ اليوم الذي وقف فيه عون على شرفة القصر الجمهوري في بعبدا، رافعاً يديه الى العلى، محيياً الجماهير الزاحفة الى «قصر الشعب» تبايعه الولاء والشرعية، ولدت تلك الحالة التي سميت «العونيين»، وأخذ الناس يرددون: «ما منترك عون وما منرضى بدالو». بقيت هذه الحلقة تتسع وتكبر، بالرغم من المضايقات الكثيرة التي واجهتها. كثر ركبوا الطائرة ليلحقوا به الى فرنسا، حيث نفي لخمسة عشر عاماً. آخرون ناضلوا في وطنهم وعلى طريقتهم. لم يصب هؤلاء داء الانقسام والخلافات التي أصابت تيار المستقبل بعد هجرة رئيسه سعد الدين الحريري، بل جمعتهم القضية. بقيت هذه الموجة تتضخم حتى تحولت الى تسونامي جارفة في دربها الأخضر واليابس في أيار 2005 «يوم العودة والتغيير». خاض التيار أول انتخابات نيابية بنجاح، فاستطاع أن يفرض نفسه محاوراً أساسياً في الداخل. في السنين التالية، بدأت الهزات تضرب هذا الجسد. كان في كل مرة يحاول أن يلتقط ما سقط منه، بيد أن الخسائر أصبحت كثيرة، أما أصعبها فهو المناكفات داخل البيت الواحد. البعض انكفأ في منزله بعدما «سلم سلاحه». والبعض الآخر حرد لعدم توليه المنصب الذي يطمح إليه. لم يعد أحد يحترم هيبة هذا الجسم، وأبسط مثال على ذلك عدم الالتزام بالنظام الداخلي أو ما عرف بـ «الكتاب البرتقالي»، ومن بنوده انتخاب المسؤولين والهيئات المحلية. ساءت الأمور إلى حد وصف وضع التيار بـ «الجسد المبتور الأعضاء ولا شيء يعمل فيه إلا الرأس». هذه الأمور جعلت الناس يتساءلون عما سيكون عليه وضع التيار بعد غياب عون عنه؟ من سيخلفه؟ هل سيتفق النواب والكوادر وأبناء عون على هذا الشخص؟

منذ قرابة الشهرين، بدا موضوع رئاسة التيار يستحوذ على أولويات العماد. لم يكن أحد على علم بذلك إلا من يحيطون به دائماً في الرابية الذين يتلقّفون أحاديثه وهم يمرّون من غرفة الى أخرى. استغل عون اللقاء الأسبوعي الذي يعقده كل يوم سبت في الرابية للكوادر المخوّلة الحديث في الإعلام لبحث هذا الأمر. كانت «المرة الأولى التي يطرح فيها عون على المحازبين موضوع استمرارية التيار من بعده»، استناداً الى أحد المشاركين في اللقاء. طلب منهم غربلة الأسماء: لن أبقى رئيساً للتيار. وخلال ستة أشهر، يجب اختيار من ترونه الأكفأ والأقدر على تأمين استمرارية التيار». لم يحدد الوسيلة التي ستعتمد: الانتخاب أو التعيين. كما أنه لم يسمّ أحداً. يضيف القيادي العوني: «إن الجنرال مقتنع بأن تسليم الأمانة لخلفه وهو موجود أفضل، منعاً لأي نزاعات على السلطة». كما أن التوقيت الحالي هو الأفضل «بسبب عدم وجود ملفات داخلية داهمة تشغل بال القوى السياسية. هل في التوقيت أيضاً تحضير لترشح عون الى رئاسة الجمهورية؟ ينفي القيادي ذلك: «لقد أعلن لنا أنه غير مرشح هذه المرة، فهو مقتنع أكثر من قبل بصعوبة الدرب». لم يعلّق أحد من المشاركين في الاجتماع: ناجي الحايك، بسام الهاشم، روجيه عازار، سليم عون، ماريو عون، طوني نصر الله، غابي جبرايل وجورج ياسمين. جميعهم أيّدوا رغبة عمادهم.

يعلّق أحد حاضري اللقاء على ما جرى فيه بالقول إنه «يجب بناء جهاز مركزي يعيش مع الجنرال لفترة، يتشرب طريقة تفكيره، ويتعلم القيادة منه ليصار بعدها الى أن يفرز أبناء عون من بينهم شخصاً يكون قادراً على قيادة السفينة». يبرر الأمر بأن «الناس التزموا شخص عون، فالذي أعطيَ له لم ينله أحد آخر، فلا يطمح أحد إلى خلافته». يؤكد المصدر أن رأي الجنرال أساسي، «ولكن يجب أن نعود إلى النظام الداخلي إذا ما أردنا تغيير الرئيس».

عوّد عون الإعلام والمقرّبين منه على عدم الإفصاح عن جميع خططه. هي ربما شخصيته العسكرية التي لا تزال طاغية. لا أحد يعرف حقيقة دافعه الى تغيير رئيس ونائب رئيس التيار في غضون ستة أشهر، لكن الأكيد أن هذه الخطوة لن تكون يتيمة. فهو قد بدأ فعلاً مرحلة تغيير بعض اللجان والهيئات في التيار، حلّ لجنة الانتخابات التي كان يرأسها طوني مخيبر. ومنعاً لأي إشكاليات إعلامية، حل بالتزامن لجنة البلديات برئاسة مالك أبي نادر. غيّر منسق الكورة جورج عطا الله. وفي جبيل، استقال المنسق، غير الحاضر أصلاً، غابريال عبود، إلا أن الأمر لم يعلن بعد. أما في الشوف، فقد عاد عون عن قرار حل هيئة الشوف برئاسة غسان عطا الله. في التيار اليوم، ثمة من يجزم بأن المحاولة الحالية لمأسسة التيار تمهيداً لتنحي عون لن تكون كسابقاتها. «هذه المرة، الجنرال جدي للغاية».

 

ليا القزي

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.