تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عدم شرعية الطلعات الجوية الأمريكية في الأجواء السورية

مصدر الصورة
SNS


 

تناقلت وسائل الاعلام التصريحات الامريكية بشأن نية الولايات المتحدة الامريكية تنفيذ طلعات استكشافية في الأجواء السورية ودون التنسيق مع الدولة السورية في هذا الشأن، الأمر الذي استدعى من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الرّد على هذه التصريحات بالقول إنها في حال حدوثها سوف تشكّل انتهاكاً فاضحا للقرار 2170 وللمواثيق الدولية. وهذا الكلام دقيق للغاية من الناحية القانونية، فاتفاقية شيكاغو للعام 1944 التي نظمت الملاحة الجوية الدولية وأقرت الحريات الخمس في الملاحة والعبور، انطلقت من مبدأ أساسي وهو احترام سيادة الأجواء الوطنية وهذا المبدأ يمنح الدولة المعتدى عليها حق اتخاذ إجراءات ضد الطائرات الأجنبية التي تجتاز أجوائها دون أذن مسبق، ويكون من حق الدولة المعتدى على أجوائها ملاحقة الطائرة المعتدية وإجبارها على الهبوط في أراضيها وممارسة صلاحياتها الإدارية والقضائية عليها وعلى ركابها، ويحق لها أيضا تدميرها في الجو.  

فالدولة المعتدى عليها تستطيع إذن اللجوء الى كافة الوسائل المتاحة لمواجهة عمليات خرق أجوائها، ولكن يجري في التعامل الدولي التمييز بين انتهاك ترتكبه طائرة أجنبية مدنية وآخر تقترفه طائرة أجنبية عسكرية. وتؤكد القاعدة العامة في القانون الجوي الدولي المعاصر بأنه لا يحق استخدام القوة لإسقاط الطائرة المدنية المخالفة أو تدميرها في الجو وذلك حفاظاً على الأرواح البشرية، وإن تكن هذه المخالفة تعدياً على السيادة المطلقة للدولة التي خرقت أجوائها.

أما القاعدة العامة بخصوص خرق الطائرات الحربية الأجواء الوطنية، فهي أنه لا يجوز لطائرة عسكرية أجنبية اختراق أجواء دولة ما إلا بإذن مسبق. وباستطاعة الدولة المعتدى عليها في مثل هذه الحالات أن تفاضل بين عدة مواقف تتراوح بين تجاهل الطائرة المعتدية (مع أن ذلك يعدّ تهاوناً في شأن السيادة الوطنية) وممارسة الصلاحيات الإدارية والقضائية (في حال هبوط الطائرة المخالفة في إقليمها)، وإكراه تلك الطائرة على مغادرة أجوائها الوطنية (بمطاردتها وإطلاق النار عليها ترهيباً)، وإسقاطها أو تدميرها في الجو والأمثلة متعددة والمواقف والحلول متباينة.

وبالتالي فإن الدولة السورية لديها كافة الخيارات في الرد على العدوان الأمريكي ـ إن حصل ـ على الأجواء الوطنية السورية، ودون أن تكون قد ارتكبت أية مخالفة للقانون الدولي والمواثيق الدولية. وقد طبقت سورية هذه القواعد فيما سبق عندما أرادت إسرائيل في الثمانينات من القرن الماضي التشبه بأسيادها واستخدام الطيران الحربي دون طيار للتجسس على الأراضي السورية إلا أنها اضطرت الى الاقلاع عن هذه المغامرات الفاشلة عندما أسقطت قوات الدفاع الجوي السوري هذه الطائرات في عام 1981.

ويبقى السؤال بعد هذا الوضوح في أحكام القانون الدولي: هل ستتقيد الولايات المتحدة الامريكية وشركائها الغربيون بالمواثيق الدولية والقرار 2170 والعمل على تنفيذه وفق مقتضيات حسن النية التي تحكم كافة العقود والمواثيق الدولية، أم أنها سوف ترفض الالتزام بها؟ وفي حال عدم الالتزام، ما هي التدابير المتوافرة لدى المجتمع الدولي لإرغامها على الالتزام بالقانون الدولي واحترام سيادة الدول؟

إن محاضر اجتماعات المنظمات الدولية وفي مقدمتها اجتماعات منظمة الطيران المدني تحفل بالعجز عن اتخاذ أية تدابير، وقد سبق لها أن تقدمت باقتراحات لفرض عقوبات، ولكن تبين أن ذلك ليس من صلاحياتها. فمجلس الأمن الدولي هو وحده القادر على فرض عقوبات ضد الدول. ونعلم جميعاً أن حق النقض الممنوح للدول الخمس الكبرى يحول ـ في معظم الأحيان ـ دون اتخاذ عقوبات ضد الدول التي تخالف أحكام الاتفاقيات الدولية. وسجل المجلس والولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا حافل بالشواهد في خرق الميثاق وعدم احترام قواعد القانون الدولي والالتزام به. وحال ليبيا والعراق والبوسنة وأفغانستان والصومال يشهد كيف أنه تم استغلال قرارات مجلس الأمن تحت مبدأ التدخل الإنساني، وكيف انتهى الحال بحقوق الانسان في هذه الدول.      


 

 

 

 

    

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.