تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

اسباب تراجع السلطة عن اعتماد تقريرغولدستون

مصدر الصورة
SNS

أثار قرار تأجيل طرح تقرير ريتشارد جولدستون، حول الجرائم التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية في عدوانها على قطاع غزة أواخر العام المنصرم وتوقف في 16 كانون الثاني من العام الجاري، على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، موجة عارمة من السخط على السلطة الوطنية الفلسطينية، ونعت معظم الفصائل والقيادات هذا التصرف بشتى أنواع النعوت والصفات، وتحاول السلطة تبرير موقفها، عبر نسبه إلى رغبة بعض الدول العربية وبعض الدول الصديقة في هذا التأجيل؟

 
والسؤال المطروح: ما هي الأسباب التي أجبرت السلطة الفلسطينية على ارتكاب مثل هذا الخطأ الجسيم؟
هناك نوعان من الأسباب: الأول أسباب معلنة ومعروفة، والنوع الثاني يتمثل في الأسباب "المخفية" و"السرية جداً". فالأسباب المعلنة هي رغبة اميركا في عدم عرقلة جهودها لإجبار إسرائيل على العودة إلى طاولة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، وكذلك على وقف أو تقليص البناء في المستوطنات في الضفة الغربية، وأن الرئيس اوباما معني ألا تكون هناك عوائق أمام جهوده تأخذ منها اسرائيل ذريعة للهروب من مطالبه. وكذلك من الأسباب المعلنة أن العديد من الدول طلبت من السلطة عدم تعكير الأجواء، واعطاء الفرصة للمسيرة السلمية كي تسير للأمام، وكي تحظى السلطة بمزيد من الدعم المعنوي والمالي من الدول المانحة، وتم طلب تأجيل الموضوع لا التخلي عنه، وهذا يعني إعطاء المسيرة السلمية فرصة ستة أشهر للتقدم إلى الأمام.
 
أما الأسباب المخفية فتكمن في ممارسة اسرائيل ضغوطات على السلطة الفلسطينية عبر التهديد في عدة جوانب منها:-
1.    تهديد بالعودة إلى أسلوب الحصار وتضييق الخناق على السلطة الفلسطينية، ومنها وقف تزويد السلطة الفلسطينية بالأموال التي تجمع من الضرائب وهي تزيد عن 50 مليون دولار شهرياً..
2.    التهديد بسحب الامتيازات الممنوحة لكبار المسؤولين الفلسطينيين للتنقل والسفر بحرية في المناطق وعبر الحواجز، ومنها سحب بطاقات شخصية مهمة (VIP).
3.    التهديد بوقف التنسيق الامني الثنائي، وبالتالي خلق "مشاكل" أمنية للسلطة، ووضع كبار المسؤولين في دائرة الخطر، إذ أن السلطة – كما يقول الاسرائيليون – تحميها "البنادق الاسرائيلية"، لأن السلطة ضعيفة، وليست لها أي شعبية أو دعم من الجماهير الفلسطينية.
4.    التهديد بقطع أوجه التعاون الاقتصادي إذ أن مسؤولين كبار في السلطة "شركاء" مع الاسرائيليين في العديد من النشاطات والفعاليات الاقتصادية والتجارية، وكذلك التهديد بالتأثير على شبكة الاتصالات الفلسطينية التي تدر دخلاً جيداً للعديد من كبار مساهميها المسؤولين في السلطة.
5.    قيام وزير الدفاع ايهود براك، وعبر الضباط والجنود والقادة العاملين في الميدان في الضفة، وعلى اتصال دائم مع مسؤولي السلطة، بإبلاغ السلطة الفلسطينية بأن الضباط الاسرائيليين لن يقدموا لوحدهم للقضاء الدولي إذ أنهم سيقولون أمام العالم – مع تقديم وثائق وبيّنات وأشرطة تسجيل وتصوير – بأن ما فعلوه هو قانوني وتلبية لرغبة وبالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية التي أرادت من اسرائيل الاطاحة بحماس في قطاع غزة، أو العمل على إضعافها قدر الامكان. هذا التهديد أرعب العديد من القيادات السياسية والعسكرية في السلطة، فآثروا على تقديم اقتراح بتأجيل طرح تقرير جولدستون لستة شهور، وعدم تصعيد الأوضاع، وإظهار حسن نوايا تجاه اسرائيل، وابقاء الحال على ما هو عليه..
 
أما ما يلفت النظر في هذا الموضوع، وخاصة ردود الفعل المختلفة عليه، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حاول التهرب من مسؤولية قرار التأجيل إذ شكل لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات موضوع تأجيل القرار فيما يتعلق بتقرير جولدستون، ويعكس قراره بتشكيل لجنة تحقيق أحد أمرين: اما أن عباس ضعيف لا يعرف ما يجري حوله، أو أنه يحاول أن يضع اللوم على الآخرين ليتهرب من مسؤولية قراره علماً أنه ليس خارج الصورة بتاتاً، وعلى اطلاع كامل بالوضع.
هناك من يتهم رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض بالوقوف وراء التأجيل، وهذا لم يثبت بصورة واضحة مع أن فياض ليس بعيداً عن الأمر، وهو مسؤول عن وزارة الخارجية التي هي من تتابع ممثليها ومندوبيها في الخارج، وهي على اتصال بهم، كما أن وزير الخارجية رياض المالكي هو أحد "مناصري" فياض المطيعين لرغباته. وممثل السلطة في جنيف ابراهيم خريشة قالها وبصوت عالٍ وصريح أنه قدم طلب التأجيل بناءً على مشاورات مع المسؤولين الفلسطينيين، ولم يكن ذلك قراراً نابعاً منه بتاتاً، بل ملبياً لتعليمات ورغبات "المسؤولين عنه في السلطة".
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.